• الساعة الآن 09:53 AM
  • 17℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

تهديد محدق للأمن الغذائي بالشرق الأوسط بعد انهيار صفقة الحبوب

news-details

 

أثار انسحاب روسيا من اتفاق تصدير الحبوب، في منتصف يوليو/تموز الجاري، قلقًا بشأن تأثيره على الأمن الغذائي العالمي، لا سيما في البلدان التي تعتمد بشدة على الواردات الأوكرانية، إذ تسبب في ارتفاع أسعار القمح في الأسواق العالمية، ما أثار مخاوف بشأن العواقب على دول استيراد القمح الأكثر فقرًا.

ويعزز من هذا القلق أن ما يقرب من ثلث الحبوب التي تم نقلها عبر مبادرة حبوب البحر الأسود ذهبت إلى بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفقا لما أورده تقرير نشرته النسخة الإنجليزية لموقع "العربي الجديد".

وذكر التقرير أن انسحاب روسيا من الصفقة يعني أنها أوقفت مؤقتًا مشاركتها في عمليات تفتيش السفن، التي أجراها مسؤولون روس وأوكرانيون وأتراك، وتوقفت عن تحديد موعد وصول سفن جديدة إلى الموانئ الأوكرانية.

وأضاف أن الكرملين أشار إلى مخاوف من أن الجزء المتعلق بالمواد الغذائية من الصفقة لم يتم تنفيذه وأن العقوبات الغربية تضر بالصادرات بشكل غير مباشر.

وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، عندما أعلنت روسيا أنها لن تمدد الصفقة: "بمجرد اكتمال تنفيذ مطالبنا، ستعود روسيا إلى الصفقة على الفور".

ومن بين المطالب الروسية إعادة قبول البنك الزراعي الروسي في نظام "سويفت" الدولي للدفع، واستئناف تصدير الآلات الزراعية وقطع الغيار إلى روسيا، وإزالة القيود المفروضة على التأمين، ووصول السفن والبضائع الروسية إلى الموانئ.

وتتهم الدول الغربية الكرملين باستخدام "الجوع" كسلاح في معركتها، وقال وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، إن روسيا "تقتل ببطء مبادرة الحبوب".

وتظهر الأرقام الصادرة عن مركز التنسيق المشترك التابع للأمم المتحدة أن الصادرات من أوكرانيا انخفضت في الأشهر الأخيرة، وكانت في أدنى مستوياتها في مايو/أيار ويونيو/حزيران منذ تنفيذ الصفقة.

وانتقدت أوكرانيا روسيا لتأخرها في عمليات التفتيش وهددت مرارا بالانسحاب من الاتفاق، ومع وجود بعض الحقول في المناطق التي تحتلها روسيا حاليا، انخفض الإنتاج الأوكراني من الحبوب بنسبة 35-40% منذ بدء الحرب.

 

صادرات القمح الروسية

ووفقًا لوزارة الزراعة الأمريكية، من المتوقع أن تصل صادرات القمح الروسية إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق في 2023، إذ سجلت روسيا حصادًا قياسيًا في الصيف الماضي، ومخزون القمح لديها حاليًا هو الأعلى منذ 30 عامًا.

وتعود الأسباب الجذرية لأزمة الغذاء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى أن القمح هو الغذاء الرئيسي في المنطقة، ومع وجود العديد من البلدان التي تعاني بالفعل من ارتفاع الدين العام ومستويات خطيرة من التضخم وانخفاض قيمة العملة، فإن انهيار صفقة الحبوب وأي ارتفاع آخر في أسعار المواد الغذائية يهدد المنطقة التي تعتمد بشكل كبير على واردات الغذاء.

وفي السياق، قال الدبلوماسي والزميل الزائر في معهد واشنطن، لويس دوجيت جروس: "المستفيدون الرئيسيون هم: تركيا ومصر وليبيا وإسرائيل وتونس والجزائر وإيران، ولكن أيضًا هناك دول تعاني من أزمات إنسانية، مثل لبنان واليمن".

وأضاف أن "انعدام الأمن الغذائي تزايد على مدى العقد الماضي في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تقدر وكالات الأمم المتحدة أن أكثر من 50 مليون شخص يكافحون للعثور على وجبتهم التالية".

وتعرض إنتاج الغذاء في المنطقة للخطر بسبب النزاعات وأزمة المناخ، حيث تعاني دول مثل المغرب والجزائر من الجفاف.

ووفقًا لبرنامج الأغذية العالمي، فقد زاد عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء المنطقة بنسبة 20% في السنوات الثلاث الماضية.

وأشار جروس إلى أن فترة ما قبل صفقة الحبوب شهدت تعرض عدد من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للخطر، إذ يجهد ارتفاع أسعار الحبوب ميزانيات البلدان التي يتم فيها دعم هذه الأسعار، مؤكدا أن "انهيار الصفقة سيزيد من هذه التوترات من خلال التسبب في صعوبات الإمداد وارتفاع الأسعار".

 

 

وهنا يلفت التقرير إلى أن مصر أدانت خروج روسيا من الصفقة، باعتبارها أكبر مستورد للقمح في العالم، ومعرضة بشدة لتقلبات أسعار المواد الغذائية.

ومن المقرر أن يحضر الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، القمة الروسية الأفريقية في سان بطرسبرج يومي 27 و 28 يوليو/تموز.

ووفقًا لبيانات مركز التنسيق المشترك التابع للأمم المتحدة، فقد سمحت صفقة الحبوب، منذ تنفيذها، بتصدير أوكرانيا لما يقرب من 33 مليون طن من المواد الغذائية.

كما قام برنامج الأغذية العالمي بشحن أكثر من 725 ألف طن من القمح من موانئ البحر الأسود لدعم عملياته الإنسانية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في بلدان مثل أفغانستان وإثيوبيا والسودان واليمن.

واعتبارًا من يوليو/تموز الجاري، كان 80% من مخزون الحبوب لبرنامج الأغذية العالمي يأتي من أوكرانيا، ارتفاعًا من 50% قبل الحرب.

ورغم أن قرابة 60% من الحبوب المصدرة من أوكرانيا كانت متجهة إلى موانئ في أوروبا، إلا أن وجهاتها النهائية تشمل الجزائر والمغرب ومصر ونيجيريا وباكستان.

وروسيا وأوكرانيا هما أول وخامس أكبر مصدرين للقمح، حيث تستحوذان على 20 و10% من الصادرات العالمية على التوالي، كما أن أوكرانيا هي أكبر منتج لبذور عباد الشمس، تليها روسيا.

 

انعدام الأمن الغذائي

ولذا يرى ترى منسقة الشؤون الإنسانية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة أوكسفام، روث جيمس، أن "انعدام الأمن الغذائي ارتفع خلال العقد الماضي في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تقدر وكالات الأمم المتحدة أن أكثر من 50 مليون شخص يكافحون للعثور على وجبتهم التالية".

وأضافت: "يرجع هذا إلى مزيج قاتل من الصراع، والسياسات الاقتصادية السيئة، والاعتماد المفرط على الواردات في عالم غير مستقر بشكل متزايد".

وتابعت: "من المرجح أن يؤدي الانهيار الأخير لاتفاق حبوب البحر الأسود إلى تفاقم الوضع الحرج بالفعل للملايين".

ومنحت روسيا الأمم المتحدة 3 أشهر لتنفيذ بنود مذكرة لتسهيل الصادرات الزراعية الروسية، والتي تقول إنها تضررت بشكل غير مباشر من العقوبات الغربية، ويؤكد الكرملين أن أي سفينة تسافر إلى أوكرانيا ستُعتبر الآن تهديدًا محتملاً.

فيما دعا الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي يتوقع زيارة الرئيس، فلاديمير بوتين، في أغسطس/آب، الغرب إلى النظر في مطالب روسيا.

وفي غضون ذلك، ووسط هجوم مضاد أوكراني، تضرب موسكو الموانئ الأوكرانية في البحر الأسود واحتجزت السفن، في تصعيد إضافي للأزمة التي اتهم الغرب روسيا بإشعالها في محاولة لتفادي العقوبات التي تضر باقتصادها.

وفي حديثه أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حذر الخبير الاقتصادي، ميخائيل خازين، من أن العقوبات المفروضة على روسيا تجعل إنتاج الحبوب غير مربح، رغم أنها لا تستهدف المنتجات الغذائية الزراعية بشكل مباشر؛ وذلك لأن الشركات تفضل تجنب التعامل مع المنتجين الروس. وقد يؤدي ذلك، بحسب خزين، إلى نقص الحبوب في الأسواق العالمية خلال عام أو عامين.

وتتوقع الأكاديمية في جامعة أكسفورد، ديانا جاليفا، أن تتجه روسيا إلى بناء تحالفات أوثق مع بلدان معينة، "سيكون الأمن الغذائي أحد مجالاتها الرئيسية"، واصفة ذلك بأنه "قد يمثل تحديًا لبعض العلاقات مع الجهات الفاعلة الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".

وأشار ديانا إلى احتمال اتجاه دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى التحالفات الإقليمية والحوار لمعالجة مثل التهديدات المحدقة بأمنها الغذائي وتجنب الاعتماد على لعبة السياسة بين القوى العظمى.

شارك الخبر: