"نقترب من ديسمبر ولم أتلق عرضاً رسمياً من النادي حتى الآن، ولذا فأنا ربما خارج ليفربول أكثر من داخله".
بهذه الكلمات صدم المصري محمد صلاح نجم نادي ليفربول الإنجليزي متابعي ناديه وكرة القدم بشكل عام، عقب قيادته ناديه لتحقيق فوز صعب على ساوثامبتون في بطولة الدوري الإنجليزي الممتازوتصدر ترتيب فرق البطولة بفارق ثمانِ نقاط عن أقرب منافسيه.
وقال محمد صلاح: "أنا هنا في النادي منذ سبع سنوات، أحب الجماهير وهم يحبونني، ولكن الأمر ليس في يدهم ولا في يدي، أنا محبط من عدم تلقي عرض حتى الآن".
وأضاف: "لن أعتزل قريباً، ولكني أركز على الموسم وأحاول الفوز بالبريميرليج ونأمل في الفوز بدوري الأبطال أيضا، ولكن نعم أنا محبط".
سبع سنوات قضاها الملك المصري كما تحب جماهير الريدز ليفربول تسميته، كسر فيها الكثير من الأرقام القياسية، وبات واحداً من أساطير النادي، إلا أن الرحلة تواجه خطر النهاية خلال أشهر.
صلاح كان قد وقع عقده الحالي مع ليفربول صيف 2022 لثلاث سنوات، ليحصل على الراتب الأعلى في تاريخ ليفربول، براتب بلغ 350 ألف جنيه استرليني في الأسبوع، ليأتي ثالثاً في ترتيب الأجور الأعلى في البريميرليج، خلف لاعبيّ مانشستر سيتي، البلجيكي كيفين دي برويني (400 ألف) والنرويجي إرلينج هالاند (375 ألف)، وبالتساوي مع البرازيلي كاسيميرو لاعب مانشستر يونايتد.
وقتها تحدث المدير الفني السابق لليفربول الألماني يورجن كلوب قائلاً إن تمديد تعاقد لاعب بحجم صلاح ليس أمراً تفعله وأنت تحتسي الشاي فترة الظهيرة وتصل لاتفاق سهل، وإن العملية طويلة ومرهقة.
إلا أن النادي حالياً يواجه مأزقاً مالياً بنهاية تعاقد صلاح، ومعه اللاعبين الأعلى أجراً في الفريق خلفه، وهما الهولندي فيرخيل فان دايك (220 ألف في الأسبوع)، والإنجليزي ترينت أليكساندر أرنولد (180 ألف)، والثلاثة من مجموعة القادة في ليفربول، مع الاسكتلندي أندي روبرتسون، والبرازيلي أليسون، اللاعبين الأقدم والأكثر تأثيراً في الفريق.
أزمة ليفربول تأتي في ظل تقدم صلاح وفان دايك تحديداً في العمر، إذ سيبلغان 33 و34 عاماً على الترتيب الصيف المقبل، ولدى النادي شكوك في استمرارية عطائهما، خاصة في فترة انتقالية يعيشها ليفربول مع مديره الفني الجديد الهولندي آرني سلوت، والذي ربما ترغب الإدارة في منحه الوقت الكافي لتطبيق أفكاره وبناء الفريق بأسلوبه الخاص في فترة ما بعد كلوب، بمنحه المال اللازم والتخلص من الرواتب الأعلى في الفريق، إلا أن مصادر في النادي أكدت لبي بي سي أن هناك اتصالات إيجابية بين ليفربول ووكيل صلاح، رامي عباس للتجديد.
وبعد تصريحات صلاح الأخيرة، قوبل بعدد من الانتقادات أبرزها من لاعب ليفربول السابق والمحلل الحالي جيمي كاراجر، الذي قال إنه محبط للغاية من صلاح، لأن الأمر المهم لليفربول وقتها كان التركيز على مباراتي ريال مدريد في دوري الأبطال (التي فاز فيها ليفربول على أرضه بهدفين للا شيء، وشهدت إهدار صلاح لركلة جزاء)، ومانشستر سيتي في الدوري.
وانتقد كاراجر صلاح في توقيت تصريحاته، قائلا إن اللاعب في سبع سنوات لم يتوقف في منطقة الصحفيين سوى مرتين، وقرر الوقوف الآن للمرة الثالثة للحديث عن تعاقده، رغم أن الأكثر أهمية لليفربول هذا الموسم (وفق كاراجر) ليس تعاقد صلاح ولا فان دايك ولا أليكساندر أرنولد، وإنما الفوز بالدوري، وإن تصريحات صلاح أنانية.
غالبية متابعي كاراجر على منصة إكس (تويتر سابقاً) هاجموه واتهموه بالتعسف ضد صلاح، ومنهم من نشر تصريحاته شخصياً قبل قرابة ال15 عاماً يتحدث عن مستقبله في ليفربول مع اقتراب نهاية عقده.
مدافع مانشستر يونايتد ومنتخب إنجلترا السابق ريو فرديناند تعجب من عدم تجديد ليفربول تعاقده مع صلاح حتى الآن، قائلا إنه معجب بالثقة التي تحدث بها صلاح وبشفافيته، وإنه لم يتحدث بعدم احترام وإنما بالحقائق.
بعض المحللين قالوا إن حديث كاراجر صحيح بخصوص الأمر الأهم هذا الموسم، ولكن سعادة محمد صلاح وشعوره بالراحة هو العنصر الأهم من أجل تحقيق النجاح في ليفربول، وإن اللاعبين الآخرين أنفسهم يعرفون أن صلاح هو أهم مكون في نجاح ليفربول هذا الموسم، وربما يطالبون بنفسهم بتجديد عقد صلاح.
الاسكتلندي أندي روبرتسون لاعب ليفربول تحدث في المؤتمر الصحفي السابق لمباراة ريال مدريد عن تصريحات صلاح، وقال إن محمد صلاح لاعب محترف للغاية، ويأتي التدريبات كل يوم بابتسامة ويصب تركيزه على المباريات وهذا ما يفعله اللاعبون الأفضل في العالم وهي الفئة التي ينتمي صلاح إليها.
فيما لم تقلق تصريحات صلاح مديره الفني، الذي قال في المؤتمر الصحفي إنه لا يرى صلاح مشتتاً على الإطلاق، وإن هذه الأمور يتم الحديث عنها في الإعلام ومن قبل المشجعين وهو أمر طبيعي، ولكن اللاعبين لا يتحدثون عن هذه الأمور في مركز التدريب، كما أشار إلى أن من ينظر إلى تشكيل ليفربول الرئيسي سيرى أن صلاح داخل النادي أكثر من خارجه.
الجماهير دعمت صلاح، وأكدت على حبها للاعب وهتفت باسمه حتى بعدما أهدر ركلة جزاء أمام ريال مدريد، بسبب مساهمة ليفربول في إنجازات النادي خلال السنوات التي قضاها بقميص الريدز.
صلاح كسر الكثير من الأرقام القياسية مع ليفربول، إذ أصبح أكثر من يسجل أهدافاً في دوري أبطال أوروبا مع أي فريق إنجليزي، وهو الوحيد في تاريخ ليفربول الذي يسجل 20 هدفاً أو أكثر في أربعة مواسم مختلفة في البريميرليج، وسبعة مواسم مختلفة في كل البطولات.
بخلاف كون صلاح هو الهداف التاريخي لليفربول في البريميرليج، وهو ثامن أكثر من يساهم في أهداف في تاريخ البطولة بـ242 هدفاً، وثامن أكثر الهدافين في تاريخ البريميرليج بـ167 هدفاً، بفارق 8 أهداف عن الأسطورة الفرنسية تييري هنري، مع كونه ثاني أكثر من سجل وصنع أهدافاً في نفس المباراة في تاريخ البريميرليج بـ35 مباراة، بفارق مباراة واحدة خلف الأسطورة الإنجليزية واين روني.
موقف صلاح مشابه لموقف البلجيكي دي برويني ذو الـ33 عاماً، الأعلى أجراً في البريميرليج حالياً، والذي ينتهي تعاقده مع سيتي هو الآخر الصيف المقبل، إذ أعلن أنه أوقف مفاوضات تمديد تعاقده مع ناديه، وسط أنباء عن اهتمام أندية سعودية وأمريكية بخدماته، وقال إنه غير متأكد ما إذا كان هذا الموسم سيكون الأخير له مع سيتي أو لا، وإنه يرغب فقط في الاستمتاع بلعب كرة القدم وإن المحادثات ستحدث لاحقاً.
ليفربول كان قد رفض عرضاً من اتحاد جدة السعودي صيف 2023 بقيمة 150 مليون جنيه استرليني مقابل خدمات محمد صلاح، الذي أكدت مصادر متعددة لبي بي سي أن صندوق الاستثمار العام السعودي لا يزال مهتماً بإحضاره إلى الدوري السعودي، وهي قد لا تكون الوجهة الوحيدة المحتملة لصلاح في حالة رحيله عن ليفربول في ظل أنباء عن اهتمام أندية أخرى كبرشلونة الإسباني.
صلاح أبدى رغبته في البقاء وكذلك الجماهير، وربما لن يجد آرني سلوت مدرب ليفربول أفضل من صلاح في مركزه، إذ يعتمد في تشكيلته المفضلة على فكرة الجناحين، الذي ينضم أحدهما لعمق الملعب للتسجيل، وهو ما يتوفر في صلاح، الذي لا بديل له في صفوف الريدز حالياً، إلا الإيطالي فيديريكو كييزا المصاب أغلب الوقت، والذي لم يجد الوقت الكافي للمشاركة منذ انضمامه الصيف الماضي.
ويرى محللون أن تواجد صلاح سيفيد ليفربول فنياً أكثر من إضافة لاعب آخر في مركزه أصغر سناً وأقل خبرة، وربما يكون الأكثر جاهزية هو الإنجليزي جارود بوين جناح ويستهام، الذي سيكون في الـ28 من العمر الصيف المقبل، إلا أن ناديه لن يقبل التخلي عنه بمقابل زهيد، وهو ما يجعل فكرة الحفاظ على صلاح منطقية أكثر مادياً رغم تقدم سنه، واحتمالية تراجع أرقامه مستقبلاً.
ولا تشير بداية صلاح هذا الموسم إلى أن تراجع مستواه سيكون وشيكاً، إذ سجل 10 أهداف وصنع ستة في أول 12 مباراة بالدوري، أكثر مما فعل في موسمه الأول مع ليفربول والذي كان أفضل مواسمه، وبدأه بتسجيل تسعة أهداف وصناعة اثنين في أول 12 مباراة.
كما أن صلاح هو أول لاعب في الدوريات الخمس الكبرى يسجل 10 أهداف ويصنع مثلها هذا الموسم، وهو ما قد يشير إلى موسم إعجازي آخر للملك المصري، وأرقام محتملة، قد تجبر إدارة ليفربول على تمديد التعاقد مع اللاعب المفضل لدى جمهورها.