للمرة الأولى، شعرت الممثلة الفلسطينية هيام عباس بعدم الارتياح أمام الكاميرا، إذ لم يطلب منها في وثائقي بعنوان "باي باي طبريا" أخرجته ابنتها الفرنسية - الجزائرية لينا سوالم، ويبدأ عرضه في فرنسا، الأربعاء، أن تؤدي دوراً، بل أن تروي قصتها ومأساة عائلتها التي مزقها التهجير جراء النكبة الفلسطينية عام 1948.
وتخرج الممثلة البالغة 63 سنة، والتي شاركت في المسلسل الأميركي الناجح "ساكسيشن"، من الأجواء الهوليوودية، لتؤدي دور البطولة في الفيلم الوثائقي الشخصي "باي باي طبريا"، وتقول "عندما بدأنا بتصوير الفيلم، تساءلت في قرارة نفسي ماذا سأقول وما الذي لن أقوله؟".
وعرض الفيلم الذي يتخذ من النكبة الفلسطينية وقيام دولة إسرائيل عام 1948 نقطة بداية، في مهرجانات عدة بينها مهرجان تورونتو السينمائي الدولي، قبل أن يبدأ عرضه في مطلع ديسمبر (كانون الأول) عبر arte.tv.
وفي الولايات المتحدة، عرض في نيويورك ولوس أنجليس خلال يناير (كانون الثاني). ومن المقرر طرحه في سان فرانسيسكو في مارس (آذار).
مخاوف وارتياح
وسرعان ما تحولت مخاوف هيام عباس إلى "ارتياح"، وتقول "كثيراً ما حلمت بتخليد والدتي وجدتي من خلال قصتهما وتاريخهما وكفاحهما كامرأتين". وتضيف "كنت أشعر في كل مرة أن ثمة ما يمنعني" من ذلك "لأنني لم أصنع فيلماً وثائقياً من قبل، ولأنه بدا لي من الصعب الخوض في هذه القصة الشخصية جداً، والتي أشكل وريثتها الأولى"، ولكنها لم تتردد في أن ترويها في فيلم لكريمتها التي سبق أن أنجزت فيلماً وثائقياً عن أصولها الأبوية الجزائرية. وتقول "أشعر أن لينا وضعتني أمام مسؤولية، فبات عليَّ رواية قصة العائلة".
وتتمثل هذه القصة في تفكك عائلة اضطرت إلى مغادرة قريتها عام 1948 واستكمال حياتها في مكان آخر، مع توجه بعض أفرادها إلى سوريا.
ولدت هيام عباس عام 1960 في قرية دير حنا الإسرائيلية، ورافقها خلال نشأتها شعور خانق، بسبب البيئة التقليدية التي تتحدر منها والأجواء السياسية. وتقول "كنا نعاني عدم ارتياح"، وهو شعور مرتبط بكونها تعتبر "عربية إسرائيلية"، وهي تسمية كثيراً ما رفضتها لأنها "تنفي أن الأمور معقدة". وتضيف "كان الأمر كما لو أن علينا محو هويتنا (كفلسطينيين) حتى نتمكن من الاندماج في عالم سياسي جديد".
وبعد أن كانت تشعر بـ"اضطراب" لجأت إلى الكتابة والشعر، وعندما كانت طفلة، كانت تدرك أن رحيلها سيكون طوعياً، ودرست التصوير الفوتوغرافي وعملت في المسرح قبل أن تسافر إلى إنجلترا ثم فرنسا.
"إلى اللقاء"
تقول هيام "في لحظة ما قلت للأشخاص الذين يحيطون بي (إلى اللقاء) قررت أن أبداً التحكم بحياتي، هذا لا يعني أنني لا أحبكم، ولا يعني أنني سأغادركم بصورة دائمة، لكنني ذاهبة". ثم بدأت مسيرة مهنية وصلت إلى العالمية. وفي عام 2004، عملت مع المخرج المكسيكي أليخاندرو إيناريتو لتوجيه الممثلين في فيلم "بابل"، ثم أنجزت المهمة نفسها مع فيلم "ميونيخ" لستيفن سبيلبيرغ. وأدت أيضاً أدوار نساء قويات في أعمال عربية. وفي عام 2020 أدت دور البطولة في الفيلم الكوميدي الدرامي "غزة مونامور" للأخوين ناصر، والذي تدور أحداثه في الأراضي الفلسطينية، حيث تستمر الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس".
وتعلق الممثلة على هذه الحرب بالدعوة إلى "وقف هذه الحرب"، مؤكدة أنها تؤمن بالسلام.
وتشير لينا سوالم إلى أهمية "أن نكون قادرين على رواية قصصنا من خلال كلماتنا الخاصة".