من أين علمت "الحركات الجهادية" أن الله يقف إلى جانبها يساندها فيما تقوم به؟
تابعت مسلسل (بيضة الشيطان) حول (تنظيم القاعدة) للمُمثل الشهير "ناصر القصبي" الثلاثة الأجزاء، ولقد أبدع فيها أيما إبداع!!
ما لفت نظري أن "القاعدة" تجعل ممارساتها وما تفعله من "ذبح" و"سبي" و "قتل" و"تفجيرات" للأماكن العامة، هو بتأييد الله وتوفيقه!
فهل هي تعتقد ذلك فعلا؟ أم أنما تستخدمه لمخادعة البسطاء من أتباعها؟ وإذا كان حتى لمخادعة الأتباع؛ فكيف يتقبل الأتباع أن الله يقف إلى جانب من يقوم بممارسة مثل تلك الممارسات التي تتنافى مع الفطرة؟ ولم يقف إلى جانب من قتلوا أبناءهم وسبوا نساءهم وعذبوهم وشردوهم؟
والعجيب أن ذلك التوجه تتبناه معظم الحركات الجهادية وليس فقط القاعدة، فأغلب الحركات الجهادية رغم تباين مواقفها واختلاف توجهاتها يدّعون أن الله يقف إلى جانبهم فيما يقومون به من قتل ونهب وسجون وسطو على ممتلكات الناس؛ وكأن الله موظف عندهم، حتى وهم يتقاتلون فيما بينهم كل طرف يدعي أن الله يقف إلى جانبه وأنه يدعم كل طرف على الآخر!
وهكذا برزت هذه الظاهرة لدى أغلب الجماعات، ولقيت رواجا من قبل الكثير الجهلة أو ممن تسوقهم العاطفة الدينية؛ حيث ينظرون إلى الجهاد أنه قتال دون أن يعيروا أي اهتمام للعلم والمعرفة والاقتصاد والسياسة التي يمكن من خلالها مواجهة الأعداء بأدوات العصر؛ فالمعركة اليوم مع الآخر هي معركة علمية بامتياز ومن يمتلك العلم يتحكم في كل شيء.
والسؤال الأهم:
أولا: من أين علمت هذه الحركات أن الله يقف إلى جانبها يساندها فيما تقوم به؟ أليس هذا نوع من ادعاء الغيب والتجنِّي على الله؛ لأن كل أعمال البشر وكشف المقبول منها من عدمه مؤجل ليوم المعاد!
وكيف عندما تُهزم هذه الجماعات وهي تدّعي أن الله معها، وأنه يمدها بملائكة من عنده؟
ثانيا: ماهي العلامة التي تميز الصادق منها من الكاذب، والمجرم من غير المجرم وكلها تدعي أن الله معها؟ هل هو عامل القوة والمغالبة؟ فيلزم أن القوة لدى دول الكفر أكثر من تلك الحركات؟
أم أن العلامة صوابية الموقف؟ فكل يدعي أنه القران الناطق والحق الساطع!
أم أنه الواقع الذي يشهده من تحكمه هذه الجماعات؟
فإننا نجد أن أغلب تلك الحركات واقعها مزرِ، وأقوالها تناقض أفعالها.. وهكذا تجد أن تلك الحركات إنما تستغل الله لتلميع نفسها وتسويق فسادها ولمخادعة المساكين!
ثالثا: أليس من الأفضل أن نترك الادعاء بأننا خلفاء الله في أرضه -وأننا شوكته في أعين العصاة- بعيدًا عن صراعنا على السلطة والثروة وألا نوظف الله وفق أهوائنا ونترك خصوصيات الله مقدسة للبشرية كلها بدلا من المزايدة والاستغلال القذر؟
ألا يُعد أعظم إساءه لله عند ما نمارس الظلم بحق الناس والفجور؛ في نفس الوقت الذي ندّعي فيه أن الله من يقف معنا ويناصرنا في كل تصرفاتنا!
ألا تعد جريمة بحق الله والقرآن والرسول والمقدسات؟