من "مجرم قاتل" مراهق إلى قيادي مجاهد برتبة عسكرية ولقب مشيخ ومخصصات وأطقم عسكرية مرافقة. هكذا تحتفي سلطة أنصار الله بأمثال غزوان المخلافي فقط لأنهم قتلة، في الوقت الذي تضيق الخناق على شخصيات دافعت عنهم بكل ما أوتيت من قوة وحضور سياسي أمثال محمد المقالح وفيصل أمين أبوراس وأحمد سيف حاشد.
مفارقة ليست بالغريبة طالما أنه لم يعد في المشهد سوى أولئك الذين استطاعوا الوصول عبر سلم التملق والنفاق. فصالح هبرة أصبح مرتدا كما ارتد أبو ذر وأصبح منفيا كما نفي أبو ذر، فيما أحمد حامد ورشيد أبو لحوم وأمثالهما أصبحوا هم المؤمنين الخلص وهم الذين يمنحون صكوك الإيمان والغفران للبقية، هكذا يقول قيادات ومقاتلو حركة أنصار الله وهم يرون ما يسمونه انحرافا صارخا في مسيرتهم القرآنية.
غزوان المخلافي يصبح في وقت من الأوقات، وتحديدا قبل شهر من الآن، حديث الساعة لدى سلطة صنعاء. فبعد مغازلات ولقاءات من العيار الثقيل أخفها مع سلطان السامعي، يترك هذا الغر -كما يصفه كثيرون- طبيعة عمله كبلطجي من الدرجة الثالثة يسرق اسطوانات الغاز في المدينة المنكوبة تعز ويسطو على هذه الأرضية أو تلك، ثم يخرج من هناك كمجاهد أنصاري من الدرجة الأولى. ينطلق موكبه الذي تم تهيئته من قبل أنصار الله في منطقة الحوبان باتجاه إب فذمار فصنعاء، تؤدى له التحايا في النقاط بكل احتفاء مشيرين له بأن "اعبر يا ولي الله"، فيواصل طريقه بابتسامة سخية من أسنانه الكالحة كتعزي أصيل، آخذا نفسا عميقا من دخان سيجارته لينفثه على الزجاج الأمامي لطقمه مخففا به من برودة الجو وقد لسعته في نقطة نقيل يسلح، البوابة الجنوبية للعاصمة صنعاء، دون أن ينسى الالتفات وراءه مطمئنا على سلامة موكبه. قد يعبر للسائق عن انزعاجه من اتصالات محمد علي العماد ورسائله المتوالية مُرحّباً بقدومه ومنتظراً على أحر من الجمر متى يشرف قناته "الفذة" فيحظى بلقاء سيكون بمثابة خبطة صحفية قبل أن يسبقه إليها عابد المهذري. يشير إليه السائق بأن يهتم بمتابعة رقم عمليات رئاسة الجمهورية المشغول على الدوام ومعرفة أي فندق سيستضيف غزوان والوفد المرافق له في العاصمة صنعاء، بعد أن يصلوا إلى قبر الصماد وقراءة الفاتحة والتقاط صورة تذكارية من على صهوة أحد الخيول الرابضة هناك. فأمثال غزوان مرحب بهم لدى سلطة صنعاء، لدرجة أن المشاط قد يكلف مدير مكتبه أو يذهب هو شخصيا للاحتفاء بغزوان المخلافي ومنحه مكافأة مجزية ورتبة عسكرية جهادية تليق بمكانته كمراهق غر بدرجة قاتل.
إنه زمن الاحتفاء بالقتلة، حيث يظهر غزوان في قناة الهوية العمادية لابسا الشال الفلسطيني مع مذيع يطلق عليه الشيخ غزوان ويسأله عن القضية الفلسطينية كما لو أنه يتحدث مع مقاوم قادم للتو من معركة طوفان الأقصى وقد نفذ عملية نوعية ضد الصهاينة في سديروت أو عسقلان فعاد قافلا إلى صنعاء، وليس مع قاطع طريق وخريج سجون وبلطجي في عصابة الإخواني صادق سرحان بتعز يسرق اسطوانات الغاز ويتهبش على أراضي المواطنين ويقتلهم بدم بارد.