بلغت أصداء طرد سفارة صنعاء من دمشق مداها. سفارتان لدى سلطات أنصار الله، واحدة في طهران والثانية في دمشق. أبقوا على الأولى حتى حين، وخسروا الثانية بامتياز، حيث يبدو أن الجماعة في صنعاء لم يستوعبوا ما هو دور السفارة. فالصبيانية، على حد وصف مراسل قناة "المنار" اللبنانية في اليمن، لم تقتصر على أداء المؤسسات والأجهزة الحكومية بصنعاء، بل تعدتها حتى إلى التمثيل الدبلوماسي. هكذا هو الحال كما يبدو، فالتشخيص يقول بأن ما حدث عبارة عن فضيحة بكل المقاييس انعكست في تغريدات ناشطي أنصار الله على مواقع التواصل الاجتماعي، مع ما في تلك التغريدات من تراشق وصل حد السباب.
حاولت قيادة الأنصار التغطية على قيام الخارجية السورية بإخطار سفارتهم في دمشق بالمغادرة فورا. كانت شبكة النقار هي أول وسيلة إعلامية نقلت الخبر، فتطاير شرره في كل الجهات لاهبا وعاصفا.
حاول بعض الأنصار إيجاد تبرير لما حدث بالقول إن سوريا تخلت عنهم وقبضت الثمن من السعودية، وهي النبرة التي يعهدها الأنصار بتحميل الآخرين أخطاءهم ثم تخوينهم.
البعض آثر أن يضع النقاط على الحروف كما فعل مراسل المنار خليل العمري، لكن لم يرق ذلك للبعض الآخر كرئيس مؤسسة الثورة للطباعة والنشر في صنعاء عبد الرحمن الأهنومي، ليتحول الأمر إلى تراشق كبير. فالعمري يغرد بأن صبيان المسيرة يعبثون ويشوهون سمعة الدبلوماسية اليمنية، والأهنومي يرد عليه بأن الأمر ليس على ذلك الوجه وإنما السفير السابق نائف القانص هو السبب، ليرد الأخير على الأهنومي بهجوم كاسح، لتمتد الردود أكثر فأكثر.
خليل العمري، وهو أكثر إعلاميي الأنصار جرأة على انتقاد الجماعة، قال في تغريدته حول إغلاق السلطات السورية لسفارة صنعاء في دمشق، مخاطبا كما يبدو رئيس المجلس السياسي مهدي المشاط أو مدير مكتبه أحمد حامد: "تستطيع تعيين صبيانك في الأجهزة والمؤسسات الحكومية داخل إقليم الدولة، ومهما أزكمت روائح عفنهم الأنوف وتزايدت شكاوى الناس ستتجاهلها وتتهمهم الشاكين بالعمالة لكن تعيينهم في سفارات يستوجب على الأقل تعليمهم الأعراف الدبلوماسية".
لغة فيها الكثير من الإهانة المباشرة، خصوصا وأنه ختم تغريدته بالقول: "شوية مزريين".
أما الصبيان الذين قصدهم العمري فهم طاقم السفارة برئاسة الإعلامي عبد الله صبري الذي تم تعيينه قبل سنوات بدلا عن نائف القانص.
لم يطق عبد الرحمن الأهنومي كل تلك الإهانات التي وجهها العمري لقيادة سلطة أنصار الله في صنعاء فباشر تولي الرد بنفسه مقحما القانص في الأمر باعتباره هو من أزكم الأنوف، حسب تغريدته.
قال الأهنومي إن "الذي أزكم الأنوف كان نايف القانص وقد طردوه قبل أعوام...".
أما إغلاق السفارة، فبحسب رئيس تحرير صحيفة الثورة، "له أسباب تتعلق بالعلاقة السعودية السورية". مشيرا إلى أن "السوريين طلبوا ذلك نزولا عن شروط سعودية عليهم مقابل فتح سفارتها اشترطت اغلاق سفارتنا". حد قوله.
وأضاف: "لم نكن نحبذ أن نقول هذا الكلام. لكن أنت وأمثالك (يقصد العمري) والخبيص حقك يخلينا نوضح. أن تتحول إلى ذباب ناقل لأخبار العربية ما هو مناسب عيب".
وكما يبدو، لم يطق نائف القانص، وهو السفير السابق الذي قام أنصار الله بتعيينه سفيرا في عاصمة الممانعة دمشق، أن يرى اسمه يرد على الأهنومي، فشن هجوما ضاريا بدأه بالقول: "من أزكم ريحة السفارة سابقا ولاحقا هم غلمانكم وأطفالكم الذين عبثوا فيها".
وتابع: "أما نايف القانص فانتهت فترة عمله وسلم السفارة وكانت تحظى بمحبة واحترام الجميع وبعلاقات مميزة مع سورية ومع معظم السفارات والمنظمات، ولولاه ما دخلتم السفارة التي سلمها لكم وانتم من ضيعها بتصرفاتكم وتجاوزاتكم للأعراف الدبلوماسية وتعيين الأطفال. فلا تغطي على فشلك بالكذب على الآخرين".
وكأنه لم يكتف بعدُ فزاد موجها كلامه للأهنومي: "وأريد أن اوضح غباءك وغباء من تدافع عنهم بقبح اتهامكم الاخرين. يا غبي، في الأعراف الدبلوماسية أي دبلوماسي يطرد تحدد له مدة للمغادرة ولا يحق له أن يبقى ساعة واحدة بعد انتهاء المدة في الدولة المطرود منها، وكما حدث مع غلمناكم. نايف القانص مقيم بإقامة من وزارة الخارجية السورية مع عائلته ويتمتع بكل المميزات".
وختم رده بالقول: "لن أعمل بردة فعل على أقوال السفهاء من أمثالك، فلدي من الوثائق ما يزكم الأنوف أو أتعامل بمنطقك الغبي. استحي على حالك وتكلم بمنطق يصدقوك الناس".
ربما لدى القانص من الوثائق التي تفضح ما حدث طيلة السنوات من تمثيل دبلوماسي لائق بسفارة أنصار الله ما يمسح حاسة الشم من الوجود وليس يزكم الأنوف فحسب. فهو لا شك سيوثق كل صغيرة وكبيرة لإلقام من أتوا مكانه حجرا. وتبقى الأمور رهن الوقت.
لكن ثمة ردا من خليل العمري على رد عبد الرحمن الأهنومي يشير إلى فضيحة أخرى. إذ يبدو أن العمري استفزته عبارة "أنت وأمثالك" التي أوردها الأهنومي في معرض تهكمه، فقال: "الحقيقة هي أنت وسلطتك برمتها من تتحملون المسؤولية عن كل هذه الانتكاسات والفضائح. أنتم حتى عاجزون عن معالجة آثارها".
وأضاف: "يا عبدو، الخبر قد له اربع ايام دون رواية رسمية. روايتك هذه فضيحة أكبر. إذا الإغلاق برغبة سعودية فعن أي (محور) تطنطنون؟! جا يكحلها اعماها".