خاص-النقار
من يراقب سلطة صنعاء (الحوثي)، هذه الأيام، يخالها نسخة محدثة من حكايات ألف ليلة وليلة، حيث إعلامها لا يمل من ترديد أناشيد البطولة والتحدي، ومطبلوها لا يتوقفون عن النفخ في صورة "القلعة الحصينة" التي تتحدى العالم بأساطيله وبارجاته.
لكن المفارقة المضحكة حد البكاء أن هذه السلطة نفسها ترتجف أمام رجل ثمانيني عليل الجسد، أنهكه العمر والمرض، لتسوقه إلى الزنازين وكأنها أنجزت فتحاً مبيناً. أي بطولة هذه التي تُقاس باعتقال شيخ طاعن في السن، بينما تتبجح بأنها تواجه قوى عظمى؟
يحتاج المرء إلى جرعة مضاعفة من السخرية والتهكم ليستوعب ما تفعله تلك السلطة، فهي سلطة بلا خجل.
بعيداً عن كون حمود العودي بروفيسوراً في علم الاجتماع وأحد أساتذة جامعة صنعاء القدامى الذين قضوا أعمارهم في المعرفة، وبعيداً عن كونه لم يحمل في حياته سوى قلمه وذاكرة وطنه، فإن كل ذلك لا قيمة له في نظر سلطة قائمة على الاستباحة لكل شيء. كان عليها فقط أن تنظر إلى سنه الطاعن لتدرك ألا خطر يتهددها من رجل في الثمانين، وهي التي تزهو بأنها تحدت بارجات وأساطيل عالمية.
لكن يبدو أن شجاعة "القلعة الحصينة" لا تُترجم إلا في جرّ شيخ عليل إلى المعتقل، لتثبت أنها لا ترى في العمر حرمة، ولا في العلم قيمة، ولا في التاريخ اعتباراً.
هكذا تترك سلطة صنعاء بلاطجة التاريخ بلا دور، وتنافس الصهاينة الذين تدّعي أنها تحاربهم، وقد سبقتهم في اعتقال العجزة وملء الزنازن بهم.
إنها باختصار سلطة مدججة بالسلاح، مزهوة بالقوة، لكنها لا تجد ما تستعرض به عضلاتها سوى رجل ثمانيني اسمه حمود العودي. ويا لها من بطولة تُضحك حتى الطغاة!