أيدت محكمة استئناف في ستوكهولم الثلاثاء الحكم المؤبد الصادر بحق المسؤول الإيراني السابق حميد نوري لضلوعه في عمليات إعدام جماعية بحق سجناء أمرت بها طهران عام 1988.
وأعلنت محكمة الاستئناف في بيان أنها "تؤكد الحكم الصادر عن محكمة البداية" الذي قضى بعقوبة السجن المؤبد بحق نوري "بتهمة ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي وجرائم قتل".
ونقل البيان عن قاضي محكمة الاستئناف روبرت غرين قوله إن القضية "متينة ومقنعة عموما وكانت محكمة البداية على حق في استنتاجها أن اتهامات الادعاء كانت مدعومة بأدلة إلى حد كبير".
وقد يترك القرار تداعيات على مصير سجناء سويديين في ايران خصوصا الدبلوماسي التابع للاتحاد الأوروبي يوهان فلوديروس المحتجز منذ أكثر من 600 يوم.
اعتقل حميد نوري (62 عاما) في تشرين الثاني/نوفمبر 2019 في مطار ستوكهولم إلى حيث يقول معارضون إيرانيون إنهم استدرجوه من أجل توقيفه ومحاكمته عملا بالولاية القضائية العالمية التي تخوّل القضاء السويدي النظر في جرائم ضد الإنسانية بغض النظر عن مكان وقوعها.
وفي تموز/يوليو 2022 حكم عليه القضاء السويدي بالحبس مدى الحياة لإدانته بتهمتي "ارتكاب جرائم خطيرة ضد القانون الدولي" و"جرائم قتل"، في سابقة في العالم لمثل هذه الافعال.
وكان نوري يشغل منصب نائب المدعي العام المساعد في سجن كوهاردشت قرب طهران، غير أنه يؤكد أنه كان في إجازة عند حصول الوقائع.
وجاء في الحكم الصادر عن محكمة ستوكهولم أن نوري "كان ضالعا في الإعدامات التي نُفّذت تطبيقا لفتوى المرشد الأعلى في إيران" آية الله الخميني، تحت اسم مستعار و"بالاشتراك والتواطؤ مع آخرين".
ورغم أن المتهم كان يلعب دورا ثانويا، فإنها المرة الأولى التي يحاكم فيها مسؤول إيراني لضلوعه في حملة الإعدامات التي طالت بشكل رئيسي منظمة "مجاهدي خلق" المعارضة والمتحالفة آنذاك مع بغداد.
تبادل سجناء؟
وتكتسي القضيّة حساسية كبيرة إذ تتهم منظمات حقوقية مسؤولين يتولون مناصب رفيعة حالياً في إيران وبينهم الرئيس إبراهيم رئيسي بالمشاركة في "لجان الموت" التي أصدرت أحكام الإعدام.
وتقدّر جماعات حقوقية أن خمسة آلاف سجين على الأقل أُعدموا صيف العام 1988 بموجب سلسلة أحكام أصدرتها "لجان الموت"، بينما تُقدّر منظمة "مجاهدي خلق" عدد القتلى بثلاثين ألفاً.
وأدت المحاكمة أمام المحكمة الأولية التي بدأت في آب/أغسطس 2021 إلى توتر في العلاقات بين ستوكهولم وطهران وأثارت مخاوف على مصير السجناء الغربيين المحتجزين في إيران.
وأوقفت إيران في نيسان/أبريل 2022 الدبلوماسي الأوروبي يوهان فلوديروس فيما كان يقوم برحلة إلى إيران مع أصدقاء وبدأت محاكمته في 9 كانون الأول/ديسمبر بتهمة "الإفساد في الأرض"، وهي من الجرائم الأكثر خطورة في إيران وتصل عقوبتها إلى الإعدام.
كما يبقى مصير الأكاديمي الإيراني السويدي أحمد رضا جلالي مجهولا بعدما أوقف عام 2016 خلال زيارة إلى إيران وصدر بحقه حكم بالإعلام بتهمة التجسس.
وتورد وسائل الإعلام السويدية احتمال حصول تبادل معتقلين بين البلدين.
ومن المرجح بحسب أستاذ القانون الدولي في جامعة ستوكهولم مارك كلامبرغ ألّا يكون قرار محكمة الاستئناف بحق نوري نهائيا إذ من المحتمل أن تنظر فيه المحكمة العليا السويدية.
وأوضح لوكالة فرانس برس أن "الحكومة يمكن أن تعفو عن نوري ... لكن أعتقد أن هذا لن يحصل، إنه مستحيل سياسيا".
وهو يرجح بالأحرى أن يتفق البلدان على أن يمضي نوري بقية عقوبته في إيران، ما سيؤدي عمليا إلى إطلاق سراحه فور عودته.
لكن مثل هذا الاتفاق قد يشجع برأي الخبير إيران على المضي في "دبلوماسية الرهائن" التي يندد بها العديد من الدول الغربية.
وتابع كلامبرغ أن "إحدى النقاط التي ستعلق عليها الحكومة السويدية أهمية ستكون رد فعل ضحايا" عمليات الإعدام الإيرانية على عملية تبادل محتملة.
ورفض وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم التعليق على هذه المسألة.
ويعتزم أنصار "مجاهدي خلق" التظاهر الثلاثاء أمام محكمة الاستئناف في ستوكهولم.