ما الذي سيضير سلطة أنصار الله من إقامة عزاء لشخص مات في الخارج ودفن في الخارج؟! وتسمح لأقاربه بإقامة عزاء امتثالا لعادات اليمنيين وتجاوزا لرسميات شكلية؟!
يصغر عقل الجماعة كلما اتجهت جنوبا. هكذا يبدو الأمر. ففي اللحظة التي سمحوا فيها لجثمان حسين الأحمر أن يصل بطائرة خاصة إلى مطار صنعاء ويشاركون في مراسم التشييع ويسهلون كافة الإجراءات، فضلا عن إقامة عزاء ضجت به العاصمة وعمران وحواليهما، تصبح إقامة عزاء في إب لوزير الاتصالات في حكومة معين نجيب العوج أمرا مستفزا للأنصار لدرجة أنهم اقتحموا قاعة العزاء وقاموا بطرد المعزين وإغلاق القاعة، في تصرف وصف بالهمجي والمستهجن.
اتخذت الحادثتان مع الأحمر والعوج مفارقة في أذهان أهالي مدينة إب.
دخلت المناطقية والمذهبية وصار الحديث عن أصحاب مطلع وأصحاب منزل وزيدية وشافعية. مثل هكذا تصرف جدير بأن يجعل المسألة تبدو على هذا النحو. فالعوج مهما كان موقفه وموقعه لا يمنع أنصار الله من التسامح مع الموت والتعالي على الخلافات في لحظة وفاة، واتخاذ موقف جامع لا مفرق. فالرجل في النهاية مات في أبوظبي ودفن هناك، لكن له أهل وأقارب لم يذهبوا معه إلى أبوظبي ولا شاركوه موقفه، وبالتالي ما الذي سيضير الأنصار أن يقيم أهل نجيب العوج عزاء لابنهم بمدينة إب مسقط رأسه في سياق العلاقات الاجتماعية في مدينة إب؟ مثلما حدث مع ابن الأحمر أو غيره؟
يؤكد أقارب العوج أن تنسيقا تم مع قيادة المحافظة بالسماح لفتح صالة عزاء تقتضيها العلاقات الاجتماعية في المجتمع اليمني، وإذا بهم يتفاجؤون بموقف لا يبدو أخلاقيا ولا منطقيا. حيث يقتحم مجموعة مسلحين قاعة العزاء ويطردون الناس بشكل لا يريد أن يتفهم تلك المقتضيات.
ويضيف أقارب العوج أن الحرج الذي وقعوا فيه وهم يرون من جاء يعزيهم يقادون من قبل المسلحين كما لو كانوا مدانين هو أكبر من أن يحتملوه، مشيرين إلى أن سلطة الأنصار تريد أن تجعل من نفسها سلطة عصابة لا سلطة دولة.
ثمة شيء خطأ في المكان الخطأ يحدث دائما مع إب في ظل سلطة أنصار الله. هكذا يقول أبناء المدينة، على الأقل كانت ستخطرهم بحساسيتها تجاه العوج وتقرر عدم فتح أي عزاء. أما أن تسمح لهم بفتح صالة وتنتظر حتى مجيء الناس وفي ذروة توافدهم ما بعد العصر ثم تقرر اقتحام الصالة وطردهم، فما الذي تركته من اعتبار لأهالي هذه المدينة الذين يشعرون بأن سلطة الأنصار كأنها استمرأت الاستهانة بهم لكونهم مسالمين. حيث لو كان العوج من عمران أو صعدة أو مأرب لكان للأنصار تصرف آخر، حسب قولهم.
بحسب مراقبين وناشطين، ما حدث اليوم في صالة العزاء الخاصة بأقارب نجيب العوج، ستكون له تداعياته السلبية على جماعة أنصار الله في إب، حيث ستضج مواقع التواصل الاجتماعي بمشاعر الاستيلاء والنفور، لدرجة أن الأنصار لن يكونوا في موقف يحسدون عليه، أقلها أن ما يقومون به من تشديد الخناق على سفن الكيان الإسرائيلي في البحر الأحمر واقتياد السفينة تلو الأخرى سيجعل الكثير من الناشطين يطلبون من يحيى سريع "بيانا صادرا" يشرح فيه اقتحام صالة عزاء في مدينة إب وطرد الناس منها بشكل همجي ولا أخلاقي ولا يمت لقيم وعادات اليمنيين بصلة.