تعلمتُ وأنا صغير ما هو كبير.. تعلمنا أن "الوطن العربي" واحد من أقصاه إلى أدناه. ربما كان هذا أجمل ما تعلمته، وبات له اليوم وحشة الغياب الذي طال، والفقدان الذي يشبه الموت، في عهد سادهُ المتوحشون وانتشى فيه التافهون، ومات أحراره كمدا وقهرا.
تعلمتُ أن يكون المرء إنسانا ضد كل ما ينال من إنسانية، في أي مكان من هذا العالم، أو ينتقص من حقوقه بظلم أو بطغيان، والانتصار له في عصر بات دميما، وموسوما بالتفاهة والتوحش.
رغم كل هذا التوحش الذي يسود، يجب ألا نيأس؛ لأن في اليأس موتا. يجب ألا نستسلم لهذا الموت الباذخ والتوحش المنتشر، بل والأكثر وجوبا مقاومته على نحو لا يعرف الاستسلام، وبأمل لا يعرف التلاشي.
الحياة ولّادة، ولعل في هذا وذاك مخاض ولادة جديدة، وبداية عهد جديد، والمثل المشهور يقول: "دوام الحال من المحال"، ولنا في التاريخ ألف عظة وعبرة ومثال.