• الساعة الآن 06:59 PM
  • 24℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

أحمد سيف حاشد يكتب: اشتد الظلم وأتسع

news-details

 

 

 

أتى عهدٌ جديدٌ وجدناهُ أسوأَ منْ سابقه.. توالتْ الخيباتُ وتتابعت.. كلُ خيبةٍ باتتْ أكبرَ منْ تلكَ التي كنا نعيشها منْ قبل.. صارتْ آمالنا غصاتِ ذابحهِ كالزجاجِ تحتشدُ في حناجرنا المتعبة.. حناجرنا التي كانتْ ترنو وتنشدُ قادمٌ أفضلَ مما نحنُ عليهِ الآن.. انحسرَ الضوء، وباتَ شاحبا يتلاشى إلى زوال.. المستقبلُ في وجوهنا باتَ أكثرَ سوادا وقتامة.

 

اشتدَ الظلمُ واتسعَ أكثرُ منْ ذاكَ الذي كان.. بتنا فرائسا وطرائدا لضباعٍ نهمة.. تتناهشنا بضراوةِ منْ كلِ اتجاهٍ.. تمزقُ الوطنِ بينَ أنيابها الحادةِ التي تقضمُ العظمَ وتنالُ منْ الحديدِ.. ظفرَ كلُ قطيعا منها ببعضٍ منْ هذهِ الوطنِ المنهكِ بالحكامِ.. تكاثرتْ المظالمُ وأزدادُ الظلمَ وأشتدُ وطأةً حتى قالَ القائلُ " لا يأتي الزمنُ بأحسنهِ".. واقعُ لطالما عشناهُ وما زلنا نعيشهُ إلى اليومَ، ويحتاجَ للكثيرِ والكثيرِ لنتحرر منْ وطأتهِ وربقتهُ.

 

باتَ الطرفُ المنتصرُ يمارسُ ضعفُ ما كانَ يمارسهُ المهزومُ حالما كانَ يسودُ.. ظلمٌ ثقيلٌ، وانتهاكاتُ فظةٌ، وطغيانَ بلا حدودٍ.. تضييقُ ظلٍ يشتدُ ويضيقُ على الحقوقِ والحرياتِ حتى باتتْ في قبضةٍ منْ حديدٍ تختنقُ فيها وتموتُ.. كثير منْ الأحبةِ فقدناهمْ في الأمسِ، واليومُ فقدنا كلُ شيء.. اليومُ لمْ يبقَ لدينا دموعٌ نذرفها، ولا متسعَ فينا لحزنٍ يعيشُ.. أزفَ العمرُ ونزف إلى أخره.

 

باتَ البعضُ يتعاطفُ ويتمنى عودةَ النباشِ الأول، والبعضُ يترحمُ على معاوية ، وقدْ رأى ما يفعلهُ يزيد.. كلُ الأدواتِ والأساليبِ والأجهزةِ القمعيةِ التي كانَ يتمُ الإمعانُ في استخدامها لإخضاعِ الخصوم، جاءَ المنتصرُ وأستخدمها على نحوِ أكثرَ بطشا وسوءا وانتقاما.. قمعٌ وإكراهٌ ووحشيةٌ ليس فقطْ ضدَ الطرفِ المهزومِ وحده، بلْ ضدَ الشعبِ برمته.

 

الحاضر غير منقطع عن الماضي وميراثه وامتداداته.. هذا ما تقوله الفلسفة والتاريخ وعلم الاجتماعي وعلم المنطق والمشاهد الكاشفة لكل ذا عقل لبيب، وقبلهم هذا الواقع الصارخ بأحداثه وعناصره وتفاصيله، والمحتدم بشخوصه وأمراء حربه، ومسوخه الدميمة الذي توالدوا منه.

شارك الخبر: