خاص | النقار
كل القصة تدور حول خلاف بين مستثمر ووزير، أو هكذا يصف العالقون مأساتهم في مطاري القاهرة وعدن. عالقون فقط، وأيضًا موتى. المرأة التي قدمت مع زوجها وابنها من صنعاء إلى عدن منذ أيام، على أمل السفر إلى القاهرة، طوتها حرارة الفنادق وسأم انتظار "بلقيس" لتنزل بجناحيها في المطار. دفعت الثمن مقدماً وباهظاً. حيث طال الانتظار، فخرجت إلى ساحل أبين وإلى بحر المدينة لتبتلعها الأمواج وتعود جثة هامدة يبكيها زوجها على الساحل.
كل هذا لأنها كانت ترغب في السفر للعلاج بالخارج، فذهبت لحجز تذكرة على متن طائرة قيل لهم إنها ستحملهم، ولم يحدث ذلك.
بطبيعة الحال، لا يمكن تحميل الشركة وزر موت تلك المرأة، لكن الحقيقة هي أن صاحب الشركة (العيسي) ووزير النقل في حكومة العليمي عبدالسلام حميد لم يحسما خلافاتهما بعد، وهي خلافات وصراعات تعود إلى أيام شركة النفط. ومنذ ذلك الحين، تحاول الحكومة فض النزاع بين الرجلين، حيث قام رئيسها قبل خمسة أيام بتوجيه وزير النقل بالسماح لشركة طيران بلقيس باستئناف رحلاتها حتى نهاية العام، نظراً لتكدس المسافرين الحاجزين على رحلات الشركة في مطار القاهرة.
إنها الضفة الأخرى التي يتكدس فيها العالقون، وعلى مرأى ومسمع مسؤولي العليمي في السفارة وفي المهرجانات وكشوفات الصرف. المئات من الأطفال وكبار السن والمرضى يكتفون فقط بإشهار تذاكرهم من حين لآخر لعلهم يجدون من يلتفت إليهم.
بحسب الصحفي عبد الرحمن أنيس، كان من المفترض أن تقوم وزارة النقل بإنزال إعلان تحذيري مسبق بأن شركة الطيران الفلانية أو العلانية مخالفة لقوانين الطيران في البلاد، وعليه فإن الجهات الرسمية في اليمن ستوقف تراخيص الطيران اعتباراً من اليوم أو الشهر (ويتم التحديد)، وتحذر كل مواطني البلاد والزبائن من التعامل مع هذه الشركة.
لكن شيئاً من ذلك لم يحدث، بل إن وزارة حميد تركت الناس يبيعون كل ما يستطيعون بيعه لشراء تذاكر السفر للعلاج أو للعودة إلى الوطن، ثم فجأة وبدون سابق إنذار، قالت لهم إن شركة بلقيس ممنوعة من العمل نظراً لاستمرار الخلاف بين مالكها ومعالي الوزير.
أما صورة ذلك الزوج بجانب جثة زوجته على ساحل البحر في عدن، فوحدهم شباب العريش بخور مكسر من قام بواجبهم الأخلاقي تجاهها، لتظل هي التعبير الصارخ عما يحدث لليمنيين من قبل سلطات الأمر الواقع شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً.