باتت إيران على أعتاب امتلاك عدد من الرؤس النووية بحسب ما ذكرته صحف أجنبية، حيث كشف مسؤول سابق بالوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران قد تمتلك 10 رؤوس نووية بحلول أبريل المقبل، مشيراً إلى أن الصواريخ التي أطلقتها طهران، الثلاثاء الماضي، على إسرائيل يمكن تعديلها.
ومع تصاعد التوتر مع إسرائيل وترجيح شنها ضربات انتقامية على منشآت حساسة، قد تكون من بينها المفاعلات النووية، يتبادر إلى الذهن سيناريو العراق حين دمرت إسرائيل مفاعل تموز عام 1981، وكذلك مسار إسقاط النظام العراقي حين شكلت الولايات المتحدة تحالفاً دولياً من أجل نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية في العام 2003.
والحديث عن امتلاك إيران لأسلحة نووية يثير قلقل الولايات المتحدة وإسرائيل خاصة عقب القصف الإيراني الأخير لتل أبيب حيث تتصاعد الدعوات لتدمير المنشآت النووية الإيرانية على غرار ما حدث مع المفاعل النووي العراقي تموز واحد في بداية ثمانينات القرن المنصرم.
وكشف أولي هاينونن، نائب المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تصريحات نشرتها صحيفة «التايمز» البريطانية، أن إيران تقول إن برنامجها النووي مخصص لأغراض مدنية بحتة، مؤكداً أن إسرائيل ودولاً غربية ترى ذلك واجهة لتطوير الأسلحة.
وقال هاينونن، البالغ من العمر 78 عاماً، الذي أشرف على جهود الوكالة لمراقبة واحتواء البرنامج النووي الإيراني، إن المسؤولين في إيران أشاروا إلى أنهم غيَّروا عقيدتهم الدفاعية بطريقة تشير إلى «نعم، يمكننا أن نفعل ذلك (استخدامها) إذا لم نحصل على ما نريد».
مخاطرة
وأضاف أنه باستخدام الأسلحة النووية، فإن الإيرانيين سيخوضون «مخاطرة هائلة»، لافتاً إلى أنه من المرجَّح أن يستخدموها «ورقة مساومة وتهديد».
وتابع: «سيتعين على الرئيس الأمريكي أن يفكر في وجود احتمال ضئيل لاستخدام هذه الأسلحة، وعليهم أن يكونوا مستعدين لذلك».
وذكر أن مراكز الطرد المركزي الإيرانية مدفونة عادة تحت مناطق جبلية، وتحميها القوات وصواريخ الدفاع الجوي، واصفاً ضرب المراكز التي تخصب اليورانيوم منها في مفاعلات نطنز وفوردو بهجوم مباشر بأنه «تحدٍّ قد يؤدي إلى نتائج محدودة».
ضربة وقائية
ويرى المحلل الإسرائيلي المعروف نداف أيال قال، في مقال نُشر بصحيفة يديعوت أحرونوت أن خيار توجيه ضربة وقائية إلى المنشآت النووية الإيرانية بات أكثر واقعية مما كان عليه في العقد الماضي.
إلى ذلك قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية إن إيران باتت قريبة جدا من امتلاك قنبلة نووية، وذلك يستوجب على الولايات المتحدة إعادة التفكير في كيفية مراقبتها.
وأوضحت أن تقريراً جديداً -للمفتش النووي المخضرم ديفيد أولبرايت وزميلته سارة بوركهارد الباحثة في "معهد العلوم والأمن الدولي"- خلص إلى هذه النتيجة التي تؤكد أن طهران قطعت شوطا طويلا في هذا المجال، حتى إن تصنيعها لقنبلة نووية يمكن أن يحدث في أي وقت.
وفي مقالها الافتتاحي، أشارت هيئة تحرير الصحيفة إلى أن موقف المخابرات الأميركية كان يستند إلى أن برنامج التسلح النووي قد توقف، إلا أن هذا الوضع لم يعد قائما الآن. فقد ورد في تقرير لمكتب مدير الاستخبارات الوطنية في يوليو أن إيران "قامت بأنشطة جعلتها في وضع أفضل لإنتاج سلاح نووي، إذا اختارت القيام بذلك".
تقرير
وذكرت الصحيفة أن التقرير لم يتطرق إلى ماهية تلك الأنشطة، وكم من الوقت ستستغرقه طهران لإنتاج هذا السلاح. ولو كنا نعرف، كما كتب أولبرايت وبوركهارد، "لكانت ستظهر بعض الحقائق غير المريحة، وهي أن إيران يمكن أن تفعل ذلك بسرعة كبيرة جدا، ولصعب اكتشاف إجراءات بناء قنبلة نووية في بداياتها، وربما كان من الممكن إجهاض أي محاولة لتخصيب اليورانيوم إلى الحد الذي يصل إلى مستوى إنتاج السلاح النووي".
ووفقا للافتتاحية، لم تُبد المخابرات الأميركية قلقا كبيرا إزاء التسلح النووي عندما لم يبلغ التخصيب الإيراني مرحلة متقدمة.
يُذكر أن تقريراً صدر في أغسطس الماضي عن وكالة «IAEA» كشف أن إيران زادت مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% إلى 165 كيلوغراماً، أي أكثر بنحو 20 كيلوغراماً مما ذكرته هيئة الرقابة النووية التابعة للأمم المتحدة في مايو الماضي.
والجدير بالذكر أن صنع قنبلة نووية يتطلب تخصيباً بنسبة 90%، وهو الأمر الذي دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى التحذير من أن إيران قد تحقق ذلك في غضون بضعة أشهر.
سابقة إسرائيلية
وكانت اسرائيل قد نجحت عن طريق أجهزة مخابراتها في القضاء على المشروع النووي العراقي الذي كان يطمح في الدخول في النادي النووي حيث أقض مضاجع إسرائيل.
ومن خلال عملية "أوبرا" نجح الجيش الاسرائيلي في تدمير المفعل النووي العراقي تموز واحد الذي أنشئ في موقع التويثة على بعد 26 كيلومتراً جنوبي بغداد، واحتوى إضافة للمفاعل على مختبر إنتاج النظائر المشعة الطبي ومبنى الإدارة ومكتبة علمية وورشة ميكانيكية".
واستغرقت العملية 3 ساعات وذلك في الـ 7 من يونيو 1981، حيث حلَّقت 8 طائرات إسرائيلية من طراز "إف 16" و6 طائرات من طراز "إف 15" نحو جنوب شرق بغداد لتدمير المفاعل، وكان تحليقها على ارتفاع منخفض لم يَزِد على 300 قدم كي لا يتم رصدها. وتمكَّنت الطائرات من الوصول إلى المفاعل ، ودمَّرته في تمام الساعة السادسة والنصف مساء.