نددت وزارة الخارجية الروسية اليوم الخميس بالعقوبات الأميركية الجديدة على شركتي "روسنفت" و"لوك أويل" النفطيتين، مؤكدة أن روسيا "محصنة" ضد هذه القرارات الاقتصادية.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا ضمن إحاطتها الأسبوعية "نرى أن هذه الخطوة ستأتي بنتائج معاكسة"، مضيفة أن "بلادنا طورت حصانة متينة ضد القيود الغربية، وستواصل تطوير قدرتها الاقتصادية بما يشمل مجال الطاقة".
وأكدت الصين اليوم أنها "تعارض" العقوبات الأخيرة التي فرضتها الولايات المتحدة على أكبر شركتي نفط روسيتين على خلفية الحرب في أوكرانيا، مشيرة إلى أن "لا أساس لها في القانون الدولي".
كذلك، انتقد الناطق باسم وزارة الخارجية غو جياكون خلال مؤتمر صحافي العقوبات على روسيا التي اتفق عليها الاتحاد الأوروبي أمس الأربعاء، وتشمل ضمن أهدافها شركات صينية، مشدداً على أن "الصين لم تتسبب بالأزمة الأوكرانية وليست طرفاً فيها".
أقرت دول الاتحاد الأوروبي اليوم الخميس رسمياً الحزمة الـ19 من العقوبات ضد روسيا بسبب حربها على أوكرانيا.
وتشمل العقوبات حظراً على واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي.
وكانت دول الاتحاد الأوروبي وافقت على الحزمة أمس الأربعاء بعدما أنهت سلوفاكيا تحفظها عليها.
ويهدف القادة الأوروبيون إلى إظهار دعمهم للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في بروكسل اليوم، بعد تقلبات خلال الأيام القليلة الماضية التي شهدت إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن خطط للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتراجعه عن ذلك.
ومن المتوقع أن يلتقي قادة الاتحاد الأوروبي خلال قمة بروكسل مع زيلينسكي، ويؤكدون مجدداً دعمهم لوحدة أراضي أوكرانيا ويتفقون على تطوير اقتراح باستخدام الأصول الروسية المجمدة لتقديم قرض كبير لكييف.
وسيتلقى زيلينسكي أيضاً دعماً من حزمة عقوبات جديدة فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا.
وكان ترمب أعلن الأسبوع الماضي أنه ونظيره الروسي سيلتقيان قريباً في بودابست، مما أثار قلق حلفاء كييف الأوروبيين، لكن عُلقت الخطط للقمة.
وفرضت الولايات المتحدة أمس عقوبات على شركتي نفط روسيتين كبيرتين.
وفي أعقاب اجتماع شابه التوتر بين ترمب وزيلينسكي داخل البيت الأبيض الجمعة الماضي، يحرص القادة الأوروبيون على إظهار أن أوكرانيا لا يزال بإمكانها الاعتماد على دعمهم.
ومن علامات الدعم طويل الأمد اقتراح من المفوضية الأوروبية باستخدام الأصول الروسية المجمدة في أوروبا لتقديم "قرض تعويض" بقيمة 140 مليار يورو (163 مليار دولار) إلى أوكرانيا.
وقال مسؤول كبير في إدارة زيلينسكي لـ"رويترز" إن أوكرانيا تحتاج إلى الأموال بحلول نهاية العام والاستقلالية في كيفية إنفاقها.
ووصفت روسيا الفكرة بأنها استيلاء غير قانوني على الممتلكات وحذرت من الانتقام.
ووافقت دول الاتحاد الأوروبي على الحزمة رقم 19 من العقوبات ضد روسيا خلال وقت متأخر أمس، بعدما أنهت سلوفاكيا تحفظها الذي عطل الاتفاق على الحزمة.
وتشمل الحزمة حظراً على الغاز الطبيعي المسال الروسي اعتباراً من يناير (كانون الثاني) 2027، إضافة إلى إجراءات جديدة على ما يسمى أسطول ناقلات الظل واثنتين من مصافي النفط الصينية المستقلة.
هجوم أوكراني بمسيرات
قال حاكم منطقة ريازان الروسية بافل مالكوف إن حريقاً اندلع في شركة بالمنطقة اليوم الخميس بعد هجوم شنته أوكرانيا بطائرات مسيرة.
وأضاف عبر تيليغرام "اندلع حريق في محيط إحدى الشركات نتيجة سقوط حطام".
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها أسقطت 139 طائرة مسيرة خلال الليل، منها 14 في منطقة ريازان.
على الصعيد الدبلوماسي نفى الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس الأربعاء صحة تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" تحدث عن موافقة واشنطن على استخدام أوكرانيا صواريخ بعيدة المدى لضرب العمق الروسي، مؤكداً أن الولايات المتحدة "لا علاقة لها بتلك الصواريخ".
ونقلت "وول ستريت" عن مسؤولين أميركيين، لم تذكر هويتهم، قولهم إن الإدارة الأميركية ألغت قيوداً على استخدام أوكرانيا لبعض الصواريخ بعيدة المدى التي يوفرها لها حلفاء غربيون.
ووقع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خطاب نوايا في السويد أمس الأربعاء لشراء ما يصل إلى 150 طائرة مقاتلة من طراز "غريبن"، وذلك خلال جولة أوروبية تهدف إلى تأمين مزيد من المساعدات في مواجهة القصف الروسي المستمر للبلاد.
على الصعيد الدبلوماسي، ومع وصول المفاوضات إلى ما يشبه الطريق المسدود لإنهاء النزاع، أكدت موسكو الأربعاء أن القمة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترمب لا تزال قائمة.
وقد التقى الرئيس الأوكراني برئيس الوزراء النروجي يوناس غار ستور أمس الأربعاء في أوسلو، ثم سافر إلى السويد وانتقل برفقة رئيس الوزراء أولف كريسترسون إلى مدينة لينشوبينغ، مهد مجموعة "ساب" للصناعات الدفاعية التي تنتج طائرة "غريبن" المقاتلة.
وأعلن كريسترسون أن زيلينسكي وقع خطاب نوايا بهدف شراء كييف ما بين 100 و150 طائرة مقاتلة من أحدث طرازات "غريبن"، بغية "بناء سلاح جو أوكراني جديد وقوي".
بعد ذلك، سيسافر زيلينسكي إلى بروكسل للمشاركة الخميس في قمة قادة الاتحاد الأوروبي، حيث تأمل الدول الأعضاء في الاتفاق على دعم مالي طويل الأجل لأوكرانيا، ثم ينتقل الجمعة إلى لندن، إذ يعقد اجتماع لتحالف للدول الراغبة في تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا.
وتأتي هذه الجولة على الحلفاء الأوروبيين بعد زيارة زيلينسكي غير المثمرة إلى واشنطن الأسبوع الماضي، التي لم يتمكن فيها من إقناع الرئيس دونالد ترمب بتزويد بلاده صواريخ "توماهوك" و"كروز".
"حل وسط جيد"
بدا أن ترمب أغلق الباب أمام تسليم صواريخ "توماهوك"، بعد محادثة هاتفية أجراها مع بوتين، اتفقا خلالها على الاجتماع قريباً في العاصمة المجرية بودابست.
إلاّ أن الرئيس الأميركي أوضح الثلاثاء أنه لا يريد مفاوضات "بلا جدوى" مع نظيره الروسي، وأن تكون "مضيعة للوقت".
وعلى رغم إرجاء القمة إلى أجل غير مسمى على ما يبدو، أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أمس الأربعاء أن التحضيرات "متواصلة" لها.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن "المواعيد النهائية لم تحدد بعد"، وقال في مؤتمر صحافي حضره مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية "كل هذا آت، لكنه يتطلب تحضيراً دقيقاً".
وأفادت تقارير إعلامية أميركية بأن المشكلة تكمن في مسألة المناطق التي تطالب موسكو كييف بالتنازل عنها، ووصف زيلينسكي الأربعاء اقتراح ترمب بالتفاوض مع روسيا على أساس خط التماس الحالي بأنه "حل وسط جيد".
في هذه الأثناء، تواصلت الضربات الروسية في أوكرانيا، وطاولت نحو 10 مناطق، وأدت إلى مقتل ستة أشخاص في الأقل وإصابة نحو 30 آخرين بجروح، من بينهم أطفال.
وأصيبت حضانة في خاركيف، ثاني كبرى مدن أوكرانيا، في شمال شرقي البلاد، مما أدى إلى سقوط قتيل وسبعة جرحى، وفق ما أعلن رئيس البلدية إيغور تيريخوف عبر "تيليغرام".
وشاهد صحافي من وكالة الصحافة الفرنسية عناصر إطفاء وعمال إنقاذ يعملون بالقرب من المبنى المتضرر، الذي تهشم سقفه وتصاعد منه دخان رمادي.
"خائفون للغاية"
قالت كزينيا كالميكوفا، وهي أم تبلغ 44 سنة، "كان الأطفال خائفين للغاية، بعضهم كانوا مصابين جراء الشظايا، وبعضهم الآخر تعرضوا لإصابات أخرى. بالطبع، كانت هناك نوبات هستيرية بينهم".
كان بافلو فيليبينكو، وهو قائد كتيبة متطوعين تقاتل في المنطقة، في سيارة قريبة وقت الهجوم. وقال الرجل البالغ 45 سنة "لا أعرف كيف نجوت، لقد حماني الله".
ووفقاً لسلاح الجو الأوكراني، أطلقت روسيا ما مجموعه 405 طائرات مسيرة و28 صاروخاً، أسقط منها 333 مسيرة و16 صاروخاً.
بعد القصف الليلي، أعلنت وزارة الطاقة الأوكرانية انقطاع التيار الكهربائي في "معظم المناطق".
وخلال الليل، سمع مراسلو الوكالة الفرنسية في كييف نحو 10 انفجارات وشاهدوا سحابة من الدخان فوق العاصمة.
وقالت ماريانا غورتشينكو، وهي فنية أسنان في الـ41، "سمعت صوت مسيرة تسارع فجأة، ثم أعقبه صوت انفجار، فقفزت وتحطمت النوافذ".
يستهدف الجيش الأوكراني، من جانبه، مصافي وأنابيب النفط في روسيا بانتظام، وهي استراتيجية تسببت في ارتفاع أسعار الوقود في البلاد منذ الصيف.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس الأربعاء تحييد 33 طائرة مسيرة أوكرانية ليل الثلاثاء، و13 أخرى صباح الأربعاء.
الاتحاد الأوروبي يقر تشديد عقوباته على النفط والغاز الروسيين
من ناحية أخرى، توصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق لتشديد عقوباته على موارد الطاقة الروسية، في إطار الحزمة الـ19 من الإجراءات الرامية إلى تجفيف موارد الكرملين في حربه ضد أوكرانيا، وفق ما أعلنت الرئاسة الدنماركية للتكتل القاري.
وتشمل حزمة الإجراءات وقفاً كاملاً لاستيراد الغاز الطبيعي المسال من روسيا، وتدابير إضافية ضد الأسطول الشبح الروسي الذي يسمح لموسكو بتصدير النفط عبر الالتفاف على العقوبات الغربية، وفق الدنمارك التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي حتى نهاية العام.
وطاولت العقوبات 117 سفينة جديدة من هذا الأسطول، مما يرفع الى 558 عدد السفن التي تطاولها عقوبات الاتحاد.
وبحسب التكتل القاري، يتألف هذا الأسطول مما بين 600 و1400 سفينة.
كما تستهدف العقوبات الجديدة شركات في دول ثالثة عدة، منها 12 في الصين وثلاث في الهند، تتهم بمساعدة موسكو في الالتفاف على العقوبات الغربية، ونقل التكنولوجيا، خصوصاً تلك المستخدمة في صناعة المسيرات.
وسيتم كذلك تقييد تحركات الدبلوماسيين الروس في الاتحاد الأوروبي، خارج البلد المعتمدين فيه.
وكانت سلوفاكيا أعلنت رفع تحفظاتها على هذه الحزمة الجديدة من العقوبات، التي يتوجب أن تصادق عليها رسمياً الدول الـ27 في الاتحاد قبل سريانها.
ويأتي ذلك في وقت أكد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أن واشنطن تعتزم إعلان زيادة كبيرة في العقوبات الاقتصادية على روسيا، غداة إرجاء دونالد ترمب قمته المرتقبة مع فلاديمير بوتين إلى أجل غير مسمى.