خاص-النقار
ليس تصرفا فرديا حتى يقال إن مغرضين يعجبهم الصيد في الماء العكر، فالجماعة وسلطتها تصدرتا الأمر هذه المرة ولم تتركا للعَكَر ماءً أصلا حتى يُصطاد فيه.
وزارة داخلية وأجهزة أمنية وجهاز سيطرة وجهاز أمن ومخابرات، كل هذه العناوين الفخمة يمكن لها أن تتحول إلى مندوب لفرزة نقل جماعي يفرز فيه المرأة بالمحرم والمرأة التي بلا محرم.
والمحرم هذا مصطلح أعادت سلطة صنعاء استعماله مستعينة بنموذج طالبان التسعينيات وفرضته كجماعة مؤمنة هي أيضا. وإذا ما قيل لها إن طالبان اليوم قد تخلت عن مصطلحها ذاك وأصبحت سلطة تتعامل كدولة وتمنح حق المواطنة للجميع، فإن ذاك يزيد ذاك من فرحها بأنها أصبحت مستأثرة بالأمر وحدها، وصار لها أن تغدو سلطة الأمر بالمحرم.
وها هي ذي تجمع مندوبيها وتصدر لهم تعميما بمنع تنقل أو سفر أي امرأة من دون محرم. وعلى المرأة التي تريد السفر إلى هذه المحافظة او تلك لزيارة أهلها مثلا وليس لديها محرم اليمن أن تمر على مناديب الفرزة الخاصين بسلطة صنعاء واحدا واحدا حتى ينظروا في أمرها ويروا ما إذا كان لها ان تحصل منهم على إذن بالسفر أم لا، والأمر يعتمد هنا على مزاج هذا المندوب أو ذاك، أي أمزجة تلك الأجهزة التي تحمي الوطن من سفر امرأة لوحدها.
الناشطة بنيان جمال تتحدث في منشور لها على فيسبوك عن واحدة من تلك الحالات قائلة: "من باب حريق الدم الجماعي تعالوا احكي لكم، أخو صاحبتي تواصل مع رقم الداخلية في صنعاء عشان يطلع لها اذن سفر.. سألوه ايش سبب السفر
قال زيارة أهل. قالوا له عفوا نعتذر عن تقديم التصريح لأن السفر مش مهم". وهنا كان مزاج المندوب ليس رائقا ورأى أنه لا داعي لسفر تلك المسكينة، لأن السبب ليس مهما.
تعلق بنيان: "اصلا فكرة انه واحد يسير يستأذن لاخته من وزارة الداخلية مهينة! لكن يزيد الآدمي المخدر يرفض! هذي الا عجيبة".
عشرات الحالات المشابهة تحدث يوميا، حيث تمتنع شركات النقل عن تسجيل أي امرأة تريد ان تسافر إلا بعد أن تكون المسكينة قد حصلت على إذن من الجهات المعنية في سلطة صنعاء. وهذا الامتهان للمرأة يحدث لكونها سلطة تقدر وتحترم المرأة للحد الذي يكون عليها أن تتمرمط في أروقة الأجهزة الأمنية من مختص إلى مسؤول وهي تعامل على صك عبور شرعي يمنحها الحق في كونها مجرد (مكلف) بلا (محرم)، مثلما أن تلك سلطة بلا حياء.