عدّ البيت الأبيض، أمس الأحد، أن المحادثات في سويسرا بشأن مقترح لإنهاء الحرب في أوكرانيا، شكلت "خطوة مهمة إلى الأمام"، مجدداً التأكيد على أن أي اتفاق نهائي يجب أن "يحترم بالكامل" سيادة أوكرانيا.
وقال بيان أميركي- أوكراني مشترك أصدرته واشنطن بعد المحادثات في جنيف، إنه "نتيجة للمناقشات، صاغ الطرفان إطاراً محدثاً ومحسناً لخطة السلام". وأعطى إعلان البيان عن إطار جديد لخطة السلام مؤشراً إلى إجراء تغييرات فعلية. وأفاد البيان المشترك أن "المحادثات كانت بناءة ومركزة وقائمة على الاحترام وأكدت الالتزام المشترك بتحقيق سلام عادل ودائم".
وأضاف، "أظهرت المناقشات تقدماً ملموساً نحو توحيد المواقف وتحديد خطوات تالية واضحة"، مشددة على أن "أي اتفاق مستقبلي يجب أن يحترم بالكامل سيادة أوكرانيا ويحقق سلاماً مستداماً وعادلاً".
وتعهد الجانبان مواصلة العمل على مقترحات مشتركة "في الأيام المقبلة". وأشار بيان البيت الأبيض إلى أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو وفريقه أكدوا التزام واشنطن "ضمان بقاء سيادة أوكرانيا وأمنها وازدهارها المستقبلي في صميم العملية الدبلوماسية الجارية".
وكان روبيو أبدى "تفاؤلاً كبيراً" بعد المحادثات مع مسؤولين أوكرانيين وأوروبيين في جنيف حققوا خلالها "تقدماً كبيراً" بشأن خطة الرئيس دونالد ترمب لوقف الحرب في أوكرانيا.
وقال روبيو للصحافيين، "أعتقد أننا أحرزنا تقدماً كبيراً"، مضيفاً "لدي تفاؤل كبير بأننا سنبلغ الهدف في فترة زمنية معقولة جداً، قريباً جداً". وتابع "أؤكد لكم أن القضايا المتبقية ليست مستعصية على الحل. نحن ببساطة بحاجة إلى مزيد من الوقت". وأكد مجدداً أن الروس "سيكون لهم رأي". وأفاد الوزير في تصريحات سابقة، أمس، بأن هذه المحادثات "هي على الأرجح الأكثر إنتاجية وأهمية... حتى الآن في هذه العملية برمتها".
بدوره قال كبير المفاوضين الأوكرانيين أندريه يرماك، وهو مدير مكتب الرئاسة، "لقد أحرزنا تقدماً جيداً للغاية، ونحن نمضي قدماً نحو السلام العادل والدائم الذي يستحقه الشعب الأوكراني". وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن مشاركة أوكرانيا في حوار مع ممثلي الولايات المتحدة أمر جيد، مشيراً إلى أن هناك إشارات على أن فريق دونالد "يستمع" إلى الأوكرانيين.
وأضاف في كلمته المسائية المصورة "تتواصل المحادثات في سويسرا. ستعمل الفرق عملياً حتى الليل وسيكون هناك مزيد من التقارير". ومضى يقول، "من المهم أن يكون هناك حديث مع الممثلين الأميركيين وهناك إشارات إلى أن فريق الرئيس ترمب يسمعنا".
وجاء ذلك بعدما أشار إلى أن النسخة الجديدة من الخطة الأميركية تعكس بالفعل "معظم الأولويات الرئيسة لكييف". لكن المسؤولين لم يكشفوا أي تفاصيل بشأن المناقشات حول الخطة الأميركية المؤلفة من 28 نقطة، التي تهدف إلى إنهاء النزاع المستمر مع روسيا منذ نحو أربعة أعوام.
وقال زيلينسكي، إنه ممتن "شخصياً" لترمب، بعد أن اتهم الأخير على وسائل التواصل الاجتماعي كييف مجدداً بـ"عدم إظهار الامتنان".
وكتب ترمب على منصته "تروث سوشيال"، إن "القيادة الأوكرانية لم تعرب عن أي امتنان لجهودنا"، مضيفاً "ورثتُ حرباً ما كان ينبغي أن تحدث أبداً وخاسرة للجميع".
وكان الرئيس الأميركي قد أمهل نظيره الأوكراني حتى 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري للرد. غير أن روبيو أبدى، أمس، بعض المرونة في ما يتعلق بالجدول الزمني، قائلاً "نريد إنجازه بأسرع وقت ممكن. ومن الواضح أننا نرغب في أن يتم ذلك الخميس".
وقوبلت النسخة الأولية من الوثيقة باعتراضات من كييف وحلفائها الأوروبيين الذين جاءوا إلى جنيف، أمس الأحد، سعياً لتعديلها.
ترمب "راض"
تابع وزير الخارجية الأميركي من جنيف، "لقد جئنا إلى هنا اليوم بهدف واحد، وهو الاتفاق، كما تعلمون، على 28 أو 26 نقطة، بحسب النسخة لأنها تستمر في التطور، ومحاولة تقليل عدد النقاط العالقة، وقد حققنا ذلك اليوم إلى مدى كبير جداً".
وأكد أن ترمب "راض تماماً عن المعلومات" التي تلقاها بشأن "التقدم" الذي تم تحقيقه خلال المحادثات في سويسرا.
من بين الحاضرين من الجانب الأميركي في المحادثات جاريد كوشنر، صهر ترمب، والقائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي في أوروبا الجنرال أليكسوس غرينكويش.
وعقدت عدة اجتماعات تنسيقية بين الأوروبيين والأميركيين والأوكرانيين، قبل اجتماع ثنائي مطول للوفدين الأخيرين في مقر البعثة الأميركية في جنيف.
زيارة محتملة لزيلينسكي إلى واشنطن
قال مصدران مطلعان، أمس الأحد، إن مسؤولين أميركيين وأوكرانيين يناقشون زيارة محتملة لزيلينسكي إلى واشنطن هذا الأسبوع لمناقشة خطة سلام مع ترمب، وفق ما ذكرته وكالة "رويترز".
وقال أحد المصدرين، إن الفكرة الرئيسة هي أن يناقش ترمب وزيلينسكي القضايا الأكثر حساسية التي طرحتها الولايات المتحدة في الاقتراح مثل مسألة الأراضي. وقال المصدر إنه لا يوجد موعد مؤكد في الوقت الحالي.
ترحيب روسي
من جانبه، رحب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمقترح الأولي الذي يتضمن عدة مطالب رئيسة لموسكو: أن تتنازل أوكرانيا عن أراض، وتوافق على تقليص حجم جيشها، وتتخلى عن فكرة العضوية في حلف شمال الأطلسي (الناتو). كما يقدم النص ضمانات أمنية غربية لكييف لمنع أي هجمات روسية مستقبلاً.
وينص المقترح أيضاً على إنهاء عزلة روسيا عن العالم الغربي، مع إعادة دمجها في مجموعة الثماني ورفع العقوبات عنها تدريجاً.
دور "مركزي" للاتحاد الأوروبي
في جنيف، شاركت دول أوروبية في الاجتماعات، أمس الأحد، مع سعيها إلى أن تكون جزءاً من المفاوضات بشأن الخطة.
وتحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يقوم بجولة في أفريقيا، هاتفياً مع نظيره الأوكراني، فيما قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس، إنه "متشكك" بشأن التوصل إلى اتفاق بشأن الخطة بحلول 27 نوفمبر.
وأضاف ميرتس خلال قمة مجموعة الـ20 في جوهانسبرغ "المهمة الآن هي جعل الخطة (...) وثيقة قابلة للتطبيق". وأشار إلى أنه قدم اقتراحاً، قيد المناقشة حالياً في جنيف، قد يسمح "باتخاذ خطوة أولى على الأقل الخميس".
وقال الرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب لوكالة "الصحافة الفرنسية"، إنه اتصل بنظيره الأميركي، أمس، إلى جانب رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، لمناقشة الخطة الخاصة بأوكرانيا.
وصرحت ميلوني بأنه ليس من الضروري تقديم "اقتراح بديل شامل" للخطة. وأكدت أن المناقشات في "مرحلة دقيقة جداً" وتمثل اختباراً لأوروبا.
من جانبها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، إنه "ينبغي أن تتمتع أوكرانيا بالحرية والحق السيادي في اختيار مصيرها". وشددت على وجوب "الاعتراف الكامل" بالدور "المركزي" للاتحاد الأوروبي في أي خطة تهدف إلى إنهاء الحرب.
وكانت 11 دولة، معظمها أوروبية، قالت في بيان مشترك، أمس السبت، إن الخطة الأميركية "ستتطلب مزيداً من العمل". وأبدت خشيتها من أنها قد تترك أوكرانيا "عرضة لهجمات مستقبلية".
ومن المقرر أن يعقد زعماء الاتحاد الأوروبي اجتماعاً بشأن أوكرانيا، الإثنين، على هامش قمة مع زعماء أفارقة في أنغولا، كما أعلن الرئيس الفرنسي عن اجتماع عبر الفيديو الثلاثاء لدول "تحالف الراغبين" الداعمة لأوكرانيا.
هجوم روسي على خاركيف
ميدانياً، قال مسؤولون إن القوات الروسية شنت هجوماً "ضخماً" بطائرات مسيرة، أمس الأحد، على خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، مما أسفر عن مقتل ثلاثة وإصابة عدة أشخاص.
وقال رئيس بلدية خاركيف إيهور تيريخوف على تطبيق "تيليغرام" "هناك هجوم ضخم على خاركيف". وذكر أن ثلاثة قتلوا، وقال أوليه سينيهوبوف حاكم المنطقة إن ثمانية أصيبوا.
وتقع خاركيف على بعد 30 كيلومتراً من الحدود الروسية، وصمدت أمام المحاولات الروسية للاستيلاء عليها في وقت مبكر من الحرب المستمرة منذ أكثر من 3 سنوات ونصف السنة، وأصبحت منذ ذلك الحين هدفاً متكرراً للهجمات.
وقال حاكم منطقة دنيبروبيتروفسك في الجنوب، إن شخصين قتلا في هجوم روسي على بلدة مارهانيت.
تحقيق مع ابنة رئيس جنوب أفريقيا السابق
من جانبها، قالت شرطة جنوب أفريقيا، أمس الأحد، إنها ستحقق مع دودوزيل زوما-سامبودلا، ابنة رئيس البلاد السابق جاكوب زوما، واثنين آخرين لدورهم المزعوم في استدراج 17 رجلاً للقتال لمصلحة روسيا في أوكرانيا.
ويأتي التحقيق في أعقاب طلب رسمي قدمته نكوسازانا بونجانيني زوما-منكوبي، الأخت غير الشقيقة لزوما-سامبودلا، للسلطات للنظر في هذه المسألة.
وقالت رئاسة جنوب أفريقيا في وقت سابق هذا الشهر، إنها ستحقق في كيفية انضمام الرجال، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 20 و39 سنة، إلى قوات المرتزقة بعد أن أرسلوا نداءات استغاثة للمساعدة في العودة إلى ديارهم.
وقالت الشرطة في بيان، "تقول السيدة منكوبي إن الرجال جرى استدراجهم إلى روسيا تحت ادعاءات كاذبة وتسليمهم إلى مجموعة مرتزقة روسية للقتال في الحرب الأوكرانية من دون علمهم أو موافقتهم".
وأضافت الشرطة، أن ملف التحقيق جرى تسليمه إلى وحدة الشرطة المتخصصة (الصقور) لإجراء مزيد من التحقيقات. ولم يرد ممثل قانوني لزوما-سامبودلا بعد على طلب للتعليق.