• الساعة الآن 04:16 AM
  • 11℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

الشهيد محمد الضيف: قائد الظلّ واستراتيجي المقاومة الفلسطينية

news-details

 

خاص | النقار
في إعلانٍ هزّ المشهد السياسي والعسكري الفلسطيني، أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس اليوم عن استشهاد قائدها العام محمد الضيف، خلال معركة “طوفان الأقصى”، إلى جانب عدد من القيادات الأخرى مثل نائبه مروان عيسى. جاء هذا الإعلان بعد شهور من الغموض حول مصيره، إثر غارة جوية إسرائيلية استهدفت خان يونس في 13 يوليو 2024، والتي كانت آخر محاولات اغتياله قبل تأكيد استشهاده.

وُلد محمد دياب إبراهيم المصري (اسمه الحقيقي) عام 1965 في مخيم خان يونس بقطاع غزة، لأسرة لاجئة من قرية "القبة" قرب عسقلان المحتلة. انضمّ إلى حركة حماس مع تأسيسها أواخر الثمانينيات، وبرز كمهندس عسكريّ مُبدع، قبل أن يتسلّم قيادة كتائب القسام عام 2002 خلفاً للشهيد صلاح شحادة.  

ارتبط اسم الضيف بتطوير البنية التحتية العسكرية للقسام، من أنفاقٍ عابرة للحدود، إلى صواريخ محلية الصنع طوّرت قدرات الردع الفلسطيني. قاد عمليات نوعية مثل "معركة الفرقان" (2014) التي شهدت تصعيداً غير مسبوق في مواجهة الإحتلال الإسرائيل، وصولاً إلى معارك 2021 التي أجبرت تل أبيب على إعادة حساباتها.  

اشتهر الضيف بـ”قائد الظلّ”، إذ نجا من 7 محاولات اغتيال إسرائيلية، أبرزها عام 2014 حين استهدفت طائرات الاحتلال منزله، ما أدى إلى استشهاد زوجته وثلاثة من أبنائه. في 13 يوليو 2024، تعرض لمحاولة اغتيال جديدة خلال قصف إسرائيلي على خان يونس، اثناء معركة طوفان الأقصى، وهو الهجوم الذي أثار جدلاً واسعاً حول مصيره، قبل أن تؤكد كتائب القسام استشهاده رسمياً في 30 يناير 2025. لم تنجح إسرائيل في اعتقاله طوال عقود، ما حوّله إلى رمزٍ لـ”المقاوم الذي لا يُقهَر”.

لم يكن الضيف قائداً ميدانياً فحسب، بل مُنظّراً أمنياً يؤمن بحرب الاستنزاف وضرورة تطوير أدوات المقاومة. وضع أسس "جيش العباد" الذي يُعتبر وحدة النخبة في القسام، وحرص على بناء منظومة قيادية لا تعتمد على الأفراد، وهو ما يفسّر استمرار الكتائب في العمل رغم استشهاد قادتها.  

إعلان استشهاد الضيف يأتي في سياقٍ معقد، حيث تحاول إسرائيل تصفية قيادات المقاومة، بينما تعتمد حماس على "أسطورة الشهادة" لتعزيز صمودها الشعبي. صحيح أن رحيله يُغيّر خريطة القيادة العسكرية، لكنه يُعيد تأكيد سردية "استحالة القضاء على فكرة المقاومة".

ختاماً، يُختصر مسار محمد الضيف كـ”ابن المخيمات” الذي حوّل معاناته إلى سلاح، وكرّس حياته لصناعة تاريخٍ فلسطيني لا يرتهن للهزيمة. لم يكن استشهاده في معركة “طوفان الأقصى” مجرد خسارة عسكرية، بل لحظة مفصلية تُعيد تشكيل خريطة المقاومة الفلسطينية، خاصة مع صعود جيلٍ جديد من القادة الذين تدرّبوا تحت إمرته. ورغم رحيله، تبقى سيرته شاهدة على أن القضية الفلسطينية حيةٌ بدماء شهدائها.

شارك الخبر: