قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساء الأحد إن وزارة الدفاع تخطط لقبول طائرة بوينغ 747-8 لتحل محل الطائرة الرئاسية (Air Force One) الحالية كـ"هدية مجانية".
وذكرت شبكة CNN في وقت سابق الأحد أن إدارة ترامب تستعد لقبول طائرة فاخرة من الأسرة المالكة القطرية سيتم تعديلها واستخدامها كطائرة رئاسية خلال فترة ولاية الرئيس الثانية، وفقا لشخصين مطلعين على الاتفاق.
وفي منشور على موقع "تروث سوشيال"، قال ترامب إن الطائرة التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات سيتم استخدامها بشكل مؤقت "في اتفاق علني وشفاف للغاية".
ومن المقرر أن يبدأ ترامب الاثنين أول رحلة خارجية كبرى له، والتي تشمل التوقف في الدوحة، عاصمة قطر.
ونظراً للقيمة الهائلة لطائرة بوينغ 747-8، فإن هذه الخطوة غير المسبوقة تثير تساؤلات أخلاقية وقانونية جوهرية.
من جانبه، قال مسؤول قطري إن الطائرة من الناحية الفنية هدية من وزارة الدفاع القطرية إلى البنتاغون، ووصفها بأنها هدية بين حكومتين وليست شخصية.
ومن المقرر أن تقوم وزارة الدفاع بعد ذلك بتجهيز الطائرة لاستخدام الرئيس من خلال إضافة ميزات أمنية وبعض التعديلات.
وتتمثل الخطة في أن يتم التبرع بالطائرة في نهاية المطاف إلى مكتبة ترامب الرئاسية بعد مغادرته منصبه، مما يضمن قدرته على الاستمرار في استخدامها، وفقًا لشخص مطلع.
وقال علي الأنصاري، الملحق الإعلامي لقطر لدى الولايات المتحدة، الأحد، إن "النقل المحتمل للطائرة للاستخدام المؤقت كطائرة رئاسية هو قيد الدراسة حالياً بين وزارة الدفاع القطرية ووزارة الدفاع الأمريكية، وهو أمر لا يزال قيد المراجعة من قبل الإدارات القانونية المعنية، ولم يتم اتخاذ أي قرار بعد".
داخل جهاز الخدمة السرية، يُنظر إلى إمكانية إهداء طائرة من قبل حكومة أجنبية للاستخدام الرئاسي على أنه "كابوس أمني"، وفقًا لما ذكره مصدر في مجال إنفاذ القانون لشبكة CNN.
وقال المصدر: " سيتعين على (القوات الجوية الأمريكية) تفكيكها بحثًا عن معدات المراقبة وفحص سلامة الطائرة".
وسارع الديمقراطيون إلى إدانة هذه الأخبار يوم الأحد، ووصفتها اللجنة الوطنية الديمقراطية في بيان صحفي بأنها "أحدث عملية احتيال لترامب".
وكتب زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر في بيان: "لا شيء يقول "أمريكا أولاً" مثل الطائرة الرئاسية التي قدمتها لك قطر". وتابع: "إنها ليست مجرد رشوة، بل هي نفوذ أجنبي متميز مع مساحة إضافية للأقدام".
لقد تجاهل ترامب انتقادات الديمقراطيين في منشوره على موقع Truth Socialالأحد، لكن الخطوة المتوقعة أثارت انتقادات من واحدة على الأقل من أكثر مؤيديه ولاءً، لورا لومر، وهي مؤيدة من أقصى اليمين التقت بالرئيس في المكتب البيضاوي في وقت سابق من هذا الربيع. وفي حين قالت لومر إنها "ستتحمل رصاصة" من أجل الرئيس، فقد انتقدت ترامب، مشيرة إلى أن قبول الطائرة سيكون "وصمة عار" على الإدارة "إذا كان هذا صحيحًا".
وكانت قناة "ABC" الأمريكية أول من نشر تقارير حول الطائرة.
وقام ترامب ومساعدوه بجولة في الطائرة في وقت سابق من هذا العام في مطار بالم بيتش بولاية فلوريدا، ومن المتوقع أن تكون قيد الاستخدام في غضون عامين، حسبما قال أحد الأشخاص لشبكة CNN.
وبعد انتهاء جولته، تفاخر ترامب أمام المحيطين به بمدى فخامة الطائرة.
وقال مدير الاتصالات في البيت الأبيض ستيفن تشيونغ في بيان في ذلك الوقت: "يقوم الرئيس ترامب بجولة في طائرة بوينج جديدة لإلقاء نظرة على الأجهزة/التكنولوجيا الجديدة".
أخبار تثير تساؤلات أخلاقية
وتأتي هذه الأخبار في الوقت الذي أبدت فيه جماعات الرقابة الحكومية استياءها من الطريقة العلنية التي يخرق بها الرئيس أعراف منصبه.
وقال جوردان ليبوفيتز، المتحدث باسم منظمة "مواطنون من أجل المسؤولية والأخلاق" في واشنطن، إن هذه الخطوة المحتملة تشكل انحرافا حادا عن القواعد التي اتبعها الرؤساء لضمان بقائهم على نفس النهج في التعامل مع بند التدخلات الأجنبية في الدستور، والذي يحظر المدفوعات الأجنبية لرئيس حالي للولايات المتحدة.
وقال: "لم نشاهد قط شيئا بمستوى طائرة قيمتها 400 مليون دولار". وأردف: "إنه مقياس يتجاوز أي شيء رأيناه من قبل".
وذكرت كاثلين كلارك، الخبيرة في أخلاقيات الحكومة في كلية الحقوق بجامعة واشنطن في سانت لويس، إن إدارة ترامب "تصور الأمر على أنه معاملة (بين حكومتين) لمحاولة تجنب التطبيق الواضح للقانون"، ولأن الكونغرس لم يوافق على الهدية، فإنها تنتهك البند.
وأردفت كلارك: " إنه أمر سخيف. إنها هدية لترامب. الحكومة الفيدرالية هي وسيلة عبور".
وأشارت كلارك إلى أنه خلال فترة ولاية ترامب الأولى، نشأت نزاعات قانونية بشأن ما إذا كان قد انتهك بند العائدات من خلال الاستفادة بشكل غير قانوني من مشاريعه التجارية أثناء توليه منصبه العام. في عام 2021، رفضت المحكمة العليا القضايا المرفوعة ضد ترامب لأنه لم يعد في منصبه.
وقالت كلارك: "يعتقد ترامب أنه سيفلت من العقاب على هذه الـ400 مليون دولار التي ستدفعها قطر لأنه أفلت من انتهاكات متعددة لبند المكافآت في ولايته الأولى، ولم ينفذ الكونغرس ولا المحكمة بند مكافحة الفساد في الدستور".
مشاكل طائرة بوينغ الرئاسية
لطالما كان استبدال طائرة الرئاسة الأمريكية أولويةً لترامب. وعملت شركة بوينغ على تجديد طائرتين من طراز 747 وتحويلهما إلى طائرات من الجيل التالي، لكن العملية تعطلت. وكان من المقرر تسليم الطائرتين بحلول عام 2022، ولكن من غير المتوقع الآن أن يتم تسليمهما قبل عام 2027 على الأقل.
وقال تشيونغ في وقت سابق من هذا العام إن جولة ترامب في الطائرة في بالم بيتش "تسلط الضوء على فشل المشروع في تسليم طائرة رئاسية جديدة في الموعد المحدد كما وعدوا، حيث تأخروا بالفعل خمس سنوات".
لقد أصبح عقد شركة بوينغ البالغة قيمته 3.9 مليار دولار لاستبدال طائرتي الرئاسة الأمريكية بمثابة عبء باهظ الثمن ومحرج. وأعلنت الشركة بالفعل عن خسائر بلغت 2.5 مليار دولار في البرنامج المعروف باسم VC-25B، منذ وافقت على تحمل المسؤولية عن التكاليف المرتفعة.
الطائرتان المستخدمتان حاليا، واللتان تحملان الرمز VC-25Aوتحملان تسمية Air Force One عندما يكون الرئيس على متنهما، كانتا في الخدمة لمدة 35 عاما تقريبا، بدءا من فترة ولاية الرئيس جورج بوش الأب.
وأعرب ترامب عن إحباطه الشديد بسبب التأخير في استبدال الطائرة، وفي مرحلة ما طلب من إيلون ماسك المساعدة في تسريع العملية.
وقال ترامب للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية في فبراير: "لستُ سعيدًا باستغراق الأمر كل هذا الوقت. لا عذر لذلك". وقال إنه لن يلجأ إلى منافس بوينغ الأوروبي، إيرباص، لكنه سيفكر في شراء طائرة 747 مستعملة وأن يطلب من شركة أخرى تجديدها لاستخدامها كطائرة رئاسية.
وتتواجد طائرة بوينغ 747 القطرية في سان أنطونيو بولاية تكساس طوال الشهر الماضي، بحسب شخص مطلع.