مع تواصل التصعيد بين إسرائيل وحماس، وما ينطوي عليه من تداعيات أمنية وإنسانية كبيرة، واحتمالات توسع نطاقات الصراع لتطال دولا أخرى، جاءت تصريحات المرشد الإيراني علي خامنئي، الثلاثاء، التي شدد خلالها على أن بلاده "يجب أن ترد على ما يحدث في غزة"، لتزيد من مخاوف اتساع رقعة الحرب وفق مراقبين.
ونقل التلفزيون الرسمي الإيراني عن خامنئي، قوله :"لن يتمكن أحد من إيقاف المسلمين حول العالم وقوى المقاومة إذا استمرت جرائم إسرائيل في غزة".
وأضاف: "يجب أن نرد، يجب أن نرد على ما يحدث في غزة"، داعيا إلى وقف القصف فورا، ومشددا على أنه "يتعين محاكمة المسؤولين الإسرائيليين على جرائمهم".
وكانت وكالة أنباء "فارس" شبه الرسمية ذكرت، الأحد، أن إيران حذرت إسرائيل من التصعيد، إذا لم توقف الاعتداءات على الفلسطينيين.
وقال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان: "إذا لم تتوقف الاعتداءات فأيدي جميع الأطراف في المنطقة على الزناد".
رد إسرائيلي
فيما قال رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، الثلاثاء :"إذا تدخل أعداؤنا ووجهوا ضربات على خلفية الحرب على غزة، فإن الولايات المتحدة ستتدخل".
وتحصل إسرائيل فعليا على دعم سياسي وعسكري كبير من الولايات المتحدة، منذ بدء هجمات حماس قبل أكثر من 10 أيام، بينما لم يوضح المسؤول قصده من تعبير "التدخل الأميركي".
ويستبعد خبراء أن تدخل إيران مباشرة في الصراع، وأن هذه التصريحات هي من باب تسجيل موقف فقط، ولا يمكن ترجمتها عمليا بالنظر لتفاوت موازين القوى العسكرية واختلالها لصالح إسرائيل والولايات المتحدة.
محذرين من أن محاولات طهران لتوظيف ما يحصل في غزة لصالحها، وتحريكها لحزب الله والقوى الموالية له ودفعها للتدخل في الصراع، سينعكس تسعيرا للأزمة وتفجيرا لحرب إقليمية واسعة لن تكون إيران نفسها بمنأى عن نيرانها.
يقول أستاذ العلاقات السياسية إحسان الشمري، في حوار مع موقع سكاي نيوز عربية:
طهران تمضي في توظيف القضية الفلسطينية في إطار الضغوط المتبادلة بينها وبين واشنطن، وتصريحات خامنئي هي غالبا محاولة منها لرفع الحرج عنها كونها لم تتدخل لصالح حماس بعد، لكن الأمر قد ينزلق لانخراط مباشر أو شبه مباشر بدلالة ما يقوم به حزب الله من هجمات متقطعة ضد إسرائيل، وقد تتورط فصائل عراقية كذلك في الصراع.
لكن التدخل الإيراني الصريح والمباشر في الصراع لن يحدث غالبا إلا في حال إستهداف الأراضي الإيرانية، وطهران حريصة على عدم التورط المباشر والمضي في خوض الحملة بالإنابة عبر القوى الدائرة في فلكها في لبنان وفلسطين خاصة، وهكذا فدخولها الحرب لن يكون إلا بعد تعرضها لهجوم إسرائيلي.
من جهته يقول أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأميركية رائد العزاوي، في حديث مع موقع سكاي نيوز عربية:
لا شك أن إيران تحاول الحصول على مكاسب مما يحدث، حيث أن ما حصل في 7 أكتوبر يصب في صالح طهران وسعيها لخلخلة الأوضاع الإقليمية، وهي توظف أذرعها بالمنطقة في مثل هذه الأزمات، وحماس نفسها هي بشكل أو بآخر جزء من هذه الأجندة الإيرانية.
صحيح أن طهران ترفع شعارات كبيرة حول تحرير القدس وفلسطين، لكنها في الواقع مجرد دعاية تمارسها لتمرير مآربها، وهي باتت مكشوفة أمام الفلسطينين والعرب عامة، وأن هذه الشعارات لا تغطي على سعيها للتمدد في المنطقة العربية.
بل أن تدخلاتها وسياساتها هذه تصب في المحصلة في صالح إسرائيل والولايات المتحدة، وتضر القضية الفلسطينية وتسيء لها.
إيران لن تتدخل مباشرة كونها تعرف أن توازن القوى ليس في صالحها بتاتا، وقد تم إبلاغها صراحة من قبل الغرب أن أي تورط لها في الصراع سيتبعه رد فعل مزلزل، لكنها عبر الأذرع والقوى الموالية لها قادرة على إلحاق الأذى بالجانب الآخر.
ولهذا فهي تسعى لاستثمار ما يحصل لفتح أبواب التفاوض مع واشنطن مجددا، حول ملفها النووي ومختلف الملفات العالقة بينها وبين الغرب.
بدوره يقول الأكاديمي وأستاذ العلاقات الدولية غازي حسين، في لقاء مع موقع سكاي نيوز عربية:
كالعادة إيران تتحرك عبر أدواتها في حزب الله بلبنان وحماس وفصائل موالية لها في العراق وغيرها، لكن هذه المرة قد تنفلت الأمور وتصل لحد الاشتباك المباشر بينها وبين الغرب، سيما في ظل إشارات الاتهام لطهران بالوقوف وراء أحداث غزة التي تطلقها دوائر القرار الغربية.
ولهذا فقد يأتي التحرك عبر حزب الله لشن هجمات تصاعدية شمال إسرائيل، وهو ما يقود لاتساع نطاق المواجهة، ويقحم لبنان مع الأسف في أتون حرب مدمرة، لكن قد تصل نيران الحرب لإيران نفسها في ظل تعزيز التواجد العسكري الأميركي في المنطقة لحماية إسرائيل، مع الإعلان عن خطط نشر 2000 جندي أميركي ووصول حاملتي الطائرات دوايت أيزنهاور وجيرالد فورد للمتوسط، علاوة على وجود أكثر من 45 قاعدة عسكرية أميركية منتشرة في الشرق الأوسط.