• الساعة الآن 08:20 AM
  • 13℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

هل أصبح السيد عثماناً آخر؟!

news-details

 


تتسع هوة المصالح بين الأجنحة فتتعمق الخلافات والصراعات. وبحسب المشهد العام، ليس الحديث هنا عن وجهات نظر متباينة، بل عن تقاطع مصالح وصراع نفوذ قد ينجم عنه انشقاق كبير في جسد أنصار الله.
يدرك زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أن كثيرا من المسائل داخل حركته لم يعد تحت السيطرة، وأصبح التفلت يكاد يكون هو سيد الموقف. قد يطمئنه تماسك قوته العسكرية إلى حد كبير ونجاحها في فرض معادلة ما، لكن ذلك ليس كافيا على الإطلاق، حيث الأداء السياسي للجماعة بشكل عام يظل هزيلا على كافة المستويات.
طيلة سنوات، ظل يتعامل كخليفة أموي أو عباسي تجبى إليه الأموال، من ضرائب وجمارك وزكوات وجبايات، فيما يظهر هو من حين لآخر في الشاشات مخصصا أغلب خطاباته عن زكاة وأوقاف وأموال ضائعة. 
كان يعتقد أنه كلما زاد تدفق تلك الأموال إليه فإن ذلك معناه أن الأمور مستتبة. فطالما أن إيرادات الزكاة والأوقاف والضرائب والجمارك والمسميات الجبائية الأخرى زادت أضعاف أضعاف ما كانت عليه في عهد النظام السابق، بالتالي لم يعد ثمة فساد، بل نظام صارم لا يتهاون في حقوق الدولة. غير أنه لم يدرك أن زيادة إدرار الحليب قد أضر بالمحلوب نفسه وأعجفه، تماما كما اعتقد عثمان من قبل وهو يخبر ابن العاص بأن إيرادات مصر قد زادت عما كانت عليه في عهده: "قد علمت أن اللقحة درت بعدك"، فرد عليه ابن العاص قائلا: "نعم ولكن بعد أن أعجفتم صغارها".
جاءت الهدنة فانقشع الستار مفصحا عن تكون مجموعة مصالح وأجنحة داخل أنصار الله، أصبحت من القوة والنفوذ واتخاذ القرار بحيث لم يعد من الممكن لجمها وكبح جماحها، بل وبدأ ذلك ينعكس على التنظيم العسكري للجماعة.
الآن، والآن فقط تأخذ الأمور مجرى مختلفا، لم تعد فيه مجموعة القرارات المتخذة من حين لآخر من قبل زعيم أنصار الله سوى ردة فعل تحاول قدر الإمكان احتواء الموقف. وعبارة "لقد ملأتم قلبي قيحا" لن تجعل أيا من قيادات تلك الأجنحة يتخلى عما حازه طيلة عقد من سلطة وقوة ونفوذ لخاطر "السيد" و"مشروعه القرآني الكبير". بل إن لسان حالهم يقول: "ألا فلتعتكف أنت في محرابك الأقدس مواصلا خطبك الفقهية ولتترك أمور السياسة لنا، فنحن أدرى بشعابها ومسالكها"، تماما كما كان مروان بن الحكم يقول لعثمان.
 

شارك الخبر: