"هل اقتربت إسرائيل من تحقيق هدفها بالقضاء على حماس؟ أم أن الحركة تعيد بناء نفسها من جديد؟"، سؤالان صاحبا إعلان الجيش الإسرائيلي عن حصيلة قتلى الحركة خلال 10 أشهر من الحرب في قطاع غزة، وسط استمرار المعارك ببعض المناطق في القطاع.
كيف "تضررت حماس"؟
لا تعطي حركة حماس أرقاما حول عدد مسلحيها، بينما تشير تقديرات إلى أن العدد كان ما بين 30 و40 ألفا تقريبا، عند اندلاع الحرب في 7 أكتوبر.
ووفقا للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، فإن كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، كانت تعد ما بين 15 إلى 20 ألف مسلح، بينما يشير معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي إلى 15 ألف عنصر.
ومن جانبه، يؤكد الخبير العسكري والاستراتيجي الإسرائيلي، العقيد موشيه إلعاد، أن إسرائيل نجحت في القضاء على 22 كتيبة تابعة لحماس من أصل 25 موجودة في قطاع غزة.
وفي حديثه لموقع "الحرة"، يشير إلى أن الجيش الإسرائيلي استطاع القضاء على 17 ألف عنصر من عناصر حماس والفصائل الأخرى المقاتلة في غزة.
وفي سياق متصل، يتحدث الخبير العسكري والاستراتيجي الإسرائيلي، كوفي لافي، عن نجاح القوات الإسرائيلية في "تفكيك كتائب حماس" بقطاع غزة.
وتفككت "البنية التحتية والقدرات التنظيمية لكتائب حماس"، لكن هناك "نشطاء وأفراد" يريدون "إعادة هيكلة الحركة"، ويطلقون الصواريخ تجاه إسرائيل من بعض المناطق في قطاع غزة، وفق حديثه لموقع "الحرة".
ومن جانبه، يشير المحلل السياسي الإسرائيلي، إيدي كوهين، إلى أن القوات الإسرائيلية استطاعت "تفكيك حماس" والقضاء على معظم "القادة الكبار"، لكنها "لم تقض بعد على كامل الحركة".
وتم "شل 90 في المئة من قدرات حركة حماس العسكرية"، حيث يوجد "بعض العناصر المتبقية من الحركة والتي تطلق النار على إسرائيل من حين إلى آخر"، حسب تقديرات ذكرها كوهين لموقع "الحرة".
لكن على جانب آخر، يرى الخبير العسكري والاستراتيجي الفلسطيني، اللواء واصف عريقات، أن حماس والفصائل الفلسطينية "ما زالت موجودة وتقاتل وتنفذ عمليات وضربات موجعة ضد الجيش الإسرائيلي".
وفي حديثه لموقع "الحرة"، يشير إلى أن الجيش الإسرائيلي "فشل في تحقيق أهدافه المعلنة وهي القضاء على حماس أو تحرير الرهائن بالقوة العسكرية".
وفي سياق متصل، يشدد المحلل السياسي الفلسطيني ورئيس المجلس الأوروبي للعلاقات والاستشارات الدولية ومقره باريس، عادل الغول، على أنه "إذا تأكد سقوط 17 ألف قتيل من حماس، فهذا "لا يعني أنها انتهت عسكريا".
وعدد أفراد كتائب عز الدين القسام يتجاوز 40 ألف شخص، وبالتالي فأكثر من نصف أعضاء الجناح العسكري لحماس متواجدين خاصة "تحت الأرض في الأنفاق"، وفق حديثه لموقع "الحرة".
ومن جانبه، يقدر المحلل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، عدد مسلحي حماس والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة من 50 إلى 70 ألفا، خلال الأيام الأولى من الحرب.
وسقط من 20 إلى 30 في المئة من هؤلاء العناصر خلال 10 أشهر من الحرب، ويتم يوميا تجنيد "مسلحين جدد" بعدما فقد عدد كبير من الشبان أهاليهم وذويهم ما صنع "كراهية كبيرة جدا" ضد الجيش الإسرائيلي، حسبما يوضح لموقع "الحرة".
والخميس، زعم الجيش الإسرائيلي، أنه "قضى على أكثر من 17 ألف إرهابي" منذ اندلاع الحرب مع حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى في قطاع غزة قبل أكثر من عشرة أشهر.
وتواصل موقع "الحرة" مع المتحدث باسم الجيش، أفيخاي أدرعي، ونائبته، الضابطة إيلا واوية، ووحدة المتحدثين بالجيش الإسرائيلي، لتوضيح عدد كتائب حماس التي "تم القضاء عليها"، لكن لم نتحصل على رد حتى موعد نشر التقرير.
ضربات "موجعة" وتراجع "القدرات العسكرية"
وكشف "كتاب حقائق العالم" الصادر عن وكالة المخابرات المركزية الأميركية "سي آي إيه"، أن حماس "تحصل على أسلحتها من خلال التهريب أو التصنيع المحلي وتتلقى بعض الدعم العسكري من إيران".
وخلال الحرب في غزة، استُنفدت ترسانة حماس من الصواريخ والقذائف التي قُدرت سابقا بنحو 15 ألفا إلى 30 ألف صاروخ.
وتشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى إطلاق 13 ألف صاروخ على الأقل، واستولت القوات الإسرائيلية على مخابئ للقذائف أثناء اجتياحها لقطلع غزة.
ومن جانبه يؤكد الغول أن "حماس تعرضت لضربات موجعة وفقدت العديد من قياداتها العسكرية وتم تفكيك عدد من الكتائب".
لكن حماس "لم تنته عسكريا، ولم تستطع إسرائيل القضاء عليها"، بعدما غيرت الحركة "تكتيكاتها" ولجأت لتكتيك "المجموعات الفردية وحرب الشوارع" بمنطق "أضرب واهرب"، حسبما يشير المحلل السياسي الفلسطيني.
ويتفق معه الرقب الذي يؤكد أن غزة محاصرة "لا يدخلها رصاصة ولا بندقية منذ شهور"، وبالتالي "القدرات القتالية لحماس والفصائل الأخرى تراجعت بشكل كبير نتيجة نقص الإمكانيات".
حماس والفصائل الفلسطينية "تحاول إعادة تدوير الأسلحة التي يتركها الجيش الإسرائيلي عند دخوله منطقة والخروج منها، مثل الذخائر التي تسقط من الجنود، وكذلك الصواريخ التي تسقط ولا تنفجر"، وفق المحلل السياسي الفلسطيني.
هل اقتربت إسرائيل من "القضاء على حماس"؟
في قطاع غزة، أصبح القتال أكثر امتدادا في مناطق متفرقة وأقل تنظيما مع تحول حماس نحو حرب العصابات التي تضطلع بها مجموعات صغيرة من المقاتلين.
وكشفت دراسة سابقة أجرتها شبكة "سي إن إن" الإخبارية، أن الجناح العسكري لحركة حماس يتكون من 24 كتيبة، وقد تمكن الجيش الإسرائيلي من تدمير بعض الكتائب.
ووفق الدراسة التي شارك بها معهد "أميركان إنتربرايز" (سي تي بي)، ومعهد دراسات الحرب بالولايات المتحدة "آي إس دبليو"، فهناك 8 كتائب تابعة لحماس "لا تزال فعالة في القتال ضد الجيش الإسرائيلي وقادرة على الدفاع عن الأرض باستخدام أساليب وأسلحة متطورة".
بينما هناك 13 كتيبة انخفضت قدراتها القتالية، لكنها يمكنها تنفيذ هجمات أصغر وأقل نجاحا على غرار حرب العصابات، وفق الدراسة.
ولذلك يؤكد الغول أن "حماس لم تنته عسكريا"، لكنها تعيد "ترتيب كتائبها" في شمال قطاع غزة وخان يونس وبعض المناطق الأخرى.
ومن جانبه، يؤكد الرقب أن حماس جهزت قواتها للقتال "على مراحل مختلفة"، فمن يقاتل حاليا "ليس النخبة"، وهناك "تدرج في خروج المقاتلين"، وجزء كبير من القتلى من الصف الثاني أو الثالث بالحركة.
وحماس تدرك أن الحرب قد تطول وبالتالي "لا تخرج كل قوتها في مواجهة الجيش الإسرائيلي"، وهي في الوقت ذاته "تعيد ترتيب أوراقها وبناء قوتها"، رغم أنها "أرهقت" بفقدان عدد من مقاتليها وقدراتها العسكرية، وفق المحلل السياسي الفلسطيني.
ويشير الرقب إلى أن الجيش الإسرائيلي يعلم أن البقاء في غزة "مرهق" وحماس "تجهزت" لحرب طويلة الأمد، ولديها القدرة على "الاستمرار في العمليات ضد القوات الإسرائيلية".
ولكن على جانب آخر، يشير لافي إلى وجود "بعض العناصر المنفردة لحركة حماس، في عدة مناطق من قطاع غزة".
ويجب ملاحقة بقية عناصر حماس و"القضاء عليهم"، في ظل وجود "محاولات لإعادة ترتيب كتائب الحركة من جديد"، وفق الضابط السابق بالجيش الإسرائيلي.
ولذلك فإن العمل العسكري الإسرائيلي "متواصل" في قطاع غزة حتى انتهاء المهمة العسكرية والقضاء على "أي طريقة يمكن لحماس من خلالها تهديد إسرائيل"، وفق الضابط السابق بالجيش الإسرائيلي.
ومن جانبه، يؤكد إلعاد "إمكانية القضاء على حماس كمنظمة إرهابية"، بينما "لا يمكن القضاء على الأيديولوجية والفكرة"، على حد تعبيره.
ويقول العقيد السابق بالجيش الإسرائيلي: "يمكنك أن تقتل أعضاء المنظمة، لكن من الصعب أن تقتل الإيمان والعقيدة".
ويشير إلى أن "حماس تلقت ضربة قوية جدا كمنظمة، لكن إذا أرادت إسرائيل استكمال النصر، فعليها الاستمرار في الاتفاق الدولي الذي سيشمل اليوم التالي في قطاع غزة".
ولن تتكبد حماس هزيمة قاسية إلا إذا سيطر طرف آخر على القطاع بشرط "ألا يحمل أيديولوجية الحركة"، وفق الخبير العسكري والاستراتيجي الإسرائيلي.