• الساعة الآن 12:11 AM
  • 13℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

نصف الراتب في صنعاء.. وعدٌ تقلصه الاستثناءات

news-details

 

 

خاص | النقار

تعرف سلطة صنعاء بأنها ليست فقط السلطة الاكثر تخليا عن مسؤولياتها تجاه من تحكمهم، وإنما أيضا الاكثر تراجعا عن وعودها.

فبعد الضجة الكبيرة التي سمعت بها السماوات والارض في كون سلطة صنعاء وحكومتها الجديدة تعتزمان صرف نصف راتب شهري لموظفي “الدولة”، واستباق ذلك بحملة اعلامية صاخبة كونه يمثل انجازا تاريخيا باذخا استحق أن يتم اصدار قانون رئاسي حوله والتصويت عليه نيابيا، تأتي لتتحدث عن أن نصف راتبها الشهري هذا لن يكون شهريا خالصا للجميع، وإنما ستكون هناك استثناءات تجعل منه ربعيًا كل ثلاثة اشهر، أو نصفيا كل ستة اشهر، أو لا شيء مما سبق.

 

التعميم الاخير لمالية صنعاء حول استثناء عدد من الجهات والوحدات الحكومية من نصف الراتب الشهري (وزارة التربية نموذجا) يبدو حالة صارخة للجنون المستبد بسلطة صنعاء حسب ناشطين، حيث جاء تحت عنوان (القائمة ج) وحدد 9 جهات ووحدات حكومية سيتم صرف نصف مرتب لها ربعيا، أي كل ثلاثة اشهر. وبالتالي، الحديث هنا عن صرف ضمن قوائم أ، ب، ج… إلخ.

 

أما لماذا ذلك؟ فلأن تلك الجهات المستثناة “لديها موارد ذاتية كافية أو لديها نفقات كبيرة من حساب الحكومة العام”.

 

هذه الجهات، بحسب التعميم، هي: وزارة التربية والتعليم والبحث العلمي (الديوان العام)، الكادر الاداري في التربية والتعليم في المحافظات كافة والمديريات، اللجنة الوطنية للتربية والثقافة، جهاز محو الامية وتعليم الكبار وفروعه في كل المحافظات، مجلس الاعتماد الاكاديمي وضمان الجودة والمتعاقدين، مركز الدراسات والبحوث اليمني، المتحف الوطني للعلوم، المجلس الاعلى للكليات، مركز البحوث والتطوير التربوي.

 

فجهة كوزارة التربية، التي هي اكثر الجهات تضررا من عدم وجود مرتبات، لا يمكن الحديث عن وجود اكتفاء ذاتي لديها كما لو كانت وزارة الاتصالات مثلا أو الكهرباء أو المالية نفسها، بحيث يتم اقصاء عدد من وحداتها من نصف الراتب الشهري، كالكادر الاداري في مكاتب التربية بالمحافظات والمديريات، أو جهاز محو الامية وتعليم الكبار، واعتبار هؤلاء مكتفين ذاتيا.

 

صحيح أن الامية لم تعد في وارد المكافحة اصلا باعتبار أنها واقع تعمق خلال السنوات الاخيرة، لكن في النهاية هناك موظفون محسوبون على جهاز محو الامية في وزارة التربية، وكغيرهم لا يجدون سوى ذلك المسمى راتبا ينتظرونه حتى ولو نصفا. وأن يكون هناك ميزانية معتمدة من قبل الحكومة لذلك الجهاز فبالتأكيد أن ذلك الاعتماد لن يذهب في النهاية الا الى جيوب المدراء، ولن يحصل الموظف العادي على شيء منه.

 

وبحسب الناشط التربوي محمد عودين تعليقا على التعميم، فإن “موظفي مكاتب التربية ومحو الامية ملائكة لا يأكلون ولا يشربون، لذلك قامت هذه السلطة الحاقدة بحرمانهم من نصف الراتب”.

 

عودين وصف القرار بأنه “اكبر عملية استخفاف في التاريخ”، حيث قال: “الاداريون ومحو الامية بالتربية والتعليم لديهم موارد كافية. يضحكون على الشعب بكل وقاحة وقلة حياء”، مضيفا: “من يخبر هؤلاء المجرمين قاطعي المرتبات أن لنا اولادا يحتاجون أن يأكلوا مثلهم مثل أي انسان على وجه الارض؟! اليك المشتكى يا الله. ثورة الجياع قادمة”.

 

لكن “ثورة الجياع” هذه، والتي اشار اليها الناشط عودين، ربما لن تحدث باعتبار أن الحكومة نفسها ترى في مسألة أنها ستقوم بصرف نصف راتب انجازا لا يضاهيه انجاز اخر، وأن على اولئك الجياع أن يظلوا مدينين لها الى الابد، لا أن يتوعدوها بثورة.

شارك الخبر: