• الخميس , يناير 9 , 2025
  • الساعة الآن 10:58 PM
  • 13℃ صنعاء, اليمن
  • الخميس , يناير 9 , 2025
  • -18℃ صنعاء, اليمن

مديرية صنعاء الجديدة.. صراع الإيرادات بين عباد والهادي

news-details

صنعاء الجديدة مديرية مستحدثة جنوب العاصمة صنعاء، ورغم أنها امتداد للرقعة الحضرية لأمانة العاصمة، إلا أنها أُلْحِقَت بمحافظة صنعاء.

ويشمل المخطط الحضري للعاصمة صنعاء النطاق الجغرافي المحدد بحوض صنعاء، ويحدد التوسع الحضري في اتجاهات معينة وعلى مراحل زمنية، ما يعني أن أمانة العاصمة هي الرقعة الحضرية للعاصمة، فيما محافظة صنعاء هي النطاق الريفي المجاور، وهو المعمول به في كل دول العالم، حتى تبقى التوسعات الحضرية تحت إشراف جهة إدارية واحدة.

في عام 2022، أصدر رئيس المجلس السياسي الأعلى، مهدي المشاط، القرار الجمهوري رقم (36) بإجراء تعديلات في التقسيم الإداري لبعض المديريات، وبموجبه تم إنشاء مديرية جديدة في محافظة صنعاء لتكون مركزًا إداريًا للمحافظة وتسمى مديرية صنعاء الجديدة ومركزها أرتل.

وحدد القرار النطاق الجغرافي للمديرية بالمنطقة الواقعة جنوب غرب شارع الخمسين الجنوبي، ابتداء من تقاطع شارع الخمسين مع نهاية شارع حدة شرق قرية حدة والاتجاه شرقًا حتى جولة دار سلم، والاتجاه جنوبًا عبر شارع تعز حتى شارع جنوب مستشفى (48) الطبي، وعبره حتى تقاطعه مع شارع 40 (الضغط العالي)، والاتجاه عبره جنوبًا وصولًا لتقاطعه مع شارع الـ (100)، ثم الاتجاه عبر شارع الـ (100) شرقًا حتى تقاطعه مع شارع تعز، ثم الاتجاه عبر شارع تعز جنوبًا وصولًا لتقاطعه مع شارع (40) المار جنوب قرية رهم العليا وغربًا حتى الجبل الواقع جنوب محل خليل، ثم الاتجاه شمالًا عبر السلسلة الجبلية وصولًا حتى شمال قرية حدة.

وحدد القرار الحدود الإدارية لمديرية صنعاء الجديدة بمديرية السبعين (أمانة العاصمة) شمالًا، ومديريتي سنحان وبني بهلول وبني مطر (محافظة صنعاء) جنوبًا، ومديرية سنحان وبني بهلول (محافظة صنعاء) شرقًا، ومديرية بني مطر غربًا.

والمثير للتساؤل هو إلحاق المديرية المستحدثة بمحافظة صنعاء وليس أمانة العاصمة، على اعتبار أن مخطط العاصمة صنعاء قائم على نظام وحدات الجوار، التي لا يمكن فصلها، نظرًا لأن بعضها يتداخل بين النطاقين الإداريين للأمانة والمحافظة.

والمعروف أن المخططات الحضرية تخضع لإشراف جهة إدارية واحدة، وعليه فإنه كلما توسعت الامتدادات الحضرية خارج النطاق الإداري، يتم ضمها إليه، حتى يتم السيطرة على اتجاهات التوسع وحجوم المدن، والحفاظ على مناطق الحساسية البيئية.

وما حصل في مديرية صنعاء الجديدة يعيد إلى الأذهان الخلافات التي نشبت خلال السنوات الأخيرة بين أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء على الإيرادات من المناطق الحضرية التي أصبحت اليوم مديرية جديدة.

وظلت هذه الخلافات محل صراع على الإيرادات بين أمين العاصمة حمود عباد ومحافظ صنعاء عبد الباسط الهادي، وذلك منذ تعيين الأخير في منصبه في عام 2019.

ويتجه التوسع الحضري للعاصمة صنعاء نحو مديرية صنعاء الجديدة، بحسب ما حدده المخطط العام للعاصمة صنعاء في مرحلة تحديثه الأخيرة، ولهذا السبب تم إنزال مخططات القطاعات الجديدة التي تقع ضمن النطاق الإداري للمديرية المستحدثة.

وهو ما رفع أسعار الأراضي في تلك المناطق، وزاد الطلب على تراخيص البناء وغيرها من التراخيص المرتبطة بقطاع المال والأعمال والإنشاءات، ما يعني أن هذه المديرية تدر إيرادات كبيرة، ما جعلها محل تنازع بين عباد (الأمانة) وهادي (المحافظة)، لينجح الأخير في الاستحواذ عليها، مستغلًا نفوذه في استصدار قرار جمهوري بضمها إلى محافظة صنعاء، رغم ما في القرار من عيوب وتناقضات
 

وبالعودة إلى ديباجة القرار الذي بموجبه استحدثت مديرية صنعاء الجديدة، لم تتم الإشارة إلى وجود عرض من وزارة التخطيط أو حتى اللجنة العليا للتخطيط، ما يشير إلى أن القرار صدر بناءً على رغبات النافذين، بعيدًا عن العملية التخطيطية، التي تعد اللجنة العليا للتخطيط هي المعنية بها بدرجة أساسية.

وتشير معلومات حصل عليها “النقار” أن إيرادات النطاق الجغرافي الذي تشكلت منه مديرية صنعاء الجديدة أثارت صراعًا كبيرًا بين أمين العاصمة ومحافظ صنعاء، وتصاعد هذا الصراع بشكل ملحوظ خلال عام 2021، نظرًا لأن أغلب الخدمات كانت تدار عبر أمانة العاصمة، رغم تبعية النطاق الجغرافي لمحافظة صنعاء. مبينة أن إيرادات تراخيص البناء فقط تجاوزت 70 مليون ريال في عام 2020.

وحدد قرار الإنشاء مديرية صنعاء الجديدة كمركز لمحافظة صنعاء، ومنطقة أرتل مركزًا للمديرية، متناسيًا أن المحافظات لها عواصم وليس مراكز إدارية، في حين أن مركز المديرية المحدد هو مجرد هامش ريفي حضري أكثر منه حضري ريفي.

وإضافة إلى ذلك، فإن عواصم المحافظات هي مناطق حضرية غير محددة المراكز، وأحيانًا تكون مدينة مقسمة إداريًا لأكثر من مديرية.

ويتضح التضارب بين قرار الإنشاء والواقع القائم في مديرية صنعاء الجديدة، أن المرافق الإدارية لمحافظة صنعاء ومديرية صنعاء الجديدة تتركز في بيت بوس ودار سلم، وليس في أرتل التي حددت كمركز للمديرية.

والمعروف أن هدف الحكومات من إنشاء أمانات للعواصم هو حماية النطاق الحضري للعواصم من التوسع العشوائي، وتقييد عمليات التوسع بمعايير واشتراطات مدنية، ومنع التوسع في مناطق المخاطر الجيومورفولوجية، وتحديد أنماط التوسع، ولذلك تظل التوسعات الحضرية مراقبة بدقة من قبل جهة التخطيط في أمانة العاصمة، وبإشراف الجهة التخطيطية العليا، لكن ما حصل في مديرية صنعاء الجديدة يمثل سابقة خطيرة ستؤسس لمشاكل حضارية مستقبلية وإشكاليات قانونية ستبدأ بالظهور بمرور الوقت.

ويكشف قرار ضم صنعاء الجديدة إلى محافظة صنعاء عن قصور تخطيطي لدى صاحب القرار، وعدم إدراكه لأهمية الحفاظ على مخططات المدن، وبالتالي فإن صدور قرارات كهذه يعد عبثًا بالرقعة الحضرية للعاصمة صنعاء، من خلال تشتيتها بين نطاقين إداريين، ما يكشف أن سلطة صنعاء لا تهتم بغير الإيرادات وتركيزها في أيدي أشخاص محددين، وفي سبيل ذلك تتخذ قرارات دون أن تأخذ في الاعتبار التبعات المترتبة عليها.


 

شارك الخبر: