أخبار اليمن

خاص-النقار
يموت الأبرياء قتلا ليموتوا في المرة الثانية أرقاما. فالسلاح الأعمى ينتقي ضحاياه من الجو بدقة، والسلطة المبصرة تخفي ملامحهم من الأرض بإمعان.
ينشر نصر الدين عامر صورته في ميدان السبعين حتى تصل كاملة وبدون اجتزاء إلى من ينظرونها في صعدة، بينما تمتنع وكالة أبنائه الرسمية عن نشر أي صور لها علاقة بشيء اسمه ضحايا قصف أعمى إلا بعد غربلتها إن لزم الأمر ونشر المناسب وإخفاء غير المناسب. 
ومعيار المناسب وغير المناسب، سيتحدد حين يتحرك نصر عامر بنفسه، وبعد أداء فريضة الطواف السبعينية في صنعاء، ليبث من ميناء رأس عيسى مقطعا بالصوت والصورة أرفقه بهذا النص: "‏من ميناء رأس عيسى النفطي الذي استهدفه العدو الامريكي وارتكب فيه مجزرة بشعة راح ضحيتها 80 شهيدا و150 جريحا، هذه الجريمة التي تدل على الإفلاس والفشل الأمريكي في تحقيق أي إنجاز عسكري فاتجه للانتقام من الشعب اليمني". 
أما المقطع فلم يظهر فيه إلا نصر عامر مع خلفية لمقطورة محروقة، حيث أبت الكاميرا أن تلتفت إلى بقية آثار الدمار الذي حل في الميناء وثبتت عدستها على المتحدث الذي نزل بجنبيته وبندقيته إلى موقع الحدث كرئيس وكالة أنباء لا تنقل شيئا عن الضحايا سوى أنهم رقم يصل بحسب عامر إلى ثمانين شهيدا ومائتين وخمسين جريحا. 
والأرقام هذه لا تزيد ولا تنقص عن خانة الصفر، حيث لا يمكن للسلاح الأمريكي أن يجعلهم ثلاثة وثمانين مثلا، بل إما ثمانين وإما تسعين وإما سبعين، وذلك حتى تكون الإحصائية دقيقة بالنسبة لوكالة سبأ ورئيسها الذي ذهب ليتصور. 
لكنه والحق يقال أشار إلى أن هناك من التقاهم من المصابين حدثوه كيف كان الطيران يطاردهم ويحاول ترصدهم وقد خرجوا من الميناء إثر الغارات، وعن الخروج الأسبوعي الذي حدث بعد تلك الغارات من قبل الشعب اليمني في مختلف الساحات والميادين تأكيدا على مواصلة نصرة غزة وعدم التخلي عنها مهما بلغت التضحيات. 
وهنا كان المقطع قد شارف على النهاية، دون أن يقول الناقل الرسمي ما الذي قام بنقله بالإضافة إلى صورته. لا شيء سوى أن ذلك هو المناسب، بحيث على الضحايا أن يلملموا موتهم وأشلاءهم متوارين عن المكان باعتبارهم صورة غير مناسبة. إنها معادلة القصف والجوع التي تنهش اليمنيين ولا أحد من الأطراف معنيا بالحديث عنها إلا من وجهة نظره ومن حيث مصلحته الخاصة.