مع إعلان حزب الله تعيين نعيم قاسم أمينا عاما له، خلفا لحسن نصر الله الذي قتل في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، تطرح مجموعة من التساؤلات نفسها بشأن "الإدارة" الجديدة للحزب، وما إذا كانت هناك تغييرات ستطرأ عليها، أو حتى ما إذا كان قاسم هو بالفعل من يمسك بزمام الأمور الآن.
وفي هذا الصدد، اعتبر الباحث والإعلامي اللبناني علي الأمين، أن اختيار حزب الله لقاسم ليكون أمينا عاما له بعد مقتل سلفه في أواخر سبتمبر، هو "أمر مؤقت"، مشددا على أن "هيكلية" تلك الجماعة المسلحة "ستتغير" بعد انقشاع غبار الحرب.
وأوضح رئيس تحرير موقع "جنوبية" الإخباري، في حديثه إلى قناة "الحرة"، أن "من يدير حزب الله بشكل فعلي في الوقت الحالي، هو الجهاز العسكري الميداني بإدارة مباشرة من إيران".
ولفت الأمين إلى أن "المندوب الخاص لوزير الخارجية الإيراني لشؤون الشرق الأوسط، محمد رضا شيباني، الموجود في بيروت، تحدّث بشكل واضح عن وجود إدارة شبه مباشرة لحزب الله من قبل طهران".
وزاد: "الحرس الثوري الإيراني أوفد أيضا قيادات عسكرية إلى الميدان في لبنان، والتي تلعب دورا مهما في إدارة المعارك، حيث تمكنت من ملء الفراغات التي أحدثتها الاغتيالات الإسرائيلية للقيادات الأساسية والمتوسطة في حزب الله".
وشدد الأمين على أنه "يمكن القول إن طهران هي من تدير مواجهة حزب الله مع الجيش الإسرائيلي"، لافتا إلى أن "شروط إنهاء الحرب والوصول إلى تسوية سياسية باتا مرتبطان بالاستراتيجية الإيرانية بالدرجة الأولى، دون أن تتحكم فيها الحسابات اللبنانية".
واعتبر الأمين أن طهران "تستخدم الجبهة اللبنانية كورقة ضغط لا تريد أن تخسرها، لأنها تستشعر خطرا إسرائيليا أو ربما أميركيا عليها".
وفيما إذا كان تعيين قاسم زعيما جديدا للجماعة المصنفة على لوائح الإرهاب الأميركية سيؤدي إلى "مرحلة جديدة"، أجاب الأمين: "سيقوم (قاسم) كما تعوّد سابقا بنقل رسائل متلفزة، وهنا أود أن أوضح أن حزب الله هو جزء من استراتيجية إيران ومصالحها وليس دخيلا عليها، وبالتالي فإنها المتحكمة بكل مفاصله، بما فيها مسألة إطلاق (الصواريخ الدقيقة)".
ووصل إلى أن "الإدارة الإيرانية المباشرة لحزب الله ليست بالأمر الغريب أو المستجد، بل هي مسألة معتادة ومألوفة ولا شيء مستجد فيها".
والثلاثاء، أعلن حزب الله تعيين قاسم أمينا عاما، قائلا في بيان: "عملا بالآلية المعتمدة لانتخاب الأمين العام، توافقت شورى حزب الله على انتخاب سماحة الشيخ نعيم قاسم أمينًا عاما لحزب الله".
من هو نعيم قاسم؟
يعد قاسم من الشخصيات المؤسسة لحزب الله، إذ شغل عدة مناصب قيادية بارزة فيه، وكان عضواً في "مجلس الشورى" لثلاث دورات.
وتسلم في البداية مسؤولية الأنشطة التربوية والكشفية في بيروت، ثم منصب نائب رئيس المجلس التنفيذي في الحزب، قبل أن يصبح رئيساً له.
وفي عام 1991، تم تعيينه نائباً للأمين العام، بعد تولي عباس الموسوي زعامة تلك الجماعة، المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة. واستمر مع خلفه حسن نصر الله منذ سنة 1992 حتى تم انتخابه أميناً عاماً للحزب.
وكان قاسم يشرف على عمل الحزب في مجلس النواب اللبناني، حيث تابع أعمال كتلة "الوفاء للمقاومة"، ونشاط النواب التشريعي والسياسي، كما تولى رئاسة هيئة العمل الحكومي، المعنية بمتابعة أعمال الوزارات المختلفة ودراسة هيكلياتها وقراراتها، إلى جانب متابعة نشاط وزراء الحزب في الحكومة.
كما أنه المنسق العام للانتخابات النيابية في حزب الله منذ بدء مشاركته في الانتخابات عام 1992.
ويعد قاسم أول عضو في القيادة العليا للحزب يدلي بتصريحات علنية بعد مقتل نصر الله.
ففي خطاب ألقاه في 30 سبتمبر، قال إن الحزب سيختار خليفة لنصر الله "في أقرب فرصة"، زاعما أن "الخيارات ستكون سهلة لأنها واضحة، ولأننا على قلب رجل واحد"، مشدداً على أن حزب الله سيواصل قتال إسرائيل "مساندة لغزة وفلسطين".
وفي خطاب له في 8 أكتوبر، صرّح قاسم بأن الصراع مع إسرائيل هو "حرب حول من يبكي أولاً"، مؤكداً أن "حزب الله لن يبكي أولاً"، لكنه أشار إلى دعم الحزب لجهود رئيس مجلس النواب نبيه بري – أحد أبرز حلفاء حزب الله – في التوصل لوقف لإطلاق النار.
وكانت هذه المرة الأولى التي يتجنب فيها ذكر أي اتفاق هدنة في غزة، كشرط مسبق لوقف إطلاق النار ضد إسرائيل.
مساع لإنهاء الصراع
يصل مستشاران بارزان للرئيس الأميركي جو بايدن، إلى إسرائيل، الخميس، بهدف العمل على دفع تفاهمات من أجل وقف إطلاق النار في لبنان، في إشارة إلى حدوث تقدم في هذا الإطار.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، أن المستشارين آموس هوكستين وبريت ماكغورك سيزوران إسرائيل، لبحث اتفاق وقف إطلاق النار.
كما نقل موقع أكسيوس الأميركي، عن مصادر أميركية وإسرائيلية، أنه "يمكن الوصول إلى اتفاق خلال أسابيع قليلة".
وحسب تقرير أكسيوس، يعتقد مسؤولون أميركيون وإسرائيليون أن حزب الله المدرج على قائمة الإرهاب الأميركية، أصبح مستعدا للنأي بنفسه عن حركة حماس الفلسطينية في غزة، بعد الضربات القوية التي تلقاها خلال الفترة الماضية.
وعقد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، اجتماعا وزاريا لبحث إمكانية التوصل إلى تسوية، أو تعميق العملية العسكرية بغية "ممارسة الضغط للتوصل إلى حل" على الجبهة اللبنانية.
وتضمنت الخيارات، وفق القناة 12 الإسرائيلية، عدة نقاط أبرزها إبعاد مقاتلي حزب الله إلى شمال منطقة الليطاني، وانتشار واسع للجيش اللبناني على الحدود الشمالية.
وشملت النقاط أيضًا وجود آلية رقابة دولية، وضمانات لحرية حركة إسرائيلية "لإزالة التهديدات" ومنع تسلل عناصر حزب الله في المستقبل، بجانب وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما، تمهيدا للوصول إلى اتفاق نهائي.
وتسود تقديرات في الدوائر الأمنية، بأن إسرائيل "تقترب من تحقيق أهدافها على الجبهة الشمالية"، كما تم تحديدها في الكابنيت (مجلس الوزراء الأمني المصغر).