النقار – خاص
سُجلت موجة جديدة من حالات الإسهال المائي والكوليرا، في مناطق خاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله، تركزت في أمانة العاصمة ومحافظتي صنعاء وعمران، خلال إجازة عيد الأضحى، وسط صمت رسمي لافت، باستثناء رسائل توعوية نصية لا توازي حجم الأزمة، ولا تستند إلى منظومة صحية قادرة على الاستجابة الفعلية.
أفاد مصدر طبي في هيئة المستشفى الجمهوري بصنعاء لـ”النقار” بأن قسم الطوارئ استقبل أكثر من 360 حالة إسهال مائي خلال الفترة من ثاني إلى خامس أيام العيد، مشيرًا إلى أنه تم ترقيد 43 حالة منها، فيما أكدت نتائج الفحوص المخبرية إصابة 9 حالات بالكوليرا.
وفي محافظة عمران، أكد مصدران طبيان في مكتب الصحة بالمحافظة تسجيل 93 حالة إصابة بالإسهالات المائية خلال أول ثلاثة أيام من العيد، موزعة على مديريات عيال سريح، ريدة، ومدينة عمران. أما في مديرية همدان شمال صنعاء، فقد تم تحويل 16 حالة إلى مستشفيات العاصمة، بينما تلقت 37 حالة أخرى العلاج في مستشفى ريقي المحلي خلال ثاني وثالث أيام العيد.
حملات توعية بدون أدوات استجابة
رغم هذا الانتشار اللافت، لم تُصدر سلطة صنعاء أي بيان رسمي بشأن الوضع الصحي، واكتفت بإرسال رسائل نصية توعوية تدعو المواطنين لغسل الخضروات واليدين والحرص على النظافة العامة، دون توفير الحد الأدنى من المستلزمات الصحية أو المياه النظيفة في كثير من المناطق المتضررة.
ويرى عاملون في القطاع الصحي أن هذه الحملات التوعوية الشكلية لا تفي بالغرض، لأنها تنطلق من خطاب توجيهي فوقي لا يراعي الواقع الميداني، في ظل بنية تحتية صحية شبه منهارة. فالعديد من المرافق الصحية في هذه المناطق تعمل بقدرات متدنية، وتفتقر إلى الأدوية ومستلزمات الطوارئ، بينما تتعطل شبكات المياه والصرف الصحي في معظم المديريات الريفية.
انهيار النظام الصحي واعتماد مفرط على الخارج
وأفاد "النقار" مصدر رفيع في وزارة الصحة التابعة لسلطة صنعاء، ان الوزارة لجأت منتصف الأسبوع الجاري لطلب مساعدات عاجلة من منظمة الصحة العالمية واليونيسف، لتوفير أدوية ومحاليل علاج الجفاف ومستلزمات مكافحة الإسهالات المائية، في دلالة واضحة على غياب القدرة الذاتية لدى السلطات في مواجهة أي تفشٍ صحي.
يأتي ذلك في سياق معروف، حيث تعتمد سلطة صنعاء في استجابتها الصحية بشكل شبه كلي على المنظمات الدولية، سواء في الإمداد أو في التدخلات الميدانية. ومع كل موجة تفشٍ جديدة، يتكرر المشهد: صمت رسمي، رسائل توعوية، ثم طلب دعم خارجي – دون أن يُبذل جهد جاد لتعزيز بنية النظام الصحي أو تطوير جاهزية محلية مستقلة.