يقول باحثون إن ممارسة التمارين الرياضية في عطلة نهاية الأسبوع ربما تكون فاعلة في إبطاء التدهور العقلي بالقدر نفسه الذي توفره ممارستها على مدار أيام الأسبوع.
النتائج التي تصدر بعد شهر من دراسة أخرى وجدت أن ممارسة التمارين الرياضية المكثفة والمرهقة في عطلة نهاية الأسبوع تقلص خطر الإصابة بأكثر من 200 مرض، تكشف عن أن التمارين لمدة يوم أو يومين فقط يقلل من خطر الإصابة بـ"الخرف الطفيف" مقارنة مع التدريبات الأكثر انتظاماً.
هذه النتائج تشكل إضافة إلى مجموعة متزايدة من الأدلة التي تشير إلى الفائدة الصحية التي نجنيها من التمارين الرياضية بغض النظر عن توقيت ممارستها [صباحاً أو مساء أو في نهاية عطلة الأسبوع]، فالمهم القيام بها وقتما تشاء.
وخلصت الدراسة المنشورة في "المجلة البريطانية للطب الرياضي" British Journal of Sports Medicine إلى أن نمط النشاط البدني المكثف في عطلة نهاية الأسبوع قد يكون خياراً أكثر ملاءمة للأشخاص المشغولين بأعمالهم في مختلف أنحاء العالم.
وجاء فيها: "إنها دراسة مهمة لأنها تشير إلى أنه حتى الأشخاص المشغولين في مقدورهم الحصول على فوائد صحية تؤثر في القدرات الذهنية من طريق المشاركة في جلسة أو جلستين من رياضة معينة أسبوعياً".
ووجد الباحثون أن خطر الإصابة بالخرف الطفيف انخفض بمعدل 15 في المئة لدى الأشخاص الذين يمارسون معظم نشاطاتهم الرياضية في عطلة نهاية الأسبوع مرة أو مرتين، وبنسبة 10 في المئة لدى "من يمارسون التمارين بانتظام على مدار الأسبوع" وبصورة متكررة.
وبعد الأخذ في الاعتبار العوامل التي من شأنها أن تؤثر في النتائج المستخلصة، مثل العمر والتدخين ومدة النوم والنظام الغذائي واستهلاك الكحول، أشار الباحثون إلى أن نمطي التمارين الرياضية كليهما يتركان فوائد صحية مماثلة.
وقالوا: "وجدنا أن نمط النشاط الجسدي المحصور في عطلة نهاية الأسبوع ونمط التمارين الجسدية النشط بانتظام أديا إلى انخفاض مماثل في أخطار الإصابة بالخرف الطفيف، وذلك بعد أخذ العوامل المؤثرة [العمر والتدخين ومدة النوم والنظام الغذائي واستهلاك الكحول] في الاعتبار".
وأضاف الباحثون: "تبين لنا أنه في المستطاع الحؤول دون 10 في المئة تقريباً من حالات (الخرف الطفيف) إذا شارك جميع البالغين في منتصف العمر في نشاط رياضي، أو مارسوا الرياضة مرة أو مرتين في الأسبوع، أو أكثر... بحسب معرفتنا، هذه هي أول دراسة مستقبلية تظهر أن نمط النشاط البدني المكثف في عطلة نهاية الأسبوع يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالخرف الطفيف."
لتحقيق أهداف البحث، درس الباحثون، وبعضهم من كولومبيا وتشيلي وغلاسكو، مجموعتين من بيانات الاستطلاعات مأخوذة من "دراسة مكسيكو سيتي المستقبلية" [التي تركز على جمع بيانات عن المشاركين على مدى فترة زمنية طويلة].
بصورة عامة، أنهى 10 آلاف و33 شخصاً (متوسط أعمارهم 51 سنة) الاستطلاعين كليهما.
في الاستطلاع الأول، سئل المشاركون عما إذا كانوا يمارسون التمارين الرياضية أو نوعاً معيناً من الرياضة، وإذا إجابوا بنعم، كان عليهم الإجابة الإجابة عن سؤالين آخرين: كم مرة في الأسبوع، وما مدة كل جلسة؟
توزعت النتائج على أربع مجموعات: الأشخاص الذين لا يمارسون التمارين الرياضية؛ "الأشخاص الذي يمارسون معظم تمارينهم الرياضية / أو شكلاً من الرياضة في عطلة نهاية الأسبوع" مرة أو مرتين في الأسبوع، والأشخاص الذين يتبعون روتيناً منتظماً من التمارين الرياضية ثلاث مرات أو أكثر في الأسبوع، ومجموعة مشتركة تضم ممارسي الرياضة في عطلة نهاية الأسبوع والأشخاص الذين يتبعون روتيناً منتظماً من التمارين.
عند إجراء الاستطلاع الثاني، استخدم الباحثون اختباراً صحياً يسمى "اختبار الحالة العقلية المصغر" (اختصاراً MMSE) [يتألف من أسئلة تتعلق بمعلومات عن الشخص نفسه والزمان والمكان وبعض المعلومات العامة] بغرض تقييم الوظيفة الإدراكية، واعتبروا النتيجة 22 أو أقل من 30 دليلاً على وجود ضعف إدراكي معتدل.
في المجمل، لم يمارس 7 آلاف و945 شخصاً التمارين الرياضية أبداً، و726 شخصاً كانوا ممن يمارسون جميع تمارينهم الرياضية في عطلة نهاية الأسبوع، وألف و362 مارسوا الرياضة مرات عدة في الأسبوع، وألفان و88 شكلوا المجموعة المدمجة.
وطوال 16 عاماً من المتابعة، شخص الباحثون ألفين و400 حالة من الضعف الإدراكي الخفيف في صفوف المشاركين.
ولكن أشار الباحثون إلى أوجه قصور تشوب الدراسة وربما توثر في موثوقية النتائج، من بينها أن المشاركين أبلغوا بأنفسهم ووفق تقديراتهم الخاصة عن عاداتهم في ممارسة التمارين الرياضية، وعدم استخدام أجهزة رقمية لقياس حجم ومقدار التمارين التي يمارسها المشاركون. بيد أن الباحثين قدموا عدداً من التفسيرات المحتملة للحماية التي توفرها التمارين الرياضية للدماغ.
وقالوا في هذا الصدد: "ربما تزيد التمارين الرياضية مستويات عوامل التغذية العصبية المشتقة من الدماغ (الجزيئات التي تدعم نمو الخلايا العصبية وبقاءها)، وتعزز مرونة الدماغ".
"كذلك أسهمت النشاطات البدنية في زيادة كتلة الدماغ [نموه]، وفي تحسين وظائفه التنفيذية [القدرات العقلية المتصلة بالتخطيط واتخاذ القرارات وحل المشكلات]، إضافة إلى تعزيز الذاكرة"، وفق الباحثين.
ووجدت دراسة ثانية نشرتها أيضاً "المجلة البريطانية للطب الرياضي" أن ممارسة التمارين الرياضية بغض النظر عن مستوى الجهد [خفيفة أو متوسطة أو شديدة]، أدت إلى تراجع خطر الوفاة الناجمة عن أي نوع من الأسباب بنسبة 30 في المئة بعد تشخيص الإصابة بالخرف.
بناء عليه، قال هؤلاء الباحثون إنه لا بد من تشجيع الأشخاص الذين حصلوا على تشخيص بالخرف على الاستمرار في ممارسة التمارين الرياضية أو البدء فيها، خصوصاً أن متوسط العمر المتوقع بعد تشخيص الإصابة بالخرف ربما يكون نحو أربع إلى خمس سنوات فقط.
في الشهر الماضي، وجدت دراسة أجريت على نحو 90 ألف شخص مسجلين في المشروع البحثي "البنك الحيوي في المملكة المتحدة" UK Biobank، أن "الأشخاص الذين يمارسون التمارين المكثفة في عطلة نهاية الأسبوع" فيجمعون أسبوعاً من التمارين الرياضية في يوم أو يومين، يواجهون خطراً أقل للإصابة بأكثر من 200 مرض مقارنة مع الأشخاص غير النشطين.
ومن بين تلك الأمراض ارتفاع ضغط الدم والسكري واضطرابات المزاج وأمراض الكلى.