أعادت الولايات المتحدة، الأربعاء، إدراج حركة أنصار الله، على قائمة الجماعات "الإرهابية"، وذلك في أحدث محاولة من جانب واشنطن لوقف الهجمات التي تشنها الجماعة، على مسار الشحن الدولي في البحر الأحمر.
وتسببت هجمات أنصار الله في تعطيل التجارة العالمية، وأثارت القلق من التضخم، وعمقت المخاوف من أن تؤدي تداعيات الحرب بين إسرائيل وحماس إلى زعزعة استقرار الشرق الأوسط.
وقال مسؤولون أميركيون إن تصنيف أنصار الله على أنها جماعة "إرهابية عالمية محددة بشكل خاص" يهدف إلى قطع التمويل والأسلحة التي استخدمتها لمهاجمة أو خطف السفن في ممرات الشحن الحيوية في البحر الأحمر.
وأكد البيت الأبيض في بيان أن الخطوة جاءت "ردا على التهديدات والهجمات المستمرة التي يشنها الحوثيون".
وأضاف البيان أن "هذا التصنيف يعد أداة مهمة لعرقلة تمويل العمليات الإرهابية للحوثيين، وزيادة تقييد وصولهم إلى الأسواق المالية، ومحاسبتهم على أفعالهم".
ومن المقرر أن يدخل الإجراء حيز التنفيذ بعد 30 يوما أي في الـ16 من الشهر المقبل لأسباب إنسانية تتعلق بإيصال المسعدات للشعب اليمني، وفقا للبيان.
البيان أكد أن الأجراء لن يؤثر على المساعدات الإنسانية والشحنات التجارية القادمة إلى الموانئ اليمنية التي يعتمد عليها الشعب اليمني في الغذاء والدواء والوقود.
كذلك لفت البيان إلى أن الولايات المتحدة قد تعيد النظر في تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، في حال أوقفوا هجماتهم في البحر الأحمر وخليج عدن.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إنه "يجب محاسبة الحوثيين على أفعالهم، لكن لا ينبغي أن يكون ذلك على حساب المدنيين اليمنيين".
وأضاف أن "تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية يسعى إلى تعزيز المحاسبة على أنشطتها الإرهابية".
ماذا يعني ذلك؟
أزالت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أنصار الله من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية في الولايات المتحدة في فبراير 2021، بعد أسابيع من إدراجها ضمن هذه القائمة في الأيام الأخيرة من عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
وفي ذلك الوقت، قال بلينكن إن القرار كان مدفوعا بمخاوف من أنه قد يعرض للخطر القدرة على تقديم المساعدات اللازمة للشعب اليمني.
ووفقا لوكالة أسوشيتد برس فإن إعادة تصنيف "الحوثيين" كمنظمة إرهابية في الولايات المتحدة لن يتضمن عقوبات على تقديم "الدعم المادي" ولا حظر السفر وبالتالي لن يشكل عائقا كبيرا أمام تقديم المساعدات للمدنيين اليمنيين.
ويهدف التصنيف إلى منح وزارة الخزانة يدا أوسع لإصدار العقوبات والإشارة إلى الحكومات الأجنبية الأخرى أو الأشخاص أو الشركات بأنها قد تفقد إمكانية الوصول إلى النظام المالي الأميركي، إذا خالفت العقوبات.
ويعكس الإجراء أيضا جهدا دقيقا من قبل الولايات المتحدة لتحقيق التوازن، الذي يحمي تدفق المساعدات الإنسانية التي يحتاجها بشدة الشعب اليمني، الذي عانى من المجاعة والمرض والنزوح خلال أكثر من عقد من الحرب الأهلية بعد أن استولى الحوثيون على صنعاء في سبتمبر 2014.
الهجمات في البحر الأحمر
تختلف آراء المحللين والخبراء بشأن مدى فعالية الخطوة وما إذا كانت ستساعد على كبح جماح أنصار الله والحد من هجماتهم على الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن.
يقول ديف هاردن، وهو مسؤول كبير سابق في وزارة الخارجية خدم في إدارتي ترامب وأوباما، لصحيفة "بوليتيكو" إن "تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية يمكن أن يشجع الحوثيين، ويجعلهم يعتقدون أن تكتيكاتهم في مهاجمة السفن نجحت إلى حد ما".
ويضيف أن "الحوثيين لا يهمهم أنهم منظمة إرهابية أجنبية بموجب القانون الأميركي، بل على الأرجح سيحبون ذلك".
ويؤكد هاردن أن "الحوثيين لا يتعاملون مع البنوك ولا يتسوقون ولا يسافرون ولا يشاركون في الاقتصاد الغربي.. إنهم ليسوا مثل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على سبيل المثال، فهؤلاء لا يؤثر عليهم ذلك، بل وسيعتبرنه وسام شرف لهم".
وتعليقا على الخطوة الأميركية قال المتحدث باسم أنصار الله محمد عبد السلام لرويترز، الأربعاء، إن إجراء الولايات المتحدة ضد المجموعة اليمنية لن يؤثر على عملياتها في البحر الأحمر.
وأكد أن العمليات "ستستمر في البحر الأحمر لمنع السفن الإسرائيلية والمتجهة إلى إسرائيل من المرور عبر البحر الأحمر والبحر العربي وباب المندب".
لكن رئيس مركز القرن العربي للدراسات السعودي، سعد بن عمر، يرى أن "العقوبات مهمة في إطار تجفيف الأموال التي تصل للحوثيين، التي بدورها تسهم في استمرار آلة الحرب الحوثية."
ويضيف بن عمر في حديثه لموقع "الحرة" أن "هناك بنوكا في تركيا وإيران ودول أخرى تحول الأموال للحوثيين، وبالتالي فإن فرض العقوبات عليهم سيؤثر على مصادر تمويلهم وقدراتهم العسكرية".
ويلفت بن عمر إلى أن "الحد من هجمات الحوثيين يعتمد بالدرجة الأولى على مدى جدية واشنطن في التعامل معهم".
"وحتى الآن لا توجد أي ضربات مؤثرة عليهم تستهدف مثلا ميناء الحديدة أو مناطق انطلاق الصواريخ، بل هي مقتصرة فقط على ضرب مواقع في الصحراء ومطارات سبق أن استهدفت وبالتالي لا اعتقد ان النتائج ستكون مؤثرة"، وفقا لبن عمر.