تعتزم بريطانيا والبرتغال الاعتراف رسمياً، اليوم الأحد، بدولة فلسطين على رغم ضغوط أميركية وإسرائيلية شديدة، قبل انعقاد الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل في نيويورك بحضور أكثر من 140 رئيس دولة وحكومة.
وقام عدد متزايد من البلدان التي كانت لفترة طويلة قريبة من إسرائيل، بهذه الخطوة الرمزية خلال الأشهر الماضية، بموازاة تكثيف إسرائيل هجومها على قطاع غزة المحاصر والمدمر، في سياق الحرب الجارية منذ هجوم حركة "حماس" غير المسبوق على الدولة العبرية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
ومن المتوقع خلال قمة تعقد، غداً الإثنين، برئاسة فرنسا والسعودية للنظر في مستقبل حل الدولتين، أن تؤكد 10 دول اعترافها الرسمي بدولة فلسطينية.
وستعلن بريطانيا اعترافها اليوم، بحسب ما أوردت وسائل إعلام، في تحول تاريخي في سياسة الدولة التي تعتبر منذ فترة طويلة من أقرب حلفاء إسرائيل.
وقال ديفيد لامي نائب رئيس الوزراء البريطاني اليوم إن أي قرار للاعتراف بدولة فلسطينية لا يعني قيام هذه الدولة على الفور، مؤكداً أن الاعتراف يجب أن يكون جزءاً من عملية سلام أوسع.
وأضاف لامي لشبكة سكاي نيوز "أي خطوة للاعتراف بها تنبع من رغبتنا في الحفاظ على فرص حل الدولتين"، مضيفاً أن رئيس الوزراء كير ستارمر سيتخذ قراراً في وقت لاحق من اليوم الأحد بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية.
وصرح رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في يوليو (تموز) الماضي بأن بلاده ستعترف رسمياً بدولة فلسطين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، إذا لم تتخذ إسرائيل "خطوات جوهرية" من ضمنها وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وأفادت وسائل إعلام بريطانية عدة بينها "بي بي سي" ووكالة "برس أسوسييشن" وصحيفة "الغارديان"، بأنه إزاء تدهور الوضع سيعلن ستارمر هذا الاعتراف اليوم.
وأكد ستارمر في يوليو الماضي أن هذه الخطوة ستسهم في "عملية سلام حقيقية"، فيما اتهمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمكافأة "الإرهاب الوحشي" واسترضاء الفكر "الجهادي".
كذلك أعلنت وزارة الخارجية البرتغالية أول من أمس الجمعة أن لشبونة "ستعترف بدولة فلسطين" اليوم.
وكانت البرتغال أعلنت في يوليو الماضي عزمها على القيام بهذه الخطوة في ظل "التطور المقلق جداً للنزاع سواء على الصعيد الإنساني أو على ضوء الإشارات المتكررة إلى احتمال ضم أراض فلسطينية".
استيطان الضفة الغربية
وصرح نائب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد لامي، الذي سيمثل المملكة المتحدة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأن "الاعتراف بدولة فلسطينية هو نتيجة التوسع الخطر الذي نشهده في الضفة الغربية والنية والمؤشرات التي نلمسها إلى بناء مثلاً المشروع (إي 1) الذي سيقوض بصورة خطرة فرص حل الدولتين"، على ما أوردت وكالة "برس أسوسييشن" اليوم.
ويقضي المشروع الاستيطاني في المنطقة المعروفة باسم "إي 1" ببناء 3400 وحدة سكنية ونددت به الأمم المتحدة إذ قد يؤدي إلى تقسيم الضفة الغربية إلى قسمين.
ولوح مسؤولون إسرائيليون بضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية التي تحتلها الدولة العبرية منذ عام 1967، رداً على الاعتراف بدولة فلسطين.
وقال لامي "في ما يتعلق بما يجري في غزة... يجب أن يجري إطلاق سراح الرهائن" المحتجزين في القطاع منذ هجوم "حماس" على إسرائيل، مؤكداً "لا يمكن أن يكون هناك أي مكان، أي مكان على الإطلاق للحركة".
وبعدما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية ساحقة الأسبوع الماضي نصاً يدعم قيام دولة فلسطينية لكن من دون "حماس"، من المتوقع أن تعترف كثير من الدول، من أبرزها فرنسا، بدولة فلسطين رسمياً.
في الإجمال، تعترف ما لا يقل عن 145 دولة من أصل الدول الـ193 الأعضاء في الأمم المتحدة بدولة فلسطين التي أعلنتها القيادة الفلسطينية عام 1988.
وباشرت إسرائيل هذا الأسبوع هجوماً برياً وجوياً مكثفاً للسيطرة على مدينة غزة بشمال القطاع متوعدة باستخدام قوة "غير مسبوقة"، فيما فر نحو نصف مليون شخص من المدينة التي تعتبر الأكبر في القطاع والأكثر اكتظاظاً بالسكان.
وكانت لجنة تحقيق دولية مستقلة مكلفة من الأمم المتحدة اتهمت إسرائيل الثلاثاء الماضي بارتكاب "إبادة جماعية" في قطاع غزة الذي يشهد أزمة إنسانية خطرة ، وأعلنت الأمم المتحدة فيه المجاعة، فيما تنفي إسرائيل هذه الاتهامات.
وأسفر هجوم "حماس" عن مقتل 1219 شخصاً معظمهم مدنيون، وفق تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية يستند إلى أرقام رسمية.
وقتل في قطاع غزة منذ بدء الحرب 65208 أشخاص معظمهم من المدنيين، وفق أرقام وزارة الصحة في غزة التي تعدها الأمم المتحدة موثوقة.ش
ورأى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن على العالم "ألا يخشى" ردود الفعل الإسرائيلية على الاعتراف بدولة فلسطينية، معتبراً أن تل أبيب تواصل سياسة تقضي بتدمير قطاع غزة وضمّ الضفة الغربية.
وقال متحدثا في مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك "ينبغي ألا نخشى ردّ الفعل الانتقامي، لأنه سواء قمنا بما نقوم به أم لا، هذه الاجراءات ستستمر، وعلى الأقل هناك فرصة لحشد المجتمع الدولي من أجل ممارسة الضغط لمنع حدوث ذلك"، وأوضح أن الحكومة الإسرائيلية ماضية في "إجراءاتها بهدف تدمير غزة بالكامل الآن، وتحقيق ضمّ تدريجي للضفة الغربية". وأكد أن الحل الوحيد الممكن للنزاع هو حلّ الدولتين، مع قيام دولة فلسطينية تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل بسلام.