تتوالى الاعتقالات وتتزايد القائمة. سلطة صنعاء تتحول إلى خوارزمية لرصد كل تغريدات ومنشورات يأتي أصحابها على ذكر ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، فتقوم باعتقالهم والزج بهم في سجونها. وما تسمى أحزابا وقوى سياسية وطنية لا يعنيها أن تتبنى موقفا تجاه ما يحدث. حتى المعتقلون المحسوبون على هذا الحزب أو ذاك لم يحدث أن صدر بيان تضامني معهم أو موقف يدين اعتقالهم ويطالب سلطة صنعاء بالإفراج عنهم والكف عن سعارها ولو قليلا في حملات الاعتقال هذه.
ناشطون كرداد الحذيفي وسحر الخولاني ومحمد دبوان المياحي، وعشرات آخرون تم اعتقالهم مؤخرا، يصبحون خطرا محتما على سلطة صنعاء لمجرد أنهم قالوا سنحتفل بعيد الثورة. ربما هي المعادلة نفسها التي استدعت من سلطة صنعاء القيام باعتقال شخصيات ينتمون لحزب تقول إنه شريكها في السلطة وهو المؤتمر. خمسة قيادات من ذلك الحزب اعتقلتهم سلطة صنعاء قبل أيام وأودعتهم السجن: أمين راجح، علي ثابت حرمل، سعيد الغليسي، أحمد عبدالله العشاري، نايف النجار. تم اعتقالهم على خلفية دعوتهم للاحتفال بثورة 26 سبتمبر. فيما لم يحدث للحزب "الشريك" ذاك أن يصدر حتى بيانا تضامنيا أو موقفا يستنكر اعتقالهم، خصوصا وأن من بينهم أعضاء في اللجنة الدائمة للحزب.
فهل ينتظر الشعب من تلك الأحزاب والقوى السياسية موقفا قويا وحازما في ما يتعلق بثورته؟ بالتأكيد لا، فهي لا تجرؤ حتى على توجيه دعوة للخروج والاحتفاء. ولعل أصدق تعبير عن حالة الهزال التي تعيشها القوى السياسية في صنعاء هو البيان الذي أصدرته أحزاب اللقاء المشترك قبل يومين، والذي وحده القيادي في أنصار الله علي القحوم هو من التفت إليه باعتباره معنيا بمثل تلك البيانات.
جاء البيان على النحو التالي: "أدانت أحزاب اللقاء المشترك العدوان الإجرامي الأمني للعدو الصهيوني باختراق وتفجير أجهزة الاتصال اللاسلكية المحمولة (البيجر) لدى عدد من العاملين في مؤسسات حزب الله ومدنيين لبنانيين...".
الأمر نفسه بالنسبة للدعوة التي وجهتها تلك الأحزاب، بحسب صفحة القحوم، "للمشاركة الواسعة في الاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف"؛ حيث "أهاب البيان بأهمية التفاعل والحضور المشرف وغير المسبوق من أبناء الشعب اليمني ومختلف المكونات والأحزاب السياسية والمجتمعية في هذه المناسبة العظيمة على الأمة العربية والإسلامية".
بالتالي على البسطاء الذين هم الشعب، إن أرادوا الاحتفال بثورتهم، ألا يعولوا إلا على أنفسهم فحسب.
أما أن يحدث لتلك الأحزاب والقوى السياسية أن توجه دعوة للاحتفاء بثورة السادس والعشرين من سبتمبر، باعتبارها الثورة الأم لليمنيين، أو أن تشجع الناس على المجاهرة بمظاهر الاحتفال، فضلا عن أن تدين الاعتقالات التي تطال المواطنين من أبناء جلدتها على خلفية الاحتفال بالثورة، فتلك ليست مهمتها ولا من اختصاصها. فهي مجرد أحزاب من ورق طبع على نفقة القائم بأمر الله.