اعتبر تحليل نشره موقع "وورلد كرانش" الدولي أن تفجر الأوضاع في السودان جعل دول الخليج متوترة للغاية، لاسيما السعودية والإمارات، والأولى تنخرط بقوة في مفاوضات للوساطة بين طرفي النزاع، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
واستضافت السعودية، السبت، أول "محادثات ما قبل المفاوضات" بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في مدينة جدة الساحلية عبر البحر الأحمر من الساحل السوداني.
لكن لماذا تهتم دول الخليج بالسودان بهذا الشكل، يحاول التحليل الإجابة على هذا التساؤل.
يقول التحليل إن الدولة الأفريقية تعد ذات أهمية استراتيجية للقوى الخليجية التي تضمن وجودًا دبلوماسيًا واقتصاديًا هناك أيضًا، وزاد ذلك بشكل ملحوظ منذ عام 2017، بعد رفع الحظر الذي كانت تفرضه الولايات المتحدة على نظام عمر البشير المتهم بدعم الإرهاب الدولي.
وبسبب موقعه على شواطئ البحر الأحمر عند مدخل القرن الأفريقي، فإن السودان محور على الطريق البحري الذي يربط قناة السويس بمضيق عمان.
ومنذ ذلك الحين، استثمرت الإمارات والسعودية وقطر بشكل كبير في البلاد، لا سيما في البنية التحتية والزراعة.
وبأراضيه الخصبة، وموسم الأمطار الذي يستفيد منه نصف البلاد على الأقل، يوفر السودان إمكانات زراعية لبلدان شبه الجزيرة الصحراوية المجاورة التي خططت لجعلها "سلة غذاء الخليج"، بحسب التحليل.
وفي عام 2018، وقعت قطر اتفاقية لضخ 500 مليون دولار على مدى سنوات في قطاع الأعمال الزراعية، إلى جانب 4 مليارات دولار أخرى لتطوير ميناء سواكن شمال شرق البلاد، والمتوقع أن يصبح منطقة اقتصادية خاصة.
وادي النيل
وفي عام 2020، دعا قطب الأعمال السوداني أسامة داود عبداللطيف الإمارات إلى تطوير أنشطتها في وادي النيل في شمالي البلاد، حيث يوجد حوالي 13000 هكتار من الحقول المروية الدائرية، والتي من المفترض أن يتضاعف حجمها بحلول نهاية هذا العام، لتصل إلى 52000 هكتار بحلول عام 2025.
ووصلت الاستثمارات الإماراتية بالفعل إلى 225 مليون دولار، من خلال مشروع مشترك مع صندوق "رويال جروب"، المملوك للشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن القومي في الإمارات والمتحكم في ثروات أبوظبي.
وبكامل طاقتها التشغيلية ستعتمد ربحية العملية على الصادرات، ومن المتوقع وصول نسبة الصادرات إلى 70% من الإنتاج.
ويعتمد المشروع أيضا على إنشاء ميناء ضخم، هذه المرة من قبل "موانئ أبوظبي"، المشغل القوي في العاصمة الإماراتية، بالشراكة مع "إنفيكتوس للاستثمار"، وهي شركة أخرى يملكها أسامة داود عبداللطيف، والتي تعمل في تجارة السلع الزراعية من دبي.
وهناك أيضا اتفاقية مبدئية بقيمة 6 مليارات دولار تم توقيعها في ديسمبر/كانون الأول لتطوير محطة حاويات (ميناء أبوعمامة) في شمال البلاد مقابل ميناء جدة التجاري السعودي.
أما السعودية فقد ضخت 3 مليارات دولار في صندوق الاستثمار السوداني لمشاريع في قطاعات الزراعة والطاقة والمياه والصرف الصحي والنقل والاتصالات.
وتجدر الإشارة إلى أن العديد من الاستثمارات التي تم الإعلان عنها منذ عام 2019 تتأخر بانتظام بسبب عدم الاستقرار السياسي وانعدام الأمن المزمن في السودان.
ويشير التحليل إلى أنه منذ بداية الصراع الحالي، كانت الرياض حذرة في تصريحاتها، واستثمرت بدلاً من ذلك في مجال الدبلوماسية الإنسانية من خلال عملية إخلاء واسعة عن طريق البحر.
السعودية هي أيضًا الأكثر نشاطًا وراء الكواليس، إلى جانب جنوب السودان، لتعزيز محادثات السلام بين الفصائل المتحاربة، ومع ذلك، يقال إن الإمارات، التي لا تقل تكتمًا عن السعوديين، تدعم المفاوضات، في حين أن مصر الداعمة المعروفة للجيش النظامي بقيادة الجنرال عبدالفتاح البرهان، لم تقدم حتى الآن أي أسلحة أو تعزيزات لوجستية له، لعدم تأجيج الصراع، وهو ما يتماشى مع رغبة شركائها الخليجيين.
*المصدر | لورا ماي جافييرو | وولد كرانش