تشهد المقاهي اليمنية إقبالاً متزايداً من الشباب في مانهاتن، نيويورك، لتصبح واحدة من أكثر الأماكن جذباً في المدينة، على الرغم من غياب الخمور تماماً عن قوائمها. ورغم المنافسة الشرسة من سلاسل عالمية شهيرة مثل “ستاربكس”، نجحت هذه المقاهي في جذب الشباب الباحثين عن أجواء مميزة وثقافة مغايرة.
مقاهي “قهوة هاوس”: مركز التجمعات في مانهاتن
بحسب تقرير نشره موقع “سي إن إن”، تعتبر سلسلة المقاهي اليمنية “قهوة هاوس” من أكثر الأماكن شعبية في ليالي الجمعة في منطقة “ويست فيليج” بمانهاتن. هذه المقاهي لا تقدم الخمور أو الأطعمة الفاخرة، بل تقتصر قوائمها على القهوة اليمنية التقليدية والشاي والمعجنات. ومع ذلك، نجحت في منافسة المطاعم الفاخرة والبارات العصرية، مستقطبة الحشود من المسلمين وغير المسلمين على حد سواء.
الأصالة والتراث يجذبان الشباب
تجمع المقاهي اليمنية بين أجواء الأصالة والثقافة الشرقية التي تفتن الزوار برائحة الهيل المميزة والموسيقى العربية الساحرة. مقهى “قهوة هاوس” هو أحد الفروع البارزة لهذه السلسلة، التي بدأت في منطقة ديترويت وانتشرت في مختلف أنحاء الولايات المتحدة. حالياً، تمتلك السلسلة 19 فرعاً في 7 ولايات، مع خطط لافتتاح المزيد من الفروع في المستقبل القريب.
إلى جانب “قهوة هاوس”، تشهد سلسلة مقاهي يمنية أخرى تُدعى “Haraz” توسعاً كبيراً في نيويورك، حيث بدأت من حي “سوهو” الراقي وتخطط لافتتاح 6 فروع جديدة خلال العامين المقبلين. كما ستنضم سلسلتان أخريان، “MOKAFÉ” و”Qamaria Somali Coffee”، إلى هذا المشهد المميز في “تايمز سكوير”.
تفوق المقاهي اليمنية على ستاربكس والبارات
يشير تقرير “سي إن إن” إلى أن نجاح المقاهي اليمنية يعود إلى قدرتها على تلبية احتياجات الشباب الذين يبحثون عن “مساحة ثالثة” للتواصل الاجتماعي. هذا المصطلح، الذي صاغه عالم الاجتماع الأمريكي راي أولدنبورغ، يشير إلى مكان عام يمكّن الناس من التفاعل بانتظام خارج نطاق العمل والمنزل.
مع تراجع جاذبية مراكز التسوق وسلاسل القهوة مثل “ستاربكس” كأماكن اجتماعية، بات الشباب يبحثون عن بدائل هادئة وخالية من الكحول. وأصبحت المقاهي اليمنية بمثابة ملاذ للشباب من مختلف الخلفيات، حيث يجمعون بين الرصانة والشعور بالانتماء الاجتماعي.
النموذج اليمني ينجح في المدن الأمريكية الكبرى
تزايد الطلب على المقاهي اليمنية ليس محصوراً في الجاليات العربية أو الإسلامية فقط. بل إن الشباب من مختلف الأديان والثقافات باتوا يفضلون نمط الحياة الخالي من الكحول، ما يعزز شعبية هذه المقاهي في المناطق الحضرية الكبرى.
تتسم المقاهي اليمنية بتصميم عصري يراعي الأذواق الشابة مع الحفاظ على الروابط الثقافية العميقة. ويعزو الكثيرون هذا النجاح إلى قدرة المقاهي على تقديم بيئة اجتماعية مريحة تجمع بين الأصالة والحداثة، ما يجعلها وجهة مفضلة للالتقاء وتبادل الحديث.
تاريخ القهوة اليمنية في الولايات المتحدة
القهوة ليست مجرد مشروب صباحي في الشرق الأوسط، بل تعتبر جزءاً من الطقوس الاجتماعية اليومية. وعلى الرغم من أن حبوب البن نشأت في إثيوبيا، إلا أن اليمن كان أول من زرع البن ونقله عبر البحر الأحمر إلى باقي العالم.
تاريخياً، كانت المقاهي من أولى المؤسسات التي أنشأها المهاجرون اليمنيون والعرب في ديترويت، حيث كانوا يجتمعون للتواصل الاجتماعي وتبادل الأخبار. ومع مرور الوقت، أصبحت هذه المقاهي نواة للتواصل الثقافي والديني، حيث تم بناء العديد من المساجد الصغيرة في أجزاء من تلك المقاهي.
بين أجواء الهيل والموسيقى الشرقية، وبين التصميم العصري والأصالة، أصبحت المقاهي اليمنية في نيويورك وغيرها من المدن الأمريكية رمزاً للاندماج بين الثقافات، حيث توفر مساحة آمنة وهادئة للتواصل الاجتماعي بعيداً عن صخب البارات والمطاعم التقليدية.