خاص-النقار
“الثورة أكرمت إنسانية النزلاء”، عبارة وردت في تقرير “شيق” لقناة المسيرة التابعة لجماعة أنصار الله عن حياة المعتقلين في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع لسلطة صنعاء. فمن مصداقية التقرير أنه لا يصفهم أصلاً بالسجناء وإنما النزلاء الذين حلوا أهلاً ونزلوا سهلاً وطابوا عيشاً، فالمسبح والنادي والملاعب المعشبة، وما لا عين رأت ولا أذن سمعت، باختصار وكأنهم في مدينة ترفيهية حسب ما تقول الزائرات اللواتي ألفاهن معد التقرير على عجل، حيث تقول إحداهن إنهم في السابق كانوا يخفونهم (أي السجناء) ولا نعود ندري أين هم، أما الآن فالأمر مختلف تماماً. نسيت المرأة فقط أن تقول من هم هؤلاء الذين كانوا يخفونهم في السابق ولم تكن تستطيع أن تزورهم، هل هم الذين تزورهم الآن، أم أن أولئك يختلفون عن هؤلاء؟
سلطة صنعاء تريد من تقريرها ذاك أن تُمتدح حتى في سجونها. فتلك المعتقلات بالنسبة لها ليست سجونا ولا نزلاؤها سجناء وإنما هم في طهارة روحية ورياضية يخرجون على إثرها قديسين إلى المقابر مباشرة أو إلى دور العبادة، حيث حتى الأحلام هناك تأتي لكل نزيل جديد، وتحديداً بعد ثلاثة أيام من الكوابيس يعيشها، لتأمره بالصلاة. مثلما حدث مع رداد الحذيفي حسب روايته لصديقه نايف عوض الذي زاره إلى البيت بعد خروجه من السجن وشرح له شيئاً من أحلامه وكوابيسه. وبالتالي هي سجون رفاهية وطمأنينة قد يتمناها الشعب اليمني بأسره طالما أنها بكل تلك المميزات الفخمة التي لا يجدها في أفضل الفنادق ومدن الترفيه العالمية. كأن سلطة صنعاء جعلت من حياة المواطن جحيماً فقط عندما يكون خارج السجون، أما في السجون فالأمر مختلف تماماً، حيث يأتي الرغد من كل جانب، والدجاج المشوي في متناول الجوعى لدرجة أنهم لا يعودون يفكرون بالجوع ولا بالمرتبات ولا بشيء من تلك الأمور التي كانت تقتل تفكيرهم خارج السجون. فهنا الأمن والأمان والسكينة والرفاه، وفوق هذا كل شيء هنا مجاناً.
يتبقى فقط أن يقال تعليقا على ما ورد في تقرير المسيرة: أي مهزلة ترى يستحقها الناس أكثر من أن تريد منهم سلطتهم الحاكمة أن يشكروها على سجنهم؟