• الساعة الآن 02:53 AM
  • 15℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

النقب صحراء النووي والقواعد الجوية... فهل تفتحه إسرائيل للفلسطينيين؟

news-details

حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمته خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المستشار الألماني أولاف شولتز، من أن "تهجير" الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر قد يؤدي لحدوث الأمر نفسه لفلسطينيي الضفة الغربية، مشدداً على أن "فكرة تهجيرهم من القطاع إلى مصر، يعني حدوث أمر مماثل وهو تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الأردن، بالتالي فكرة الدولة الفلسطينية التي نتحدث عنها غير قابلة للتنفيذ". ولفت إلى أنه "إذا كانت هناك فكرة للتهجير، توجد صحراء النقب في إسرائيل يمكن نقل الفلسطينيين إليها حتى تنتهي تل أبيب من مهمتها المعلنة ضد الجماعات المسلحة من (حماس) و(الجهاد الإسلامي) في قطاع غزة".

ما هي صحراء النقب وأين تقع؟

تقع صحراء النقب أو السبع أو شرق سيناء في غرب آسيا، ويحدها من الشرق الصدع الآسيوي الأفريقي متمثلاً بوادي عربة، وصحراء سيناء غرباً، ويفصلها عن البحر الأحمر مدينة "إيلات" من جهة الجنوب، أما من الجهة الشمالية فتعد مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية، من أقرب المدن الفلسطينية إليها، وتعد جغرافياً جزءاً من شبه جزيرة سيناء المصرية. تبلغ مساحتها 14 ألف كيلو متر مربع، وكانت النقب جزءاً من الحدود الانتدابية لفلسطين، وهي اليوم ضمن حدود إسرائيل، ويشكل البدو العرب نصف سكانها تقريباً، حيث بقوا فيها بعد حرب 1948، ويرتبطون اجتماعياً بالقبائل التي تقطن سيناء وشبه الجزيرة العربية والأردن.

وفي السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، شنت مجموعات "كتائب القسام" التابعة لحركة "حماس"، هجوما على مواقع عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في المنطقة المسماة "غلاف غزة"، وهي امتداد لصحراء النقب. وتزامن الهجوم مع مهرجان "نوفا" للموسيقى أقيم في المنطقة بمناسبة "عيد العرش" اليهودي. وأسفر الهجوم عن مقتل المئات من الإسرائيليين، ما استتبع ضربات إسرائيلية ساحقة باتجاه التجمعات السكانية في قطاع غزة، أستعيد على أثرها مشروع تهجير قسم كبير من سكان القطاع إلى صحرا سيناء المصرية، والتي رفضته القاهرة مقترحة على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي فكرة نقلهم إلى صحراء النقب.

فهل تقبل إسرائيل بنقل كتلة بشرية هائلة، هي بطبيعتها معادية لها، لكي تكون على مقربة جغرافية من منشآت حيوية، نووية وعسكرية وعلمية، أقامتها على مدى عقود منذ تأسيسها؟ وما هي تلك المنشآت التي تمثل بالنسبة لإسرائيل، العصب؟

مفاعل "ديمونا" النووي

تمتلك إسرائيل في صحراء النقب قواعد ومطارات ومنشآت عسكرية أهمها مفاعل ديمونا النووي. ووفقاً لـ"مدار" (المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية)، تقع بلدة ديمونا إلى الجنوب الشرقي لمدينة بئر السبع، وأقيمت عام 1955 لتكون بلدة تطوير، وأرسلت إليها جماعات من المهاجرين اليهود الشرقيين (السفاراديين). أما الاسم "ديمونا" فمأخوذ من التوراة، وأنشأت الحكومة الإسرائيلية على عهد ديفيد بن غوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل، مفاعلاً نووياً بالقرب من هذه البلدة، بدئ ببنائه عام 1958 بمساعدة فرنسا، واستمر بناؤه ما بين عامي 1962 و1964. وكان الهدف المعلن من إنشائه توفير الطاقة لمنشآت تعمل على استصلاح منطقة النقب. عام 1986 كشف الفني النووي الإسرائيلي السابق في "ديمونا"، اليهودي المغربي موردخاي فعنونو للصحافة البريطانية كونه معارضاً لأسلحة الدمار الشامل، تفاصيل برنامج الأسلحة النووية الإسرائيلي، الذي يعتقد أن له علاقة بصنع رؤوس نووية ووضعها في صواريخ باليستية وطائرات حربية، ثم في غواصات نووية موجودة في ميناء حيفا، ونتيجة لهذ العمل استدرج فعنونو إلى إيطاليا من قبل وكالة المخابرات الإسرائيلية (الموساد)، حيث خطف، وحوكم بتهمة إفشاء أسرار الدولة، ولا يزال هذا المفاعل أحد أبرز الأسرار المركزية في السياسة والعسكرية الإسرائيلية، ولا يجري الحديث عنه إطلاقاً إلا في ما ندر.

وأثيرت في الآونة الأخيرة مسألة الأخطار البيئية والصحية لمفاعل ديمونا على منطقة شمال النقب وغرب الأردن وشبه جزيرة سيناء، ووفقاً لمجلة "جينز إنتلجنس ريفيو" البريطانية، المتخصصة في المسائل الدفاعية، أن مفاعل ديمونا، أهم منشأة نووية إسرائيلية، دخل في مرحلة الخطر الاستراتيجي، بسبب انتهاء عمره الافتراضي بعد 40 عاماً على مباشرة العمل فيه، وحسب التقارير العلمية وصور الأقمار الصناعية لديمونا التي نشرت في المجلة البريطانية عام 1999 والتي استندت في معلوماتها إلى صور التقطتها الأقمار الصناعية التجارية الفرنسية والروسية، فإن المفاعل النووي يعاني أضراراً جسيمة بسبب الإشعاع النيتروني.

 

الطاقة التشغيلية

يعد مفاعل ديمونا النووي أو "مركز الأبحاث النووية" أهم منشأة نووية إسرائيلية، أسست المفاعلات عن طريق المساعدات الأجنبية، واستفادت إسرائيل من المعطيات الطبيعية المتمثلة في التنقيب المبكر عن اليورانيوم في صحراء النقب تحت إشراف لجنة الطاقة الذرية الإسرائيلية التي تخضع مباشرة لمراقبة وزارة الدفاع الإسرائيلية، ويتألف من ثمانية طوابق تحت الأرض، حيث يعالج فيها الوقود النووي المحترق، وهي المرحلة الأولى لإنتاج القنبلة الذرية، وبدأ تشغيله في ديسمـبر (كانون الأول) عام1963، بدعم من فرنسا التي زودت إسرائيل بالآلات والمعدات اللازمة لذلك، ولهذا المفاعل قدرة كبيرة على إنتاج حوالى تسعة كيلوغرامات بلوتونيوم سنوياً، ما يكفي لصناعة قنبلة نووية بقوة 20 كيلو طناً من المتفجرات، وهي القوة التفجيرية نفسها للقنبلة النووية التي ألقتها الولايات المتحدة على ناغازاكي اليابانية خلال الحرب العالمية الثانية. ويشكل إنتاج البلوتونيوم إحدى أخطر العمليات في العالم، وتشير التقارير الصادرة عن معهد الأبحاث التطبيقية بالقدس ووزارة البيئة الفلسطينية، إلى أن هناك اعتقاداً بأن المفاعل الإسرائيلي استهلك خلال 40 عاماً الأخيرة 1400 طن من اليورانيوم الخام.

ولم تعترف إسرائيل على الإطلاق بامتلاكها أسلحة نووية، لكن وفقاً لبعض الخبراء فهي تمتلك 80 إلى 90 رأساً نووياً من البلوتونيوم المنتج من مفاعل المياه الثقيلة في ديمونا، وفي فبراير (شباط) 2021 نقلت وكالة "أسوشيتد برس" أن المفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونا يشهد أعمال بناء مكثفة وتوسيع وتطوير، وهي الأوسع منذ عقود للمنشأة النووية في صحراء النقب، وفقاً لصور الأقمار الاصطناعية التي أوردتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، نقلاً عن الوكالة، وأظهرت الصور حفرة بحجم ملعب كرة قدم، ومن المحتمل أن يشير هذا العمق إلى بناء من طوابق عدة يقع على بعد أمتار من المفاعل القديم في "مركز شمعون بيريز" للأبحاث النووية في صحراء النقب، بالقرب من مدينة ديمونا، وإضافة إلى ديمونا يوجد مفاعل "بالميكيم" ويقع شمال صحراء النقب، وهو مخصص لإجراء تجارب على الصواريخ النووية مثل صاروخ "أريحا".

 

وفي أكتوبر 2008 ذكرت صحيفة "معاريف" أن الجيش الإسرائيلي سينصب رادارين عملاقين في صحراء النقب في إطار الوسائل الدفاعية في مواجهة إيران، وأوضحت أن ارتفاع الهوائيين، وهما "الأعلى في الشرق الأوسط"، سيبلغ 400 متر وسينصبان في منطقة المفاعل النووي القريب من مدينة ديمونا المحظورة على الطيران، ورداً على استفسار لوكالة الصحافة الفرنسية قال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي "إنها منشأة عسكرية مرتبطة بنشاطاتنا العسكرية العادية" من دون إعطاء مزيد من التفاصيل.

أكبر قاعدة عسكرية في إسرائيل

وفي أبريل (نيسان) 2011، أقرت الحكومة الإسرائيلية مشروعاً لنقل المنشآت العسكرية المهمة إلى صحراء النقب، لتشجيع تنمية هذه المنطقة القاحلة وإخلاء أراض قيمة في وسط البلاد، وصرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في ذلك الوقت مع افتتاح جلسة الحكومة "من دون المبالغة بأهميتها، هذه الخطة نتيجة بحث بدأ منذ فترة طويلة بنقل مقر قيادة الجيش إلى النقب". وتابع أن هذا القرار سيعطي دفعاً كبيراً للتنمية في النقب على الأخص بفضل "وصول آلاف الأشخاص الأكفاء، ما سيؤثر في الصناعة والبناء والثقافة بجميع أشكالها". وفي مارس (آذار) 2014، كشف موقع "إسرائيل ديفنس" أن الخطط الإسرائيلية لتحويل النقب إلى أكبر قاعدة عسكرية في إسرائيل، تضم عشرات آلاف الجنود، وقواعد لحرب "السايبير"، والأسلحة التكنولوجية، ومركز تصنيف واستيعاب المجندين، ستنتهي عام 2020، وأنها ستكلف خزينة الدولة الإسرائيلية 23 مليار شيكل (الشيكل يساوي 0.25 دولار أميركي). وقال الموقع حينها العميد احتياط، حيزي مشيطا، نائب رئيس مديرية نقل وزارة الأمن الإسرائيلية وقواعد الجيش للجنوب، "ستنقل قاعدة التدريب والإرشاد، وغالبية قواعد الاستخبارات العسكرية، والقواعد التكنولوجية إلى النقب، مشيراً إلى أن الحديث يدور عن انتقال نحو 35 ألف جندي، إضافة إلى القوات المتمركزة حالياً في المنطقة، أي ما يوازي ضعف عدد القوات المنتشرة هناك". وكشف مشيطا عن العمل على توسيع القاعدة الجوية في نفاتيم، لاستيعاب سرب طائرات "شمشون" الجديدة، وسرب المقاتلات من طراز "أف 35" التي من المقرر أن يستلمها الجيش الإسرائيلي في الأعوام المقبلة، كما نقل المدرسة التكنولوجية لسلاح الجو الإسرائيلي إلى القاعدة نفسها في النقب، وأشار الموقع إلى أن نقل قواعد الاستخبارات إلى تلك المنطقة، يعني أيضاً نقل 15 ألف جندي مما سيزيد من فاعلية وعمل سلاح الاستخبارات العسكرية.

قاعدة "رامون"

تعد قاعدة رامون الجوية إحدى أكبر وأهم القواعد الجوية الإسرائيلية ذات الأهمية الاستراتيجية، وتبعد عن شبه جزيرة سيناء المصرية ما يقارب 30 كلم، ويطلق على قاعدة رامون بالعبرية "كناف 25"، أي جناح 25، وهو الجناح الذي يحتوي على أقوى الأسراب المقاتلة في سلاح الجو الإسرائيلي، ومنها تنطلق الطائرات الإسرائيلية لاستهداف قطاع غزة، وشيدت القاعدة بتمويل أميركي عام 1982، كجزء من إعادة انتشار سلاح الجو الإسرائيلي خارج سيناء المصرية، وذلك بعد أن تسلمتها مصر عقب توقيع اتفاق" كامب ديفيد" عام 1978.

قاعدة "حتسريم"

قاعدة حتسريم الجوية، تقع في بئر السبع، بالقرب من كيبوتس (مستوطنة زراعية وعسكرية) حتسريم. أنشئت القاعدة في أوائل الستينيات وأعلن تشغيلها في الثالث من أكتوبر 1966، ويوجد فيها متحف القوات الجوية الإسرائيلية، وأكاديمية الطيران التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي منذ أبريل 1966، وبنيت القاعدة بأمر من قائد القوات الجوية الإسرائيلية، عيزر وايزمان، وصممها المهندس المعماري يتسحاق مور، وكان القائد الأول للقاعدة يوسف ألون.

 

قاعدة "نفاتيم"

وفقاً لموقع "المجد" وهو موقع أمني فلسطيني مستقل، تقع قاعدة "نفاتيم" الجوية إلى الجنوب الشرقي لمدينة بئر السبع على أطراف النقب، وأنشئت عام 1947 كمهبط للطيران عرف باسم "مالهاتا"، وأعيد بناؤها بمساعدة أميركية بعد توقيع اتفاقية "كامب ديفيد" بين مصر وإسرائيل، ووفقاً للموقع ما يعطي قاعدة "نفاتيم" الأهمية الكبيرة احتواؤها على مقر القيادة الجوية الاستراتيجية لسلاح الجو الإسرائيلي تحت الأرض، وهو ما تفتقر إليه قواعد سلاح الجو الأخرى في إسرائيل، وجهزت "نفاتيم" لتستوعب المقاتلات الأميركية من طراز (F35) التي تمثل الجيل الخامس من التكنولوجيا الأميركية، إضافة إلى تزويدها بأجهزة محاكاة متطورة خاصة بتدريب الطيارين داخل القاعدة، ويذكر أنه في عام 1981 شاركت طائرات (F16) الموجودة داخل قاعدة "نفاتيم" بقصف المفاعل النووي العراقي "تموز".

قاعدة أميركية-إسرائيلية

وفي سبتمبر (أيلول) 2017، أعلنت الولايات المتحدة وإسرائيل البدء بالعمل في أول قاعدة أميركية-إسرائيلية مشتركة ودائمة للدفاع الصاروخي بين الجانبين في صحراء النقب، ووفقاً للتقارير الإعلامية حينها حملت إقامة القاعدة العسكرية الأميركية الأولى داخل الأراضي الإسرائيلية التعاون العسكري بين الدولتين إلى عصر جديد من خلال تواجد القوات الأميركية استعداداً لأي هجمات محتملة مستقبلية ضد إسرائيل، وقال قائد الدفاع الجوي الإسرائيلي الجنرال زفيكا هايموفيتش حينها أثناء افتتاح القاعدة لوسائل الإعلام الإسرائيلية، إنها الأولى التي تؤسسها إسرائيل مع أصدقائها الأميركيين، ولفت إلى أن "الأعلام الأميركية بدأت ترفرف فوق القاعدة العسكرية، وهذه الخطوة لم تأت كرد مباشر على أي حدث معين، وإنما على ضوء "الدروس" المستفادة من حرب غزة عام 2014، والمخاطر المستقبلية المحتملة ضمن إطار تقارير الاستخبارات، فلنا كثير من الأعداء في القريب والبعيد".

مطار "رامون"

مطار "رامون" وهو مطار إسرائيلي دولي يقع في وادي تمنة في جنوب صحراء النقب، أنشئ بديلاً لمطار إيلات، ويقع المطار على بعد 18 كيلومتر شمال مدينة إيلات، بالقرب من مدينة بئر أورا، ويحتوي على مدرج بمساحة ثلاثة آلاف و600 متر، وهو أطول من مدرج مطار إيلات، ويسمح بهبوط الطائرات الكبيرة. افتتح المطار في 21 يناير (كانون الثاني) 2019، وأطلق عليه اسم إيلان رامون تيمناً باسم طيار عسكري وأول رائد فضاء إسرائيلي، وابنه آساف أيضاً طيار عسكري قتل في حادثة تدريبية.

"أرافا" للطاقة الشمسية

ومن المنشآت الإسرائيلية المشيدة في صحراء النقب محطة طاقة شمسية. في يونيو (حزيران) 2011، كشفت شركة "أرافا" الإسرائيلية للطاقة النقاب عن أول محطة تجارية تعمل بالطاقة الشمسية، وقالت "أرافا" إن المحطة هي الأولى من نحو 50 محطة تعمل بالطاقة الشمسية تعتزم الشركة إقامتها في أنحاء صحراء النقب بحلول نهاية عام 2014.

جامعة بن غوريون

تأسست جامعة بئر السبع عام 1965، باقتراح من "الجمعية العثمانية" التي هدفت لتطوير الجنوب وفقاً لمواقع فلسطينية، وسميت في ذلك الحين "معهد التعليم العالي في النقب"، وفي عام 1969، تبدل الاسم بأمر حكومي، وصار على اسم بن غوريون، وتعد جامعة بئر السبع مركزاً هاماً للتعليم الأكاديمي والأبحاث العلمية، فنسبةً لتاريخها الحديث استطاعت أن تنمو وتزدهر بسرعة لتقدم جزءاً مهماً من الأبحاث العلمية في علوم الزراعة الصحراوية وعلم الآثار، إضافة إلى الأبحاث الطبية وعملها لتطوير الطب الجماهيري.

 

bbc

شارك الخبر: