في خضم الصراع المسلح المستمر منذ أكثر من 5 أشهر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تضاعفت معاناة سكان العاصمة الخرطوم ومدن أخرى بسبب النقص الحاد في الوقود الذي زادت أسعاره بصورة كبيرة ليصبح سعر جالون البنزين (4.5 لتر) 35 ألف جنيه سوداني (58 دولاراً) في السوق الموازية.
وجاء ذلك بعد توقف جميع محطات الوقود في العاصمة السودانية عن الخدمة وتعرض معظمها للنهب والتخريب وسط الاشتباكات المستمرة، ما أدى إلى انتعاش السوق السوداء، وهذه القفزة الكبيرة في أسعار الوقود بعد أن كان سعر جالون البنزين لا يتجاوز 3 آلاف و600 جنيه سوداني قبل اندلاع الصراع في منتصف أبريل.
وقال الجميل الناير، مدير مجموعة محطات قود في الخرطوم، لوكالة أنباء العالم العربي (AWP)، إن وزارة الطاقة السودانية توقفت عن تزويد محطات الوقود في العاصمة منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع التي خلفت أكثر من 3 آلاف ضحية و6 آلاف جريح، وفقاً للأرقام الرسمية، وتسببت في نزوح أكثر من 5 ملايين داخل السودان وخارجه.
وأوضح أنَّ الظروف التي تمر بها الخرطوم لا تسمح بتزويد المحطات بالوقود "لذلك يتم تهريبه بشقيه البنزين والجازولين من الولايات إلى العاصمة وبيعه في السوق السوداء".
وأشار الناير إلى أن جميع محطات الوقود التي يديرها، والبالغ عددها 17 محطة موزعة على مدن العاصمة الثلاث (الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري)، تعرضت للنهب والتخريب من قبل مجموعات ترتدي زياً عسكرياً، كما هو حال معظم محطات الوقود في الخرطوم.
"الجيش يمنع الوقود"
يقول خالد عصام، وهو أحد تجار الوقود في السوق السوداء، لوكالة أنباء العالم العربي: "مع بداية الحرب، كان الوقود يأتينا من مدينة شندي في ولاية نهر النيل والولاية الشمالية".
وأضاف: "لكن قبل حوالي شهر، منع الجيش دخول الوقود إلى العاصمة خوفاً من تسربه إلى قوات الدعم السريع الأمر الذي تسبب في أزمة كبيرة"، مشيراً إلى أنَّ ندرة الوقود تسببت في ارتفاع سعر الجالون "بشكل جنوني" ليصل إلى 35 ألف جنيه وأحياناً إلى 40 ألفاً.
وشكا عصام من أن التجار يعانون عمليات نهب متكررة من قبل قوات عسكرية في أثناء بيعهم الوقود في الأسواق، على حد وصفه.
وقال إن التجار يلجؤون لحيل من أجل بيع الوقود، ومنها التظاهر ببيع زجاجات مياه مع إخفاء الوقود داخل المتاجر "وعندما يأتي شخص يطلب وقود نجلبه له".
وتوقف محمد إبراهيم عن العمل سائقاً لسيارة أجرة منذ أكثر من شهر بسبب انعدام الوقود.
وقال إبراهيم، الذي كان ينقل الركاب من شمال أم درمان إلى مدينة شندي بولاية نهر النيل على بعد 181 كيلومتراً شمالي العاصمة: "هناك شح في الوقود حتى في مدن ولاية نهر النيل على الرغم من أنَّ الحرب لم تطلها".
وذكر في حديثه لوكالة أنباء العالم العربي، أنَّ الحصول على الوقود هناك يكلفه الانتظار أحياناً لمدة 4 أيام في محطات الوقود.
وأضاف إبراهيم، الذي يتنقل بين ولايتي الخرطوم ونهر النيل بحكم عمله، أنَّ مواصلات النقل الداخلية تأثرت أيضاً بأزمة الوقود.
"معاناة مزدوجة"
تشكو سوزان عطا الله القاطنة في مدينة أم درمان من معاناة مزدوجة بسبب القتال المستمر الذي يتسبب في انقطاع الكهرباء لساعات طويلة ما دفع الناس إلى شراء مولدات احتياطية، ولكنهم باتوا الآن يعانون "الأمرين" للحصول ولو على جالون واحد لتشغيل المولد الكهربائي.
وأبلغت السيدة السودانية وكالة أنباء العالم العربي، بأن والدتها التي تقيم معها كبيرة في السن ومصابة بمرض مزمن وتعاني كثيراً في أثناء انقطاعات التيار الكهربائي التي تستمر لساعات.
وتابعت بنبرة حزينة: "نحتاج ولو إلى جالون واحد يمكن أن يساعدنا في تشغيل المولد الكهربائي خلال ساعات انقطاع التيار".
وأكد مصدر بوزارة الطاقة السودانية أنَّ الوزارة توقفت عن إمداد الولايات المتاخمة للخرطوم بالوقود خاصة البنزين خوفاً من تهريبه إلى قوات الدعم السريع.
وأشار المصدر، الذي تحدث إلى وكالة أنباء العالم العربي بشرط عدم ذكر اسمه، إلى توقف مصفاة الجيلي في شمال مدينة الخرطوم بحري، وهي المصفاة الرئيسية في السودان، عن العمل تماماً بعد سيطرة قوات الدعم السريع عليها في الأيام الأولى للصراع.
وقال إنَّ المصفاة كانت تنتج 100 ألف برميل يومياً، أي ما يعادل 40-45% من احتياجات البلاد من الوقود، وإن وزارة الطاقة كانت تستورد الكميات المتبقية لسد العجز.
المصدر: وكالات