خاص – النقار
بينما بات ينظر بعض العرب المناصرين للقضية الفلسطينية العادلة إلى جماعة "أنصار الله" باعتبارها "دولة يمنية رائعة" تقول إنها تنصر فلسطين بالقول والفعل، تصر الجماعة نفسها على نفي ذلك، إذ تتمسك بالتصرف كتنظيم عصابي لا دولة.
لاحق قائد قوات التدخل السريع التابع لأنصار الله "أبو طارق النهمي" ومرافقوه، عدداً من المطلوبين أمنياً بينهم مواطن يدعى "صدام الطويل" وشقيقه، بتهمة قتل آخر يدعى "نصر محمد الجبري"، وما حدث يمكن تلخيصه في أن "الطويل" خرج عن القانون وقام بجريمة قتل، أما "دولة الجماعة" فخرجت عن منطق الدولة وعن القوانين والأعراف، بل وحتى عن مفاهيمهم ومعتقداتهم التي يعرضونها حصرياً عبر أخلاق "المسيرة القرآنية" المجتزأة من روح عَلَم الهُدى.
بعد وصول حملة "النهمي"، أو "حميدتي أنصار الله في إب"، إلى قرية "المشاعبة"، حدثت الاشتباكات ليُقتل النهمي وثلاثة من مرافقيه، ويُقتل صدام الطويل وشقيقه، وإلى هنا لا تنتهي القصص مع أنصار الله.
فالجماعة، بعد مقتل القيادي النهمي، أبت كالعادة إلا أن تمارس هوايتها التي يعرفها اليمنيون، إذ قدَّر الله -وما شاء فعل- أن تملك الجماعة "السلطة" و"النفوذ" لتمنح نفسها حق "الهَضْربة" وترويع الأهالي في كل مكان. في هذه القرية مارست الجماعة ممارساتها الانتقامية بحق الأهالي، وفجرت منزل أسرة "الطويل" الذي لن تكتفي الجماعة بسقوطه بالطبع، إذ لابد من نسف بيت الأسرة وجذورها، واختطاف عدد من أقاربه.
بحق الله ما الذي فعله هذا البيت الريفي لتنسفه الجماعة؟ إن افترضنا أن لدى الجماعة المبرر الكافي لإنهاء الطويل، فقد انتهى وشقيقه بالفعل، فما شأن جذور الأسرة لتجرؤ الجماعة على سحقها؟ هل يهدد البيت أركان نظام الحكم الحوثي بتحوله إلى جبهة يوماً ما؟ أم أن انقلاباً قريباً سيتم الإعلان عنه من على سطح هذا البيت؟ ألا ترى الجماعة أنها تجعل من "الطويل" طويل عمر بعد مقتله؟
لقد تعذر على اليمنيين مخاطبة "الحكمة" في الجماعة فهي دون كل حكمة، وتعذر عليهم مخاطبة "القَبْيلة" إذ هي جماعة مجرّدة منها، وتعذر عليهم مخاطبة "الدولة" لأن هذا ضحك على الذقون وانخراط مبتذل في كذبة القرن، فما الذي نخاطبه في أنصار الله بعد؟ أي جماعة هذه التي تكوي بأحقادها الناس وتضيف إلى مآسيهم -التي صنعتها الجماعة بنفسها- ما لا يطاق؟ من يُخرج أهل الوطن من جحيمهم ويرد أهل الجحيم إلى وطنهم؟