أعلن رئيس "حماس" في غزة خليل الحية أمس السبت أن الحركة مستعدة لتسليم سلاحها إلى "الدولة" التي ستدير القطاع مستقبلاً، لكن ذلك مرتبط بانتهاء "الاحتلال" الإسرائيلي.وقال الحية في بيان لوسائل الإعلام "سلاحنا مرتبط بوجود الاحتلال والعدوان وإذا انتهى الاحتلال فسيؤول هذا السلاح إلى الدولة"، وأوضح مكتب الحية لوكالة الصحافة الفرنسية أنه قصد بالدولة "دولة فلسطينية مستقبلية ذات سيادة". وأضاف أن "السلاح لا يزال موضع نقاش مع الفصائل والوسطاء، والاتفاق لا يزال في بدايته، ونقبل القوات الأممية كقوات فصل ومراقبة للحدود ومتابعة لوقف إطلاق النار في غزة".
المفاوضات تمر بمرحلة حرجة
من جهة أخرى قال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إن المفاوضات حول ترسيخ وقف إطلاق النار في غزة تمر بمرحلة حرجة، وأردف خلال جلسة نقاش ضمن فعاليات منتدى الدوحة أن الوسطاء يعملون معاً على دفع الجهود لدخول المرحلة التالية من وقف إطلاق النار، وتضطلع قطر بدور الوساطة لإنهاء الحرب.
وهدأت أعمال العنف لكنها لم تتوقف منذ سريان وقف إطلاق النار في غزة في الـ10 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأفادت تقارير بمقتل سبعة أشخاص في الأقل اليوم.وقال رئيس الوزراء القطري "نحن في لحظة حرجة، لم نحقق الهدف بعد، لذا فإن ما قمنا به للتو هو مجرد توقف موقت"، وتابع "لا يمكننا اعتباره وقفاً لإطلاق النار بعد، لا يمكن أن يكتمل وقف إطلاق النار من دون انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية وعودة الاستقرار لغزة وتمكن السكان من الدخول والخروج، وهذه ليست الحال اليوم".
قوة مدنية وقوة شرطية
في سياق متصل صرح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان لـ"رويترز" بأن عدم دفع خطة وقف إطلاق النار في غزة، المدعومة من الولايات المتحدة، إلى مرحلتها التالية سيكون "فشلاً ذريعاً" للعالم وواشنطن، مشيراً إلى أن الرئيس دونالد ترمب قاد بنفسه هذه الجهود.
وخلال مقابلة على هامش منتدى الدوحة، قال فيدان إنه ينبغي تشكيل إدارة مدنية فلسطينية ذات صدقية وقوة شرطة مدربة حتى يتسنى لـ"حماس" إلقاء السلاح، مضيفاً أن الحركة مستعدة لتسليم إدارة القطاع.
وأوضح "أولاً، علينا أن نرى اللجنة الفلسطينية المؤلفة من متخصصين فنيين تتولى إدارة غزة، ثم علينا أن نرى تشكيل قوة شرطة، من الفلسطينيين وليس 'حماس'، لتأمين غزة مرة أخرى".
وتنص الخطة على إدارة فلسطينية تكنوقراط موقتة في القطاع، يشرف عليها "مجلس سلام" دولي وتدعمها قوة أمنية متعددة الجنسيات، وقد ثبتت صعوبة المفاوضات حول تشكيل هذه القوة وتفويضها.
وقال فيدان إن قوة شرطة غزة ستدعمها قوة الاستقرار الدولية، مردفاً أن واشنطن تضغط على إسرائيل في شأن مسعى تركيا للانضمام إلى القوة، وأبدت أنقرة استعدادها لنشر قوات إذا اقتضت الحاجة.
المستشار الألماني في إسرائيل
أكد المستشار الألماني فريدريش ميرتس أمس السبت في القدس دعم بلاده "الثابت" لإسرائيل، وذلك خلال زيارته الأولى منذ توليه منصبه التي تهدف إلى إعادة تعميق الروابط التقليدية بين البلدين عقب بعض التباينات بسبب حرب غزة.
وقال ميرتس الذي أثار استياء السلطات الإسرائيلية بقراره في أغسطس (آب) الماضي فرض حظر جزئي على صادرات الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل رداً على تكثيفها قصف غزة، إن "الوقوف إلى جانب هذا البلد يشكل جزءاً من جوهر سياسة جمهورية ألمانيا الاتحادية الثابت والأساس وسيظل كذلك".
وأضاف ميرتس الذي رفع هذا الحظر في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعد وقف هش لإطلاق النار لا يزال سارياً منذ شهرين، "شكلت تصرفات الجيش الإسرائيلي في غزة بعض المعضلات بالنسبة إلينا (...) وقمنا بالرد عليها"، مؤكداً "وجدنا أيضاً أنه حتى الآن، لا يوجد في الأساس أي تباعد بيننا".
وتابع أن "إسرائيل لديها الحق في الدفاع عن نفسها لأنها الطريقة الوحيدة لضمان حق إسرائيل في الوجود".
ومن المقرر أن يجتمع ميرتس برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو صباح الأحد.
ويعد هذا حدثاً بارزاً في ظل العزلة الدولية التي يعانيها نتنياهو منذ بدء الحرب في غزة قبل أكثر من عامين.
ومن المتوقع أن يبحث المستشار ورئيس الوزراء الجهود المبذولة للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد نحو شهرين من دخوله حيز التنفيذ.
دور بناء
وتهدف زيارة ميرتس إلى تعزيز العلاقة المتميزة بين ألمانيا وإسرائيل، على رغم التباينات بينهما بسبب حرب غزة وعنف المستوطنين اليهود المتطرفين في الضفة الغربية المحتلة.
وقبيل زيارته لإسرائيل، دعا ميرتس الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى إجراء "إصلاحات ضرورية وعاجلة" في السلطة من أجل "أداء دور بناء" في قطاع غزة بعد الحرب.
وفي محادثة هاتفية مع الزعيم الفلسطيني، دان ميرتس أيضاً "الزيادة الهائلة في عنف المستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين" في الضفة الغربية المحتلة، بحسب المتحدث باسم الحكومة الألمانية ستيفان كورنيليوس.
وأشاد أيضاً بـ"الموقف المتعاون" للسلطة الفلسطينية تجاه خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مؤكداً مجدداً دعم برلين لحل الدولتين، بحسب المصدر نفسه.
وسبق ذلك محطة مقتضبة لميرتس في الأردن، أجرى خلالها محادثات مع الملك عبدالله الثاني.
وقال ميرتس في تصريح لصحافيين إن اللقاء تناول بشكل أساس عملية السلام الهشة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية.
من جانبه، أفاد بيان للديوان الملكي الأردني بأن الملك أكد ضرورة "التزام تنفيذ اتفاق إنهاء الحرب بجميع مراحله وإيصال المساعدات الإنسانية".
وتناول اللقاء بحسب البيان "عمق العلاقات الأردنية الألمانية، إذ أكد الملك الحرص على توسيع التعاون في شتى المجالات، بخاصة الاقتصادية والدفاعية، ومواصلة التنسيق لدعم جهود تحقيق الاستقرار في المنطقة".
توقعات عالية
وتدعم ألمانيا إسرائيل بشدة وتبرر ذلك بمسؤوليتها التاريخية عن محرقة اليهود، ومن المقرر أن يزور ميرتس الأحد مؤسسة ياد فاشيم التي تخلّد ذكرى الضحايا اليهود لألمانيا النازية.
على رغم ذلك، شددت برلين في الأشهر الأخيرة نبرتها تجاه إسرائيل مع تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة بصورة كبيرة.
ويظل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة هشاً وغير مستقر، مع تبادل إسرائيل و"حماس" الاتهامات بانتهاكه بصورة شبه يومية، وهو ما يثير تساؤلات حول استكمال تنفيذ خطة ترمب لإنهاء الحرب وإعادة إعمار غزة.
وكان ميرتس قد أكد مباشرة بعد فوزه في الانتخابات التشريعية في نهاية فبراير (شباط) الماضي، أن نتنياهو يمكنه زيارة ألمانيا على رغم مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية.
لكن المستشارية عادت وأكدت أخيراً أن هذا "ليس موضوعاً للنقاش في الوقت الراهن".
وقال مايكل ريميل، مدير مؤسسة كونراد أديناور في القدس المرتبطة بشكل وثيق بحزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي الذي يتزعمه ميرتس، في حديث لوكالة "الصحافة الفرنسية"، إنه أصبح الآن لدى نتنياهو "توقعات عالية" ويأمل في "إشارة دعم مستمرة" من برلين.