• الساعة الآن 03:17 PM
  • 21℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

هل يدفع بايدن فاتورة دعمه لإسرائيل من رصيده الانتخابي؟

news-details

حذّر الرئيس الأمريكي جو بايدن، في وقت سابق من هذا الأسبوع، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن إسرائيل بدأت تفقد الدعم العالمي بسبب "قصفها العشوائي" لغزة.

وتمثل تصريحات بايدن، التي أدلى بها خلال فعالية انتخابية لمانحين ديمقراطيين لجمع التبرعات، أقوى انتقاد يوجهه بشكل علني للحكومة الإسرائيلية منذ انطلاق الحرب، بعد أن شنت حركة حماس هجوما مباغتا على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

وقال بايدن إن نتنياهو يجب عليه "تغيير حكومته المتشددة"، وكذلك تغيير موقفه من حل الدولتين.

وتعهد نتنياهو بمواصلة الحرب في غزة "حتى النصر والقضاء على حماس"، كما أكد وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، أن حرب غزة ستتواصل "بوجود الدعم الدولي أو بدونه".

 

"ضغوط رسمية وشعبية"

أثارت طريقة تعامل الرئيس الأمريكي مع الحرب في غزة حفيظة بعض المسؤولين في إدارته، فبعد أيام قليلة من بدء الحرب، أعلن المسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية جوش بول استقالته من منصبه.

وفي هذا الصدد، يقول عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي نعمان أبو عيسى لبي بي سي إن "الرئيس الأمريكي يواجه ضغوطا متزايدة من داخل الإدارة الأمريكية وحزبه الديمقراطي لوقف الحرب، وهناك نحو 70 في المئة من أعضاء حزبه يعارضون استمرارها".

ويضيف أبو عيسى أن "ارتفاع حصيلة القتلى بين المدنيين بسبب استمرار القصف الإسرائيلي على غزة، بات أمرا غير مقبول لقاعدة الحزب الديمقراطي".

وخلال الشهر الماضي، شارك الآلاف في مظاهرة في العاصمة الأمريكية واشنطن للمطالبة بوقف الحرب على غزة، منددين بسياسات الإدارة الأمريكية الداعمة لإسرائيل.

ويقول الكاتب السياسي والعضو في الحزب الديمقراطي الأمريكي أحمد محارم لبي بي سي إن "الضغط الشعبي والرسمي المتزايد يضع الولايات المتحدة في موقف حرج يحتم عليها أن تعيد حساباتها".

 

معضلة الانتخابات الرئاسية الأمريكية

أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة وول ستريت جورنال، قبل أيام، أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يتقدم على الرئيس الحالي جو بايدن، بعد أن حصل ترامب على نسبة تأييد بلغت 47 في المئة، مقابل 43 في المئة لبايدن.

ويرى الباحث السياسي والصحفي المختص بالشأن الأمريكي إيهاب عباس، أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة 2024، تعد أحد الأسباب وراء تصريحات بايدن الذي أدرك أنه فقد الكثير من شعبيته.

ويقول عباس لبي بي سي إن "الحزب الديمقراطي بأكمله، وليس بايدن وحده، بات يشعر بقلق تجاه فرص مرشحيه ممن سيخوضون الانتخابات المقبلة لمجلسي النواب والشيوخ".

ويضيف عباس أن "مرشحي الحزب الديمقراطي فقدوا الكثير من مصداقيتهم، بعد تأييدهم لاستمرار الحرب؛ إذ أعلن الكثير من مؤيديهم أنهم لن يدعموهم بسبب ازدواجية المعايير التي تظهر في تعامل الإدارة الأمريكية مع أوكرانيا في حربها ضد روسيا، مقابل تعاملها مع الفلسطينيين في مواجهة إسرائيل".

وتعهد زعماء أمريكيون مسلمون في ست ولايات متأرجحة بحشد مجتمعاتهم ضد إعادة انتخاب الرئيس جو بايدن، بسبب دعمه للحرب في غزة. ورغم أن الناخبين الأمريكيين العرب والمسلمين لا يشكلون سوى نسبة قليلة من مجموع الناخبين، فإن هذه النسبة قد تكون كافية في الولايات المتأرجحة لإسقاط بايدن.

بعد دخول الحرب شهرها الثالث، والتدهور الشديد للأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، يكشف الرئيس الأمريكي عن وجود مخاوف حقيقية من أن تفقد بلاده "مركزها الأخلاقي العالمي"، بسبب دعمها لإسرائيل.

ومنذ أسابيع، تحث الإدارة الأمريكية إسرائيل على "تجنب استهداف المدنيين". وقبل أيام، قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إن هناك "فجوة" بين تعهدات السلطات الإسرائيلية بتجنب استهداف المدنيين في غزة، والواقع على الأرض.

ويقول الباحث السياسي إيهاب عباس إن "إدارة بايدن بالفعل أفقدت الولايات المتحدة مركزها الأخلاقي، عندما استخدمت حق النقض ضد قرار لمجلس الأمن يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، ولاحقا صوتت ضد قرارالجمعية العامة للأمم المتحدة".

ومن وجهة نظر أحمد محارم، العضو في الحزب الديمقراطي،فإن "مواقف الولايات المتحدة تبدو وكأنها تقف ضد العالم، ومع تزايد انتقادات المنظمات الدولية والإنسانية، كان لزاما أن تتغير لهجة الخطاب الأمريكي".

وفي يوم الأربعاء، صوّت أكثر من ثلاثة أرباع الدول الأعضاء بالجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قرار بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وحظي القرار غير الملزم بتأييد 153 عضوا، من أصل 193، وكانت الولايات المتحدة من بين عشرة أعضاء صوتوا ضد القرار.

 

هل نشهد تحولا في الموقف الأمريكي؟

منذ اللحظة الأولى للحرب في غزة، أعلن بايدن دعمه الثابت والمطلق لإسرائيل على جميع المستويات: السياسية، والعسكرية، والأمنية، واللوجيستية، لكن انتقاداته المباشرة قبل أيام للحكومة الإسرائيلية للمرة الأولى منذ بدء الحرب، أعادت الحديث عن خلافاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأقرّ نتنياهو بوجود "خلاف" مع بايدن بشأن الطريقة التي ينبغي أن يحُكم بها قطاع غزة بعد انتهاء الحرب الراهنة.

ويقول إيهاب عباس إن تصريحات بايدن "لا تعني أننا أمام تحول جذري في الموقف الأمريكي تجاه إسرائيل؛ فالولايات المتحدة لن تتخلى عن إسرائيل، وستبقى ملتزمة بالحفاظ على أمنها القومي، بغض النظرعن من يعتلي سدة الحكم في الولايات المتحدة أو إسرائيل".

ويرى عباس أن واشنطن تريد من خلال تصريحات بايدن "أن تبعث للعالم رسائل مفادها أن الولايات المتحدة تحاول الضغط على إسرائيل، لكن الأخيرة ترفض ذلك الضغط".

ويضيف عباس أن "الخلافات الحالية بين الجانبين تتعلق بالأساليب والتكتيكات العسكرية المستخدمة في الحرب، بينما ينسجمان بالمواقف الاستراتيجية، والأهداف المتعلقة بالقضاء على حماس وتحقيق النصر".

 

مخاوف من اتساع رقعة الحرب

لم تتردد إدارة الرئيس جو بايدن في تقديم الدعم المالي والعسكري لإسرائيل، إذ خصصت 14.3 مليار دولار كمساعدات، وأرسلت أكثر من 200 طائرة محملة بالعتاد والسلاح، إضافة إلى استخدامها صلاحيات الطوارئ للسماح ببيع نحو 14 ألف قذيفة دبابات لإسرائيل من دون مراجعة الكونغرس.

ويقول العضو في الحزب الديمقراطي أحمد محارم إن أمورا مثل "طول أمد الحرب، وتداعياتها الكارثية على المدنيين، وحجم الدعم الكبير من الولايات المتحدة لإسرائيل دون تحقيق أي أهداف من هذه الحرب، جعلت إدارة بايدن تدرك أن نتنياهو يستغلها لتحقيق مصالحه الشخصية والتهرب من المساءلة القانونية".

ويرى محارم أنه كان من الواضح أن الولايات المتحدة "لا تريد" لهذه الحرب أن تتسع، مذكرا بتصريح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن "الولايات المتحدة لا تسعى إلى نزاع مع إيران".

لكن استهداف جماعة أنصار الله الحوثي للسفن التجارية في جنوبي البحر الأحمر يقلق الإدارة الأمريكية من احتمال اتساع رقعة الحرب، بحسب محارم.

ويضيف أن "دعم الولايات المتحدة لإسرائيل سيؤثر على مستقبل التجارة العالمية، إضافة إلى أن الحلفاء الاستراتيجيين في منطقة الشرق الأوسط بدأوا بالتململ من مواقف الولايات المتحدة"، ويعتقد محارم أن زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان لإسرائيل "ستكون الرسالة الأمريكية الأخيرة لوقف الحرب".

وأبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس مستشار الأمن القومي الأمريكي بأن إسرائيل ستواصل حربها ضد حماس "حتى النصر المطلق".

ويقول إيهاب عباس إن "الإدارة الأمريكية لا تستطيع الضغط على إسرائيل بسبب قوة اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة".

 

مستقبل حل الدولتين

يحظى حل الدولتين بدعم أطراف كثيرة في المجتمع الدولي، وترى هذه الأطرف أن هذا الحل من شأنه أن ينهي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود، من خلال إنشاء دولة فلسطينية مستقلة في غزة والضفة الغربية إلى جانب إسرائيل.

وانتقد الرئيس الأمريكي في تصريحاته حكومةنتنياهو لمعارضتها حل الدولتين مع الفلسطينيين، وقال إنه يتعين على نتنياهو تغير الحكومة "الأكثر تشددا".

ويقول إيهاب عباس: "إذا قررت الدولة الإسرائيلية أن تنجر خلف تصريحات وزرائها المتطرفين، فلن تحقق الأمن ولا السلام".

ويعتقد عباس أن "الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني بعد انتهاء هذه الحرب الطاحنة سيكونان مهيئَين لإجراء محادثات سلام".

ويقول إن "حل الدولتين لا يزال قائما، وإنه الحل الوحيد لإنهاء الصراع المستمر".

شارك الخبر: