• الساعة الآن 09:37 AM
  • 19℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

نصف راتب.. يومٌ كاملٌ من الذل!

news-details

حالة استغلال وامتهان للموظفين تكون سلطة صنعاء قد ختمت بها شهر رمضان كما ينبغي، حيث يذهب الناس إلى مكاتب البريد وبقية نقاط صرف نصف الراتب فيعانوا الأمرين من زحام خانق وعملة تالفة من فئة 500 و250. 
يقضي الموظف ساعات بأكملها في طابور يضم العشرات أمام مكاتب البريد. بعضهم يأتي قبل موعد الدوام بساعات حتى يسبق لنفسه مكانا متقدما. فبمجرد أن يكون قد صلى الفجر يتوجه إلى أقرب مكتب بريد لينتظر هناك حتى التاسعة صباحا فيأتي الموظفون وتبدأ عملية الصرف بعدها بنصف ساعة أخرى. فإذا استطاع أن يخرج من البريد مع أذان صلاة الظهر يكون صاحب حظ جيد، وإلا فإنه سيضطر إلى الانتظار حتى يفرغ الموظفون من الصلاة والتمسوك ثم استئناف عملهم عند الساعة الواحدة بتثاؤب وتثاقل، فيعطي توقعا لخروجه بأنه سيكون مع أذان العصر، وإن صدق توقعه كان صاحب حظ جيد أيضا، وإن لم يصدق فإن ما قبل المغرب يكون هو أضعف الإيمان بالنسبة لديه. وإلا فهو على موعد آخر يمتد طيلة ساعات المساء والليل. 
كل هذا العناء ليحصل على نصف راتب لا يتعدى في أحسن أحواله الثلاثين أو الأربعين ألفا، ومن فئة الـ500 والـ250 التي يحتاج عدها إلى أعصاب حديدية، حيث لا مجال معها لأي عد، فضلا عن أي فرز للتالف منها، فكلها في عداد التالف إلا ورقة أو ورقتين أو ثلاثا من كل رزمة. الشيء الوحيد الذي ليس تالفا هو الأربال التي تكون قد لُفّت حول تلك الرزم مرات ومرات وضغطت عليها حد الاختناق. يخلو للموظف أن يتساءل حينها بسخرية مريرية: أليس من العدل لهيئة أبو نشطان الزكوية وقد اقتطعت زكاة الفطر من نصف الراتب أن ينالها نصيب من هذه المهلهلات هي أيضا؟ 
يشرح الكاتب والصحفي جميل مفرح الأمر بشكل مقتضب قائلا: "‏‎بدأوا يصرفوا النصنصي قبل يومين فقط وبه زحام يا لطيف بس..!! الوقوف فيه يستحق خمسة رواتب".
ويكتب القاضي عرفات جعفر منشورا على صفحته في منصة إكس يرفقه بصورة لأوراق متفرقة من فئة 250 لم تعد تصلح لأن تسمى عملة أو حتى أوراقا؛ فقط أشياء شاحبة مهلهلة علاها الصدأ والتآكل. 
‏يقول جعفر معلقا على الصورة: "صرفوا لنا نص راتب من هذه. ما احد رضي يقبلها منا ولا أي محل رضي يقبلها، ولا استرنا نشتري بها شيئا. أين نسير نشتكي؟ عند من نشتكي؟ صبرنا سنوات وآخرتها من هذه الفلوس؟"، مشيرا إلى أن هذه "رسائل من الخاص". 
ويؤكد: "للعلم.. يصرفوها للموظفين، ويرفضون أخذها من المواطنين ومن التجار ومن الصرافين ومن الشعب، أين يأخذها؟!". 
الحال لا يختلف كثيرا لدى شركات ومحلات الصرافة، فزحام نصف الراتب حاضر هنا أيضا حيث عدد من الوحدات تأتيها رسائل "للاستلام من أقرب محل صرافة"، فتهب الحشود مضافا إليها حشود أصحاب الحوالات من ذويهم المغتربين، ويلتقي الجميع هناك في طوابير طويلة أمام محلات وشركات الصرافة، والتي تشترط هي الأخرى أن الصرف لن يكون إلا من فئة الـ500، فلا يمكن لأولئك المغلوبين على أمرهم إلا أن يذعنوا ويقبلوا بتلك التوالف رغما عن آنافهم. وهكذا تكون سلطة صنعاء ومحلات الصرافة قد ختمت شهر رمضان وجعلت المواطنين يستقبلون عيدهم وعيدا مباركا.

شارك الخبر: