كما كان متوقعاً، استخدمت الولايات المتحدة الأميركية حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن لإبطال قرار لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس" في غزة بعد أن طلب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عقد اجتماع للمجلس مستنداً إلى المادة 99 من ميثاق المنظمة الدولية التي تسمح للأمين العام بأن يطلب من المجلس التدخل في مسألة تهدد الاستقرار والأمن العالمي، فما المادة 99؟ ولماذا تفشل غالباً في تحقيق غاياتها على رغم مقاصدها الحميدة؟
فشل جديد
لا شك أن استدعاء غوتيريش المادة 99 من ميثاق المنظمة الدولية للمرة الأولى خلال ولايته الممتدة سبع سنوات، كانت خطوة مهمة توجبها متطلبات وظيفته حينما يرى أن قضية ما تهدد أمن واستقرار العالم، وبحسب ما قال في خطابه أمام المجلس، فإن هناك خطراً كبيراً من الانهيار التام لنظام الدعم الإنساني في غزة وسط المعاناة الهائلة التي يعانيها الفلسطينيون في القطاع، معبراً عن خشيته من أن تكون العواقب مدمرة على أمن المنطقة بأكملها لأن الصراعات ذات الصلة مشتعلة بالفعل في الضفة الغربية ولبنان وسوريا والعراق واليمن، وهو ما اتفق عليه معظم أعضاء مجلس الأمن.
لكن الولايات المتحدة منعت تمرير قرار بوقف إطلاق النار مثلما فعلت خلال شهرين من الحرب بين إسرائيل و"حماس"، معتبرة أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها على رغم أنها امتنعت عن التصويت في الشهر الماضي على قرار يدعو إلى هدنة إنسانية في الحرب وزيادة حجم المساعدات لغزة، وهي المرة الوحيدة التي سمحت فيها واشنطن بتمرير قرار يتعلق بالحرب، بينما استخدمت روسيا والصين حق النقض "الفيتو" ضد قرار آخر قدمته الولايات المتحدة لأنه لم يدع إلى وقف إطلاق النار.
دوافع غوتيريش
غير أن ما يثير علامات استفهام هو السبب الذي دفع غوتيريش في هذا التوقيت إلى استخدام المادة 99 على رغم إدراكه بأن الولايات المتحدة لم تصل بعد إلى حد تأييد القرار أو حتى الامتناع عن التصويت لتمريره، بخاصة أن مواقف روبرت وود ممثل الولايات المتحدة في مجلس الأمن كانت معروفة وكررها مرة أخرى خلال الجلسة حين قال إن صدور مثل هذا القرار لن يؤدي إلا إلى زرع بذور الحرب المقبلة، وإن كان في الوقت نفسه طالب إسرائيل أن تفعل كل ما في وسعها لحماية المدنيين واحترام القوانين الإنسانية الدولية.
وحتى لو وافق مجلس الأمن ونجحت محاولة غوتيريش وضغوط الدول العربية في إقناع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في عدم تعطيل القرار، إذ أشارت إسرائيل إلى أنها ستتجاهل أي قرار يوافق عليه مجلس الأمن على رغم أن قرارات المجلس ملزمة قانوناً، وقد يؤدي انتهاكها إلى فرض عقوبات أخرى، وهو ما أكده سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان في كلمته أمام المجلس بأن مثل هذه الخطوة ستسمح لـ"حماس" بإعادة تجميع صفوفها والتخطيط لمزيد من الهجمات على الدولة العبرية، وأن إسرائيل ستواصل مهمتها، وهي القضاء على ما وصفه بالقدرات الإرهابية للحركة وإعادة جميع الرهائن.
لكن على مدى الشهرين الماضيين، وصل المجلس إلى طريق مسدود في اعتماد قرار لوقف إطلاق النار، بعدما استخدمت الولايات المتحدة وروسيا والصين حق النقض على القرارات بسبب الخلافات حول الصياغة، الأمر الذي دفع غوتيريش إلى التحرك بتفعيل المادة 99 للمرة الأولى منذ توليه منصبه عام 2017 التي تعد أقوى أداة يمتلكها الأمين العام بحسب المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك تحت ضغط خسائر الأرواح الضخمة في غزة وإسرائيل في هذا الوقت القصير، فضلاً عن مخاوفه من اتساع نطاق الحرب في الشرق الأوسط.
أسباب إضافية
وإضافة إلى دوافع غوتيريش لوقف الحرب لأسباب إنسانية بعد مقتل 1200 إسرائيلي وأكثر من 17 ألف فلسطيني منهم 40 في المئة من الأطفال، ونزوح نحو 80 في المئة من سكان غزة، منهم 1.1 مليون لجأوا إلى ملاجئ وكالة اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة "الأونروا"، فإن التهديد الذي تتعرض له سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة في غزة لم يسبق له مثيل وكان أحد الأسباب التي تحدث عنها غوتيريش حين قال "لقد قتل بالفعل أكثر من 130 من زملائي، وعديد منهم مع عائلاتهم وهذه أكبر خسارة في الأرواح في تاريخ منظمتنا".
وإضافة إلى ذلك، استدعى تفعيل المادة 99 التوترات الشخصية بين غوتيريش والمسؤولين الإسرائيليين منذ بدء الحرب، فقد وصف وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين ولاية الأمين العام للأمم المتحدة بأنها تشكل خطراً على السلام العالمي، وأشار إلى أن مساعيه لتفعيل المادة 99 تشكل دعماً لحركة "حماس" الفلسطينية، على رغم أن المتحدث باسم الأمين العام نفى في السابق انحياز المنظمة في الحرب بين إسرائيل و"حماس".
وفي أواخر الشهر الماضي، دعا ممثل إسرائيل لدى الأمم المتحدة غوتيريش إلى الاستقالة، قائلاً إنه فقد كل الأخلاق والحياد، وذلك في أعقاب إعلان الأمين العام أنه من المهم الاعتراف بأن هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) التي شنتها "حماس" لم تحدث من فراغ، مستشهداً بـ56 عاماً من الاحتلال الخانق الذي يعانيه الشعب الفلسطيني.
ما المادة 99؟
بحسب موقع المنظمة الدولية، يتضمن ميثاق الأمم المتحدة عديداً من الأحكام التي تخلق إطاراً للوساطة وحل النزاعات التي تمنح الأمين العام خيار استخدام مساعيه الحميدة للتوسط في التوصل إلى اتفاقات من أجل تقليل التوترات حول العالم، وتؤدي إلى خطوات يمكن أن تساعد في تجنب الحرب.
وبينما يحدد الميثاق في الفصلين السادس والسابع كيفية التسوية السلمية للمنازعات فإن دور الأمين العام مشمول بعبارات واسعة للغاية في المادتين 98 و99 من هذا الميثاق، إذ تنص المادة 99، الموجودة في الفصل الـ15 من الميثاق، أن على الأمين العام أن ينبه مجلس الأمن إلى أية مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدولي، وينظر عادة إلى هذه المادة على أنها سلطة تقديرية، تتطلب من الأمين العام ممارسة الحكم السياسي واللباقة والنزاهة.
وعلى رغم أن المادة 99 لا تؤدي على الفور إلى إجراء مباشر من الأمم المتحدة أو مجلس الأمن، إلا أنها يمكن أن تقدم لمجلس الأمن قوة دافعة لإعادة النظر في مشاريع القرارات الفاشلة سابقاً في ما يتعلق بالوضع في غزة، بما في ذلك القرار الذي دعا إلى وقف إطلاق النار.
ومع تكثيف الهجوم الإسرائيلي وتصاعد الخسائر في صفوف المدنيين، استخدم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش صلاحياته التي نادراً ما يمارسها لتحذير مجلس الأمن من كارثة إنسانية وشيكة في غزة، وحث الأعضاء على المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية.
وتعد هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها غوتيريش صراحة المادة 99 بصفته أميناً عاماً، على رغم أنه كتب نوعاً مماثلاً من الرسائل بموجب صلاحيات المادة 99، إلى مجلس الأمن في عام 2017 في شأن مخاوفه حول الوضع في ميانمار، وعلى رغم أن غوتيريش لم يستشهد بها، إلا أن هيئات الأمم المتحدة فسرت آنذاك المادة 99 بأنها تشمل حق الأمين العام في بدء بعثات لتقصي الحقائق في ميانمار، وإنشاء لجان تحقيق وعرض الوساطة.
كم مرة استخدمت المادة 99؟
تتباين الحسابات المتعلقة بعدد المرات التي مارس فيها الأمناء العامون السابقون صلاحياتهم بموجب المادة 99 ويعود ذلك لحقيقة أن اللجوء إلى المادة 99 يمكن تعريفه بشكل ضيق للغاية أو بشكل أوسع بكثير، فعندما يستدعي الأمين العام صراحة المادة 99، لم تكن هناك مشكلة في تحديد اللجوء إلى تلك المادة، ولكن مثل هذا التحديد كان نادراً، بل هناك عديد من الحالات التي قام فيها الأمين العام بمبادرة منه، بإثارة قضية مع مجلس الأمن من دون تحديد المادة 99 أو ذكرها.
وفي هذه الحالات هناك عدد من المتغيرات التي قد توحي بأن المادة 99 طبقت عملياً من دون ذكرها بحسب الباحثين في جامعة "أوكسفورد" سام داوس ولورين سيفرز في كتابهما حول إجراءات مجلس الأمن، ومع أخذ هذه المتغيرات في الاعتبار، فإن هناك قائمة سخية من الحالات الجديرة بالملاحظة التي تحتوي على عناصر تتعلق بالمادة 99، ولكن لا تشكل جميعها استخداماً واضحاً لها.
الاستخدام الأول
أولى هذه الحالات تعود للأمين العام الأول للأمم المتحدة تريغفي لي (1946 - 1952) ففي الـ25 من يونيو (حزيران) 1950، اجتمع مجلس الأمن بعد اندلاع الحرب في شبه الجزيرة الكورية، وأشار جدول الأعمال إلى رسالة من الولايات المتحدة تطلب حلاً فورياً واجتماع مجلس الأمن، وأكد الأمين العام في كلمته أمام الاجتماع أن الوضع خطر ويشكل تهديداً للسلام الدولي، وأن مجلس الأمن في رأيه، هو الجهة المختصة بالتعامل مع هذه القضية، وطلب تقرير لجنة الأمم المتحدة في شأن كوريا وإحالته إلى المجلس.
وعلى رغم أن تريغفي لي لم يشر في ملاحظاته أمام المجلس بشكل واضح إلى المادة 99، إلا أنه في اجتماع للجمعية العامة في 28 سبتمبر (أيلول) 1950، قال إنه استند في بيانه أمام مجلس الأمن للمرة الأولى إلى المادة 99 من الميثاق، وعلى رغم أن تفسير الأمين العام لمبادرته بطلب تقرير لجنة الأمم المتحدة في شأن كوريا هو ممارسة للمادة 99 قد يبدو مبالغاً فيه، إلا أن هذه الحالة وقعت عندما كانت الأمم المتحدة مضى على وجودها أربع سنوات فقط، ولم تكن هناك معايير وضعت بعد في ما يتعلق باستخدام المادة 99.
تونس والكونغو
وتباينت على هذا النحو حالات أخرى في استخدام المادة 99 منها أزمة الكونغو عام 1960 حين أرسل الأمين العام الثاني للأمم المتحدة داغ همرشولد (1953 - 1961) رسالة إلى مجلس الأمن في الـ13 من يوليو (تموز) لفت فيها انتباه المجلس إلى الحرب في الكونغو التي تحتلها بلجيكا واعتبرها، بحسب رأيه، مسألة قد تهدد حفظ السلام والأمن الدوليين، ولهذا دعا إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن للاستماع إلى تقريره في شأن مطالبة الأمم المتحدة باتخاذ إجراء في ما يتعلق بجمهورية الكونغو، وعندما انعقد المجلس، صرح همرشولد أنه دعا المجلس بموجب المادة 99 من الميثاق وليس بناء على طلب من الحكومة الكونغولية.
وفي الـ21 والـ22 من يوليو 1961، وبناء على طلب تونس، عقد مجلس الأمن جلستين لمناقشة شكوى الحكومة التونسية من أن فرنسا هاجمت مدينتها بنزرت، وذكر همرشولد في بداية الجلسة الثانية أن التطور الخطر والمهدد الذي طرحه المجلس يشكل خطر حدوث ضرر لا يمكن إصلاحه للسلم والأمن الدوليين، وبالنظر إلى التزامات الأمين العام بموجب المادة 99 من الميثاق، فقد اعتبر أن من واجبه في هذه الظروف توجيه نداء عاجل إلى المجلس في محاولة التوصل إلى حل كامل ونهائي.
وبما أن المجلس اجتمع بالفعل في اليوم السابق بناء على طلب الحكومة التونسية، فقد بدا أن همرشولد كان يستشهد بالمادة 99 من أجل لفت انتباه المجلس للتحرك وليس إلى الحاجة إلى الاجتماع في شأن هذه المسألة.
بنغلاديش وقبرص
في الـ20 من يوليو 1971 وبعدما تفجر الوضع في باكستان الشرقية (بنغلاديش حالياً) في مواجهة الولايات الهندية المجاورة، وصف الأمين العام يوثانت (1961 - 1971) الوضع المتدهور على طول حدود باكستان الشرقية وأماكن أخرى في شبه القارة الهندية، واختتم قائلاً "لهذه الأسباب أقوم بخطوة غير عادية بتقديم تقرير إلى رئيس مجلس الأمن حول مسألة لم يتم إدراجها في جدول أعمال المجلس"، ونظراً إلى قناعته بأن هذا الوضع يشكل تهديداً لصون السلم والأمن الدوليين، أبقى الأمين العام رئيس مجلس الأمن على علم بالجهود التي بذلها حول هذه المشكلة بموجب الشروط العامة للمادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة.
وفي الـ16 من يوليو 1974 حينما تفجرت المشكلة القبرصية، دعا الأمين العام كورت فالدهايم (1972 - 1981) مجلس الأمن إلى الانعقاد في ضوء خطورة هذه المسألة في ما يتعلق بالسلام والأمن الدوليين، لكن الحجة المؤيدة لاعتبار مبادرة فالدهايم بمثابة لجوء إلى المادة 99 تعد ضعيفة إلى حد ما، بالنظر إلى أن الوضع في قبرص كان مدرجاً بالفعل في البيان الموجز للمجلس، وأن الحكومة القبرصية طلبت أيضاً عقد اجتماع للمجلس، وأن رسالة فالدهايم وبيانه فقط يعكسان بشكل غامض لغة المادة 99.
لبنان وإيران
في رسالة غير منشورة إلى رئيس المجلس بتاريخ 29 مارس (آذار) 1976، أشار فالدهايم إلى سلطته بموجب المادة 99 من الميثاق ثم طرح وجهة نظره بأنه ما لم يكن هناك وقف لإطلاق النار، فإن الحرب الأهلية في لبنان ستكون أكثر خطراً لتشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين، لكن مجلس الأمن لم يقرر في حينه عقد جلسة حول الموضوع.
لكن في الـ15 من أغسطس (آب) 1989، عندما تصاعد القتال في بيروت، كتب الأمين العام للمنظمة الدولية خافيير بيريز دي كوييار (1982 - 1991) إلى رئيس مجلس الأمن في شأن تدهور الوضع في لبنان، وقال إنه يرى أن الأزمة تشكل تهديداً خطراً للسلم والأمن الدوليين، وفي إطار ممارسة مسؤولياته بموجب ميثاق الأمم المتحدة، طلب انعقاد مجلس الأمن على وجه السرعة قائلاً إنه مضطر، للمرة الأولى خلال فترة ولايته كأمين عام، إلى تفعيل المادة 99 من الميثاق.
وخلال أزمة الرهائن الدبلوماسيين الأميركيين في طهران، كتب كورت فالدهايم في الـ25 من نوفمبر (تشرين الثاني) 1979، إلى رئيس المجلس أنه يرى أن الأزمة في إيران، تشكل تهديداً خطراً للسلم والأمن الدوليين، وطلب انعقاد مجلس الأمن بشكل عاجل لمحاولة البحث عن حل سلمي يتوافق مع مبادئ العدالة والقانون الدولي.
وخلال الحرب بين إيران والعراق، كتب فالدهايم في الـ23 من سبتمبر 1980، رسالة إلى رئيس المجلس ذكر فيها أنه يشعر بقلق عميق إزاء تصاعد الصراع بين إيران والعراق الذي يشكل بحسب رأيه، تهديداً خطراً محتملاً للسلم والأمن الدوليين، مطالباً أن يجتمع أعضاء مجلس الأمن للتشاور، وبعد الاستجابة لطلبه، قدم تفاصيل عن جهوده الإضافية لتشجيع الطرفين على تسوية خلافاتهما عن طريق التفاوض.
وبعد ذلك بسبع سنوات، دعا دي كوييار عام 1987 مجلس الأمن للتشاور على مستوى وزراء الخارجية، في شأن التحرك لوقف الحرب، وتصرف المجلس بشكل حاسم، وتبنى بالإجماع قراراً يأمر بالتنفيذ الفوري لوقف إطلاق النار الذي دعا إليه سابقاً ويحدد الخطوات التي يتعين على البلدين اتخاذها من أجل إرساء أساس للسلام، لكن بيريز دي كوييار لم يشر صراحة إلى المادة 99، ولم يردد لغتها، في وصف مبادرته.
أما بقية الأمناء العامين للأمم المتحدة مثل بطرس بطرس غالي، وكوفي عنان، وبان كي مون فلم يذكروا رسمياً المادة 99، ولكن كجزء من التفاعلات المتزايدة، الرسمية وغير الرسمية، بين الأمين العام وأعضاء المجلس، أصبح من الشائع أن يلفت هؤلاء الأمناء العامون انتباه المجلس إلى الحالات المدرجة بالفعل في جدول أعماله التي كانت تتدهور، ومطالبة المجلس بالنظر في اتخاذ الإجراء المناسب.
ويرى باحثون أن الإحاطات الإعلامية التي يقدمها مسؤولو الأمانة العامة أحياناً أثناء المشاورات أو في مناسبات خاصة أخرى، تندرج ضمن وظيفة "الإنذار المبكر" للأمين العام في سياق المادة 99 بينما لا يتفق جميع أعضاء مجلس الأمن على ضرورة إضفاء الطابع المؤسسي على هذه الوظيفة، ويفضلون تقديم إحاطات فقط عندما يبدو أن الوضع الخطر يتطلب ذلك.
ما فاعلية المادة 99؟
تختلف التقديرات حول مدى فاعلية استخدام المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، لكن غالبية استخداماتها لم تحقق السلام الذي تسعى إليه، ذلك لأن تدخل الأمين العام لا يغير غالباً الحسابات السياسية للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وعلى سبيل المثال استمرت الحرب في الكونغو بعد عام 1960 على رغم دعوة بلجيكا إلى سحب قواتها وإرسال قوة حفظ سلام للأمم المتحدة، وفي إيران لم تسفر دعوة مجلس الأمن لإطلاق الرهائن الأميركيين عن شيء، إلا بعد عام وثلاثة أشهر، كما استمر الصراع في لبنان لنحو عام آخر بعد أن دعا مجلس الأمن جميع الأطراف إلى وقف إطلاق النار عام 1989.
وفي حال الصراع الحالي في غزة، فقد عارضت الولايات المتحدة قرار وقف إطلاق النار في مجلس الأمن وبالتالي فقدت دعوة غوتيريش قوتها، لكنها على الأقل أحرجت الإدارة الأميركية أمام المجتمع الدولي الذي أيد بقوة سرعة التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار.