لن تؤثر أي عقوبات أو هجمات عسكرية أمريكية وإسرائيلية على سلوك الحوثيين في اليمن، لكن ربما تتمكن السعودية من التأثير عليهم عبر المفاوضات، بحسب مايكل هورتون، في تحليل بموقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأمريكي (Responsible Statecraft).
هورتون أردف أن "بعد اختطاف سفينة الشحن جالكسي ليدر (Galaxy Leader) في البحر الأحمر الأسبوع الماضي، ورد أن الحوثيين أطلقوا الأحد الماضي صواريخ باليستية سقطت على بعد عشرة أميال بحرية من المدمرة الأمريكية يو إس إس ماسون (USS Mason)".
وتابع أن "إطلاق الصواريخ جاء بعد تدخل المدمرة الأمريكية في محاولة اختطاف سفينة أخرى، وهي ناقلة تدعى سنترال بارك في خليج عدن. ونفى الحوثيون مسؤوليتهم عن عملية الاختطاف التي يبدو أن قراصنة صوماليين نفذوها".
وأضاف: "كما يواصل الحوثيون، الذين يسيطرون على معظم شمال غرب اليمن، إطلاق صواريخ كروز وطائرات مسلحة بدون طيار باتجاه إسرائيل".
ويأتي استهداف الحوثيين لإسرائيل ردا على حرب مدمرة يشنها جيش الاحتلال على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي وخلّفت أكثر من 15 ألف شهيد، بينهم 6150 طفلا وما يزيد على 4 آلاف امرأة، بالإضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، وفقا لمصادر رسمية فلسطينية وأممية.
فيما قتلت حركة "حماس" أكثر من 1200 إسرائيلي وأصابت 5431، بحسب مصادر رسمية إسرائيلية. كما أسرت نحو 239، بينهم عسكريون برتب رفيعة، بدأت في مبادلتهم مع الاحتلال، الذي يحتجز أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.
ومنذ اندلاع الحرب، قدمت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أقوى دعم عسكري ودبلوماسي ممكن لإسرائيل التي يصر قادتها على استمرار الحرب، على أمل إنهاء حكم "حماس" غزة والقدرات على القدرات العسكرية للحركة.
التصنيف الأمريكي
وضمن خيارات التعامل مع الحوثيين، أعلنت إدارة بايدن أنها تدرس إعادة جماعة الحوثي "منظمة إرهابية".
وسبق أن صنفت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب (2017-2021) الحوثيين منظمة إرهابية في يناير/كانون الثاني 2021، وهو ما ألغته إدارة بايدن.
ورجح هورتون أن "هذا التصنيف سيكون له تأثير ضئيل أو معدوم على الحوثيين وقيادتهم، فكبار أعضاء الحوثي لا يغادرون اليمن وليس لديهم أصول أجنبية قد تكون عرضة للمصادرة".
وتابع: "في الواقع، سيتم الاحتفال بهذا التصنيف في صنعاء كدليل على أن الحوثيين ينتصرون"، محذرا من أن التصنيف "سيؤثر سلبا على المنظمات غير الحكومية التي تقدم المساعدة الإنسانية ويجب أن تتعامل مع الحوثيين".
ويعاني اليمن من أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقا للأمم المتحدة، ويشهد منذ أشهر تهدئة من حرب بدأت قبل نحو 9 سنوات بين القوات الموالية للحكومة، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، وقوات الحوثيين، المدعومين من إيران.
ضربات عسكرية
وكما هو الحال بالنسبة لاحتمال تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، فإن الضربات العسكرية هي أيضا "خيار سيئ"، بحسب هورتون.
وأضاف أن "الجماعة المسلحة لم تنجو من سنوات من الضربات التي نفذتها السعودية والإمارات فحسب، بل ازدهرت عسكريا وسياسيا، كما أثارت هذه الضربات الغضب الشعبي، ما أبقى الجماعة متماسكة".
وأردف: "وخلال تلك الفترة، حسنت الجماعة قدرتها على إخفاء الأسلحة والمنشآت داخل متاهة الجبال والوديان الضيقة في شمال غرب اليمن وداخل المناطق الحضرية المكتظة بالسكان، ووصلت شن هجمات عبر الحدود بالرجال والطائرات بدون طيار والصواريخ في عمق الأراضي السعودية".
و"كما هو الحال مع فرض تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية، فإن الهجمات التي قد تشنها الولايات المتحدة أو إسرائيل على أهداف في اليمن سينظر إليها الكثيرون داخل قيادة الحوثيين على أنها انتصار"، كما زاد هورتون.
واستطرد: "من المرجح أيضا أن تؤدي الضربات إلى تعزيز الدعم للحوثيين بين اليمنيين، ولن تقلل قدرتهم على تنفيذ ضربات في البحر الأحمر أو في أي مكان آخر".
وشدد على أن "مثل هذه الضربات الأمريكية أو الإسرائيلية، حتى لو كانت محدودة، من المرجح أن تؤدي إلى حلقة تصعيدية يمكن أن تكون لها آثار إقليمية وحتى عالمية، لاسيما وأن الحوثيين يستطيعون عرقلة الملاحة في البحر الأحمر، على الأقل لفترات قصيرة".
أعمال تجارية
هوترون قال إنه "لا توجد خيارات جيدة للتعامل مع الحوثيين، ولن تتم هزيمتهم بالسبل العسكرية وحدها".
واعتبر أن "السعودية، التي أعادت تقديم نفسها كوسيط في صراعات عديدة، بينها اليمن، هي في وضع أفضل لمحاولة تخفيف سلوك الحوثيين من خلال المفاوضات الصعبة المستمرة".
وتصاعدت آمال بقرب تسوية النزاع اليمني، منذ أن استأنفت السعودية وإيران علاقتهما الدبلوماسية بموجب اتفاق بوساطة الصين في 10 مارس/ آذار الماضي، لكن المفاوضات لم تتجاوز حتى الآن تعزيز حالة التهدئة.
"ويدرك المسؤولون في السعودية (الدولة الثرية الغنية بالنفط) وجود معتدلين داخل قيادة الحوثيين لديهم اهتمام بالأعمال التجارية والتنمية أكثر من الحرب"، كما أضاف هوترون.
وزاد بأنه "حتى المتشددين الحوثيين أصبح لديهم ثروات يريدون حمايتها، كما يوجد تكنوقراط داخل الحوثيين يدركون صعوبة استمرار سيطرة الجماعة في ظل التدهور الاقتصادي المستمر".
و"يراهن المسؤولون السعوديون على أن النهج الذي يعزز المعتدلين من خلال جهود التنمية وإعادة الإعمار سيكون أكثر نجاحا على المدى المتوسط والطويل مقارنة باحتمال العودة إلى الحرب"، كما ختم هورتون.
وتعد السعودية أحد أبرز حلفاء الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، وقبل الحرب على غزة، كانت تجري مباحثات مع إسرائيل، بوساطة واشنطن، لتطبيع بين الرياض وتل أبيب.