تغيرت طبيعة القتال بين إسرائيل وحماس مع دخول الدبابات الإسرائيلية إلى جنوب قطاع غزة يوم الأحد 3 ديسمبر/كانون الأول. بالنسبة للجيش الإسرائيلي، يشكل هذا الجزء من الأراضي الفلسطينية تحديات إضافية، في حين أن الحركة الفلسطينية قامت على ما يبدو بتعديل نهجها العسكري.
لجأت حركة حماس الفلسطينية "إلى تكتيكات متطورة بشكل متزايد منذ نهاية الهدنة" في 1 ديسمبر/كانون الثاني، كما يؤكد معهد دراسة الحرب (ISW)، وهو مركز تحليل عسكري أمريكي ينشر تحديثات يومية عن الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط.
عبوات ناسفة خارقة وطائرات بدون طيار
ووفقا لهذه المؤسسة، فإن حماس قد تستخدم عددا أكبر من العبوات الناسفة الخارقة (EFP-Exlosively Formed Penetrators) التي كانت شبه غائبة عن ساحة القتال في شمال قطاع غزة، بدون تحديد أي نوع من هذه العبوات. يقول الخبير ألكسندر فوترافرز إنه "يوجد ثلاثة أنواع من هذه المقذوفات المتفجرة اليوم"، ويوضح أن النوع الأول "ينفجر ويطلق شظايا من القذائف الفولاذية في جميع الاتجاهات وعادة ما يكون له تأثير مميت في دائرة نصف قطرها 10-40 مترا وهو النوع الأساسي". لكن النوعين الآخرين اللذين يشير إليهما المعهد قد يكونان على الأغلب من فئة مضادات الدبابات، وما يجمع بينهما هو القدرة على "اختراق الدروع أو التحصينات السميكة للغاية"، كما يؤكد ألكسندر فوترافرز.
ليس للأنواع القديمة من المقذوفات وزنا أمام نظام "تروفي" Trophy الدفاعي الإسرائيلي، الذي تم تطويره في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين لحماية الدبابات من هذه الذخائر "من خلال اعتراض المقذوفات قبل أن تصل إلى أهدافها"، كما يقول أومري برينر، المحلل والمتخصص في الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط في الفريق الدولي لدراسة الأمن (ITSS) فيرونا، وهو مجموعة دولية من الخبراء في قضايا الأمن الدولي.
أما الأنواع الحديثة فهي بالمقابل "قذائف مدفعية يتم إطلاقها بسرعات تفوق سرعة الصوت وقادرة على اختراق الدروع، بدون أن يكون من الممكن اعتراضها بواسطة نظام تروفي Trophy أو أنظمة مماثلة"، كما يوضح ألكسندر فوترافيرز. ولكن ليس هناك ما يشير إلى أن حماس استخدمت هذا النوع الأكثر تقدما من الذخائر ضد إسرائيل. ويتم تصنيع العبوات الناسفة الخارقة المتوفرة لدى حماس في غزة نفسها، وفقا لمعهد دراسة الحرب.
وإلى جانب الأسلحة المضادة للدبابات، أطلق مقاتلو الحركة منذ الأول من ديسمبر/كانون الأول "طائرات بدون طيار متفجرة على القوات الإسرائيلية في شمال قطاع غزة" حسبما أضاف المعهد. و"هذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها حماس هذا النوع من المتفجرات، ولكن حتى الآن ارتبط هذا الأمر بمقاطع فيديو تدريبية أو شهادات لا تحدد ما إذا كانت هذه الطائرات بدون طيار فعالة أم لا"، حسبما أشارت فيرونيكا بونيشكوفا، المتخصصة في الجوانب العسكرية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني في جامعة بورتسموث في بريطانيا.
قتال شوارع أقل لكن معارك أعنف؟
ستكون حماس مجهزة بأسلحة وذخيرة أكثر حداثة إذا لاعتراض تقدم القوات الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة منذ انتهاء الهدنة. تحول من شأنه أن يعكس تغييرا أكثر عمقا في الاستراتيجية. "في الشمال، سعت حماس بشكل أساسي إلى إبطاء العملية الإسرائيلية من أجل منح نفسها الوقت للانسحاب وتنظيم الدفاعات. وهي استراتيجية لا تتطلب استخدام جميع قدراتها الهجومية. إن استخدام أسلحة أكثر تطورا يمكن أن يشير إلى أن الفصائل الفلسطينية أكثر تصميما على الوقوف في وجه الجيش الإسرائيلي"، حسب المعهد.
ويعتقد الخبراء الذين التقت بهم فرانس24 أنه ربما يكون من السابق لأوانه استنتاج أن تكتيكات حماس متطورة. "الأمثلة المذكورة هي في الوقت الراهن حوادث معزولة لا تسمح لنا بالتعميم بعد"، يقول عمري برينر. لا شيء يشهد، على سبيل المثال، على "فعالية القذائف التي تطلقها الطائرات بدون طيار الانتحارية التي ذكرها معهد دراسة الحرب"، كما تؤكد فيرونيكا بونيشكوفا، لكنهم جميعا يشتركون في قناعة واحدة وهي أن هؤلاء المقاتلين سوف يقومون، أو قاموا بالفعل، بتكييف طريقة عملهم مع الوضع الجديد. "في الشمال، تبنت حماس أساليب حرب العصابات في المناطق الحضرية، وتجنبت الاشتباكات المباشرة الكبرى لصالح تكتيكات تضييق الخناق. وفي الجنوب، من المحتمل أن تستأنف حماس تنظيمها التقليدي في الكتائب والألوية لإحراز مقاومة أكثر شراسة" كما يقول أهرون بريغمان، المتخصص في السياسة والصراع الإسرائيلي الفلسطيني في جامعة كينغز كوليدج في لندن.
وتقول فيرونيكا بونيشكوفا إنه "بالضرورة سيقوم مقاتلو حماس الذين كانوا في شمال قطاع غزة بالتراجع نحو الجنوب. حيث لن يكون هناك مخرجا لهم".. من ناحية أخرى، ستعتمد حماس على ميزة التضاريس الواقعة جنوب القطاع. في حين يؤكد عمري برينر أن "هذا هو المكان الذي توجد فيه المعاقل الرئيسية للحركة، وهو المكان الذي خزنت فيه أفضل أسلحتها". ويضيف أهرون بريغمان: "الإسرائيليون أيضا أقل دراية بجنوب قطاع غزة، ومع تجمع المزيد من المدنيين هناك، قد يميل الجيش إلى تقليل قوته النارية. وكل ذلك يمكن لحماس أن تحاول استغلاله".
"الوقت حليف حماس"
وهناك أيضا الثقل الرمزي لمدن معينة مثل خان يونس. ويتوقع بريغمان أن "تبدي الحركة مقاومة قوية بشكل خاص في خان يونس، حيث أن الرجلين الرئيسيين في الحركة يحيى السنوار ومحمد ضيف يتحدران من المدينة، وتتمتع حماس بدعم شعبي قوي للغاية هناك". وبعبارة أخرى، "سيصبح القتال أكثر كثافة، ومن المحتمل أن يكون التقدم الإسرائيلي أبطأ"، كما يلخص أومري برينر.
ومن الممكن أن يتم تكثيف استخدام الطائرات الانتحارية بدون طيار. وسيتم استخدام العبوات الناسفة لضرب الجيش الإسرائيلي "قبل الاشتباكات المباشرة" كما توضح فيرونيكا بونيشكوفا التي تضيف أن الحليف الرئيسي لحماس هو الوقت. وتضيف: "كلما نجحوا في إطالة أمد القتال، كلما زاد خطر وقوع خسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين، الأمر الذي سيعمل في غير صالح إسرائيل على الساحة الدولية".