خاص | النقار
الريال يتعدى حاجز الألفين هبوطًا. لا شيء جديد في الأمر سوى ظهور مفاجئ على المستوى الرئاسي والحكومة والبنك المركزي دفعة واحدة بعد غياب طويل. فالعليمي ورئيس حكومته ومحافظ بنكه إما يختفون جميعًا في سبات شتوي صيفي طويل، أو يظهرون جميعًا وفي وقت واحد، مصطحبين معهم هانس غروندبرغ بطبيعة الحال.
بحسب برنامج الثلاثاء 15 أكتوبر، التقى العليمي في مقر إقامته بالرياض بالسفير الأمريكي ستيفن فاغن، مطالبًا إياه بمراجعة قرار الخزانة الأمريكية بفرض عقوبات على شركات تابعة لرجل الأعمال الإخواني حميد الأحمر، قبل أن يتوجه على وجه السرعة إلى عدن برفقة رئيس الوزراء الأسبق حيدر أبو بكر العطاس.
قناة سهيل التابعة للأحمر أوردت الخبر بارتياح بالغ، حتى أنها ربما أضافت للعليمي لقب “فخامة رئيس الجمهورية”، طالما أن الرجل ترك كل شيء وراح يدافع عن الأحمر وعن شركاته، واصفًا تلك الشركات بأنها “شركات وطنية تجارية”.
بحسب محللين، يأتي هذا الموقف “الوطني” من قبل العليمي تجاه حميد الأحمر في وقت يواجه فيه الشعب معاناة غير مسبوقة جراء تدهور الوضع المعيشي والاقتصادي والانهيار المروع للعملة المحلية. وكأن العليمي يريد أن يُظهر تجاهلاً تامًا لمعاناة المواطنين ويُثير المزيد من الاستياء الشعبي، بدلاً من اتخاذ إجراءات جادة لإنقاذ الاقتصاد ودعم الشعب، حيث يتفاقم الفقر والجوع في البلاد نتيجة انهيار العملة والفساد المستشري.
هذا على الجبهة العليمية، أما رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك فقد استبق موقف العليمي وتوجهه إلى عدن بلقاء سفراء الاتحاد الأوروبي، طالبهم فيه بدعم حكومته لتجاوز أزمة انهيار الريال.
وبحسب موقع “عدن الغد”، فإن الاجتماع “كرس لمناقشة مستجدات الأوضاع على الساحة الوطنية، وجهود الحكومة في مسار الإصلاحات والتصدي للتحديات الاقتصادية والإنسانية، بما فيها الحفاظ على أسعار صرف العملة الوطنية”. واستعرض الاجتماع “الدعم الأوروبي والدولي المطلوب لإسناد الجهود الحكومية من أجل تعزيز موقف العملة الوطنية”. وقال بن مبارك: “إن الوضع الاقتصادي الآن هو الشغل الشاغل للمواطنين، في ظل تراجع سعر العملة الوطنية وضعف القوة الشرائية، وبجانب إجراءات الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي لا بد من مسار إقليمي ودولي لدعم الحكومة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي”. وشدد على “ضرورة وجود تدخل عاجل وسريع لإسناد الحكومة في هذا الملف الحيوي، لأن التأخير سيجعل المعالجات أكبر كلفة”.
الخبر في موقع “عدن الغد” جاء بصيغته الرسمية، أما عند رئيس تحريره فتحي بن لزرق فقد جاء من زاوية أخرى، وعبر تغريدة له على منصة “إكس”، سخر فيها مما سماه “تسول حكومة العليمي باسم اليمنيين”، في الوقت الذي تُصرف فيه ملايين الدولارات شهريًا على مسؤوليها الغاطسين في كازينوهات الخارج.
قال بن لزرق: “رئيس الوزراء يدعو المجتمع الدولي إلى دعم الحكومة لوقف انهيار العملة. تعليقي: توقفوا أنتم أولاً عن صرف رواتبكم بالعملة الصعبة والدولار، توقفوا عن صرف أكثر من ٤ ونصف مليون دولار شهريًا لأكثر من ٤ آلاف مسؤول حكومي يتسكعون في كافيهات الخارج ومراقصها. الصرف من مال الشعب لأناس لا يقومون بأي أعمال. توقفوا عن دفع ٢٥٪ من ميزانية الدولة لهؤلاء”.
واختتم بن لزرق تغريدته مخاطبًا بن مبارك: “هذه المسؤولة التي أمامك (مندوبة النرويج) تتسلم راتبها بعملة بلادها المحلية وفي حدها الأدنى. لا تناشد، لا تتسولوا باسمنا. نرجوكم.. فقط توقفوا عن إهدار المال العام، أوقفوا هذه المهازل، لا نريد أكثر من ذلك وكفى”.
أما على الجبهة المعبقية، فإن محافظ البنك المركزي ظهر هو الآخر بعد غياب طويل وبدون الكوفية هذه المرة، ليتحدث للعليمي وبن مبارك بلسان حال مفاده: “بحجر الله بطلوا تدخلاتكم وخلوني أشتغل!”
وبحسب وسائل الإعلام الرسمية، فقد عقد المعبقي اجتماعًا عبر تقنية “الزوم” مع مجلس إدارة البنك، دعا فيه الحكومة “إلى إعادة النظر في السياسات المالية والاقتصادية، خاصة في مجال تعبئة وتحصيل الموارد العامة، وتخطيط الإنفاق وفقًا للأولويات من خلال اعتماد موازنة واقعية محددة النفقات والموارد والعجز ومصادر التمويل، توائم بين الموارد الذاتية والالتزامات الحتمية وما يمكن تعبئته من موارد محلية وخارجية لتغطية الفجوة التمويلية”.
كما “دعا الاجتماع مجلس القيادة الرئاسي والحكومة إلى دعم البنك المركزي ومساندته بما يمكنه من القيام بواجباته باستقلالية ومهنية في ظل هذه الظروف الصعبة والتطورات غير المواتية”.
أما القرار الأهم الذي خرج به الاجتماع فهو “إعلان البنك المركزي عن مزاد لبيع 50 مليون دولار”، ليقول موقع “المصدر أونلاين” إن “العملة الوطنية شهدت تحسنًا طفيفًا مقابل الدولار الأمريكي، وسجل سعر صرف الدولار في تعاملات اليوم الثلاثاء 1988 ريالًا، بعد أن تجاوز 2000 ريال في تعاملات يوم أمس الاثنين”.
وعلى إثر الظهور المفاجئ والمحتدم لكل من العليمي ورئيس حكومته ومحافظ بنكه، دخلت الجبهة الأممية على الخط هي أيضًا، فها هو ذا مبعوثها الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ يخصص جزءًا من إحاطته أمام مجلس الأمن للتحذير من احتمالية انهيار أحد البنوك التجارية الرئيسية ويدعو إلى التعاون مع حكومة العليمي.
وقال غروندبرغ: “هناك احتمال لانهيار أحد البنوك التجارية الرئيسية في اليمن”، مشيرًا إلى أن الانهيار المحتمل لأكبر بنك تجاري في اليمن يؤكد على الضرورة الملحة للتعاون. وأضاف: “لقد حددنا خيارات على المستوى التقني بشأن الاقتصاد، ونعمل على إقناع الأطراف بأن التعاون في المسائل الاقتصادية هو السبيل الوحيد للمضي قدمًا لضمان الاستقرار الاقتصادي”.