• الساعة الآن 03:08 AM
  • 15℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

هل ستبني إسرائيل كنيسا يهوديا في باحات المسجد الأقصى؟

news-details

لأول مرة وبشكل غير مسبوق، توافق إسرائيل على تخصيص تمويل لـ "جولات إرشادية " لليهود في باحات المسجد الأقصى.

خصصت وزارة التراث الإسرائيلية بقيادة الوزير عميحاي إلياهو، وهو أحد أعضاء حزب "قوة يهودية"، مبلغاً مالياً لهذا المشروع الجديد في البلدة القديمة بالقدس الشرقية.

وبحسب هيئة البث الإسرائيلية، فإن المبلغ المخصص من قبل الوزارة هو 2 مليون شيكل أي ما يعادل تقريباً 550 ألف دولار أمريكي.

وكان الوزير إلياهو، وهو عضو في حزب يقوده وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، يسعى منذ فترة للحصول على الموافقات اللازمة لهذه الجولات.

"يشعل حربا دينية"

يأتي الإعلان عن تمويل هذه "الجولات الإرشادية" بعد يوم من تصريحات مثيرة للجدل على لسان بن غفير شكك فيها بالوضع القائم في القدس، مبدياً تأييده بناء كنيس يهودي في الحرم القدسي الشريف أو ما يعرف يهودياً بجبل الهيكل.

على الفور دفعت تصريحات بن غفير مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للرد بالقول إنه "لا تغيير في الوضع القائم في جبل الهيكل".

وقال مسؤول في دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، لبي بي سي، اشترط عدم ذكر اسمه، إن إسرائيل تريد أن تشعل المنطقة من خلال وزرائها المتطرفين أمثال بن غفير وألياهو.

واعتبر أن الحكومة الإسرائيلية تستغل ظروف الحرب وقوانين الطوارئ لفرض سيطرتها "بقوة السلاح"، على حد تعبيره.

وأكد أن ما يحصل فيباحات المسجد الأقصى من "انتهاكات هي استفزازات لمشاعر المسلمين ما يشعل حربا دينية من الصعب توقع تداعياتها".

وأشار إلى أن الأمة الإسلامية والعربية "مقصرة" تجاه واجباتها في الحرم سواء من الناحية السياسية أو الدولية لمنع انفراد إسرائيل، مضيفاً بأنه "حق خالص للمسلمين".

وقال المسؤول إن الأوقاف "موقفها ثابت" للحفاظ على دورها في المسجد الأقصى، محملاً الحكومة الإسرائيلية كامل المسؤولية عن أي تطور أو رد فعل بسبب التصريحات التي وصفها بـ"المتهورة".

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يدعو فيها بن غفير إلى السماح لليهود بالصلاة في الحرم، ففي وقت سابق من هذا الشهر دخل أكثر من ألفي يهودي معه إلى باحات الحرم ورفعوا الأعلام الإسرائيلية في ذكرى ما يُعرف بـ"خراب الهيكل" ما أثار ردود فعل منددة.

وأعلن حينها السماح بأداء الصلوات داخل باحات الحرم، ما اعتبر تغييراً واضحاً في اتفاقات الوضع القائم التاريخية التي تمنع أداء الصلوات فيه لغير المسلمين وتسمح بزيارات يهودية في أوقات محددة.

انتشرت في الأشهر والسنوات الماضية عديد من المقاطع المصورة التي تظهر أداء اليهود للصلاة فيه بشكل مخالف للاتفاقيات الموقعة.

لكن الشرطة الإسرائيلية كانت تعلن دائماً أنها تحافظ على الوضع القائم وتمنع أي خطوات "غير قانونية" من الحدوث.

"الزيت على النار"

يقول المحلل السياسي الإسرائيلي يوآف شتيرن، لبي بي سي، إن بن غفير معنيّ بتغيير جذري للوضع القائم في الحرم القدسي الشريف أو جبل الهيكل وهو بذلك "يصب الزيت على النار".

ويرى شتيرن أن تصريحات بن غفير هي جزء لا يتجزأ من خلق تصعيد على الأرض وأن "التراكمات التي يسببها سيكون لها ارتدادات على المنطقة"، مرجحا أن هناك إمكانية واضحة للتصعيد كرد فعل على هذه الخطوات التي وصفها بـ "الخطيرة" والتي لها ردود فعل غاضبة من قبل المجتمعَين الفلسطيني والدولي.

ويعتقد المحلل الإسرائيلي بأن بن غفير وفي ظل التصعيد والتوتر الأمني يستطيع أن يصل إلى إنجازات ويقوم بتغيير "الوضع القائم في الحرم".

وأن هناك "إجماعاً محلياً ودولياً على أن الحرم القدسي يجب الحفاظ على الوضع القائم فيه وأن أي تغيير قد يحدث مشكلة كبيرة".

وأكد شتيرن لبي بي سي، أن بن غفير لديه قدرات على تغيير سياسة الشرطة وهو معنيّ بشكل شخصي بالسيطرة على سياستها، معتبراً أن الشرطة "لم تعد جهة مستقلة".

هل تسمح الديانة اليهودية بصعود اليهود للحرم؟

نشرت صحيفة "ياتيد نئمان" التابعة للحزب السياسي الحريدي "ديجل هاتوراه"، عنواناً رئيسياً باللغة العربية يندد بوزير الأمن القومي بن غفير بسبب أنشطته المتعلقة بالحرم القدسي الشريف وتعليقاته حول الموقع.

وجاء في العنوان الرئيسي باللغة العربية "الوزير بن غفير يكرر تقيؤه ويعرّض سكان الأرض المقدسة للخطر".

إن الرأي المعروف لدى جميع حكام الشريعة اليهودية، أي الحاخامات، عبر كل الأجيال هو أن هناك تحريماً "دينيا" خطيراً للغاية ضد صعود اليهود إلى الحرم القدسي.

ووصفت صحيفة الحريديم بن غفير بأنه "مُحرِق سياسي" "يُشعل المنطقة" مرة أخرى، في إشارة إلى تصريح الوزير أمس خلال مقابلة مع إذاعة الجيش بأنه سيبني كنيساَ يهودياً في باحات المسجد الأقصى.

يقول الحاخام الإسرائيلي الحنان ميلر إنه ومن الناحية الشرعية يوجد خلاف بالنسبة لدخول اليهود إلى باحات المسجد الأقصى أو الحرم القدسي الشريف الذي يعرفه اليهود بجبل الهيكل.

وأن الحاخامية العليا في إسرائيل - وهي الجهة الرسمية الدينية - حظرت زيارة اليهود هناك، بسبب اعتقادهم بأن دخولهم قبل موعد "ذبح البقرة" وخروج المسيح يعتبر تدنيساً للمكان.

لا يعني ذلك بأن هذه الفتوى تعود لأسباب متعلقة باعتباره مكاناً للمسلمين أو الفلسطينيين، إنما لسبب ديني يتيح في توقيت معين لليهود الدخول إليه والسيطرة عليه والصلاة فيه، بحسب الحاخام ميلر.

لكن ميلر، ذكر أن هناك صراعاً بين الحريديم المتشددين وبين اليمين المتطرف الديني حول مسألة زيارة اليهود إلى الحرم القدسي لما فيها من أبعاد سياسية، في ظل مخاوف من تدمير أماكن مقدسة للمسلمين وتموضع يهودي في المكان على حساب الأماكن المقدسة الإسلامية مشيراً إلى أن تلك المخاوف قد تثير سفك الدماء واستفزاز الدول العربية والإسلامية.

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي قد دون على منصة "إكس" أن تحدي الوضع القائم في "جبل الهيكل" هو عمل خطير وغير ضروري وغير مسؤول، معتبراً أن تصريحات بن غفير "تعرض أمن دولة إسرائيل للخطر".

من جهته قال زعيم المعارضة يائير لابيد إن تصريحات بن غفير المتكررة تظهر أن نتنياهو فقد السيطرة على حكومته.

"ردود فعل عربية ودولية"

وصف الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة تصريحات بن غفير بالـ "خطيرة جداً"، وقال إن "الأقصى والمقدسات خط أحمر، لن نسمح بالمساس بهما إطلاقاً".

فيما طالبت المملكة الأردنية الهاشمية بموقف دولي واضح بالإدانة والتصدي لأي تغيير بالوضع القائم.

وأدانت مصر التصريحات واعتبرتها غير مسؤولة محذرة من خطورة استمرار ما وصفوه "بالانتهاكات الإسرائيلية"، وفق بيان للخارجيّة المصرية.

وأدانت الخارجية السعودية تصريحات بن غفير مؤكدة رفض المملكة للتصريحات " المتطرفة والتحريضية "، وشددت على ضرورة احترام الوضع التاريخيّ والقانوني في المسجد الأقصى.

فيما علقت الأمم المتحدة على تصريحات بن غفير، بأنها تخاطر بتفاقم الوضع المتوتر بالفعل وأنها تأتي "بنتائج عكسية للغاية".

على الرغم من بعض الإدانات الإسرائيلية إلا أن هناك إجماعاً إسرائيلياً تقريباً حتى من قبل زعيم المعارضة يائير لابيد الذي انتقد خطوات بن غفير الأخيرة، حيث يجمع الكثيرون على "أحقية إسرائيل" في هذه الباحات المعروفة لديهم بجبل الهيكل.

لكن اختلاف الإسرائيليين في هذا الشأن يتمحور حيال تصرفات بعض الوزراء المتشديين في حكومة نتنياهو.

شارك الخبر: