تهجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخميس، أمام تجمّع حاشد في مدينة غيرسون المطلّة على البحر الأسود، على مجتمع الميم أثناء حملته للانتخابات الرئاسية التي ستجري في 14 أيار/مايو الجاري، فيما يعمل على جذب أصوات المحافظين. ويأتي ذلك غداة إصدار محكمة تركية حكما بالسجن عشرة أشهر مع وقف التنفيذ بحق إحدى أشهر نجمات موسيقى "البوب" لانتقادها المدارس الدينية، علما بأنها عرفت بدفاعها عن مجتمع الميم.
في محاولة لإعطاء دفع لحملته الانتخابية، بعد تعافيه من وعكة صحية أبعدته لثلاثة أيام الأسبوع الماضي، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخميس أمام تجمّع حاشد في مدينة غيرسون المطلّة على البحر الأسود "نحن ضدّ مجتمع الميم".
وأضاف: "الأسرة مقدّسة بالنسبة إلينا. الأسرة القوية تعني أمة قوية. بغض النظر عمّا يفعلونه، يكفينا الله".
ويأتي هذا التهجم الجديد للرئيس التركي، غداة إصدار محكمة تركية حكما بالسجن عشرة أشهر مع وقف التنفيذ بحق إحدى أشهر نجمات موسيقى "البوب" لانتقادها المدارس الدينية، علما بأن أردوغان هو خرّيج إحداها.
هذا، ولن تدخل المغنية المعروفة باسمها الفني "غولشان" السجن سوى في حال ارتكابها مخالفة جديدة، علما بأنها عرفت بدفاعها عن مجتمع الميم.
وإلى ذلك، كانت القضية قد غذّت الجدل حول التجاذبات الثقافية في تركيا التي يقطنها 85 مليون نسمة، وحيث تبقى الدولة علمانية رسميا. لكن التيار الإسلامي شهد تصاعدا على مدى الأعوام الماضية خصوصا منذ وصول أردوغان وحزبه العدالة والتنمية إلى الحكم قبل نحو عقدين من الزمن.
وتجري حملة أردوغان على وقع أزمة اقتصادية مستعرة واستياء شعبي من استجابة الحكومة لزلزال شباط/فبراير الماضي الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص جنوب شرق تركيا.
وكان الرئيس التركي قد رد على ذلك عبر إطلاق انتقادات يومية للغرب، ولدعم المعارضة للقضايا الليبرالية مثل حقوق مجتمع الميم وحقوق المرأة.
ومن جهته، حاول كمال كليتشدار أوغلو وائتلافه المكوّن من ستة أحزاب، إدارة حملة انتخابية أكثر شمولاً لا تردّ على تعليقات أردوغان وتركّز بدلا من ذلك على رسائلها الخاصة.
هذا، وتشمل هذه الرسائل الانقسامات الاجتماعية في تركيا والاستقطاب بين أطياف مجتمعها.
وإلى ذلك، تعهّد كليتشدار أوغلو بإعادة إحياء النظام الاقتصادي وتأمين تمويل جديد من المستثمرين الغربيين الذين غادروا تركيا في السنوات الأخيرة تحت حكم أردوغان.
أما الرئيس التركي فكان قد شنّ حملة سادها الهدوء عندما كانت تركيا في حداد رسمي على ضحايا الزلزال. لكن رسالته أصبحت أكثر إثارة للانقسام وأكثر حدّة مع اقتراب موعد الانتخابات.
وعليه، قال مدير برنامج تركيا في معهد الشرق الأوسط غونول تول لوكالة الأنباء الفرنسية "إنّه يحاول مرة أخرى توحيد الجماهير خلفه عبر شنّ حروب ثقافية لا تنتهي". مضيفا "إنّه يقوم بحملات في المساجد، ويدّعي زورا أنّ المعارضة ستُغلق مديرية الشؤون الدينية (ديانت)، وينبذ مجتمع الميم عبر وصفهم بأنهم ملوّثون بالفيروسات ومنحرفون".
التصويت لصالح "الاستقرار" رغم شدة الاستقطاب..؟
وستكون نسبة الاقتراع في الانتخابات الرئاسية والتشريعية عامل ترقب أساسي نظرا لشدة الاستقطاب الراهن. إذ يرى محللون أن شريحة صغيرة فقط من الناخبين لم تحسم خيارها بعد بشأن أردوغان الذي يحكم البلاد منذ 20 عاما.
ومن جانبه، يرى وزير الداخلية سليمان صويلو المعروف بمواقفه المتشددة، أن معظم من لم يحسموا قرارهم، سيختارون في نهاية المطاف "الاستقرار" من خلال التصويت لإعادة انتخاب من يعرفونه.
وقال: "أعتقد أن من لم يحسموا خيارهم سيصوّتون لصالح الاستقرار"، وذلك في تصريحات أدلى بها لقناة "أن تي في".
كما شكّل صويلو رأس حربة، لحكومة أردوغان في سعيها لتصوير كليتشدار كمدعوم من الولايات المتحدة الذي يعتزم تنفيذ "انقلاب سياسي" يوم الاقتراع.
ومن جهته، ردّ منافس أردوغان بالحديث عن اتهامات بالفساد أظهرت استطلاعات الرأي أنها تلقى صدى لدى شرائح أوسع من المجتمع التركي.
وقال خلال تجمع انتخابي في مدينة نيدا (وسط) الخميس "سآخذ الأموال (من طبقة رجال الأعمال) وأعطيها لمواطنيّ".
وفي السياق، تُظهر استطلاعات الرأي أنّ الرئيس البالغ من العمر 69 عاما يحقّق نتائج متقاربة مع خصمه الرئيسي كمال كليتشدار أوغلو (74 عاماً) مرشح تحالف من ستة أحزاب معارضة تشمل اليمين القومي وصولا إلى اليسار الديمقراطي، في إحدى أهم المعارك الانتخابية في تركيا ما بعد الحكم العثماني.
فرانس24/أ ف ب