• الساعة الآن 05:54 AM
  • 15℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

مدارس النفقة الخاصة .. بين واقع الحرب والاستثمار فيها

news-details

خاص | النقار | أنس القباطي

التعليم الأهلي في اليمن هو تعليم على النفقة الخاصة، أي الاستثمار في قطاع التعليم، والذي يتم في اليمن بدون دراسات.

وقبل الوحدة اليمنية، كان النظام في الشطر الشمالي يسمح بإنشاء مدارس أهلية، فيما كانت المدارس الأهلية منعدمة في الشطر الجنوبي، نظرًا لطبيعة النظام الاشتراكي، الذي يؤكد على مجانية التعليم.

وصدر أول قانون لتنظيم التعليم الأهلي في اليمن الموحد في 1999 (قانون تنظيم مؤسسات التعليم الأهلية والخاصة)، بعد أن ظل التعليم الأهلي يسير منذ تحقيق الوحدة بالقانون الذي كان نافذًا في الشطر الشمالي.

والقانون الصادر في العام 1999 يعرف في مادته الثانية مؤسسات التعليم الأهلية بأنها كافة رياض الأطفال ومدارس التعليم الأساسي والثانوي والمدارس والمعاهد والمراكز التخصصية التي تنشأ من قبل أفراد أو شخصيات اعتبارية بموجب هذا القانون، وتُدار وتُمول من قبلهم.

ويعرف القانون اليمني مؤسسات التعليم الخاصة بأنها كافة مؤسسات التعليم التي تنشأ من قبل أفراد أو شخصيات اعتبارية بغرض تعليم أبناء الجاليات المقيمين داخل الجمهورية وتدار وتمول من قبلهم.

والقانون في هذه المادة يفرق بين المدارس الأهلية والخاصة، حيث جعل المدارس الأهلية ربحية، والمدارس الخاصة هي تلك التي تخص أبناء الجاليات المقيمين في اليمن.

وفي 2020 قدمت حكومة سلطة الأمر الواقع بصنعاء مشروع قانون (تنظيم مؤسسات التعليم الأهلية والخاصة والمتخصصة) كبديل للقانون الصادر في 1999.

وهذا القانون الشطري لا يختلف عن القانون الصادر في 1999 إلا فيما يلبي الجوانب الأيديولوجية لسلطة الأمر الواقع، ونظرتها لبعض الجوانب كالإيرادات.

في هذا التقرير سنعرج على تجربتي السعودية ومصر في التعليم الأهلي والخاص، لوجود ارتباطات بينهما وتجربة التعليم في اليمن، رغم فارق الإمكانات.

والمدارس الأهلية السعودية يُطلق عليها المدارس النموذجية، وتنشأ من قبل مؤسسات أو أفراد مستقلين، ويعتمد تمويلها في معظم الأحوال على المعونات المالية، ورسومها مناسبة لدخل المجتمع.

أما المدارس الخاصة السعودية فهي التي تدمج المناهج الرسمية مع مناهج عالمية وتعتمد على اللغات الأجنبية، ورسومها تختلف بين المدارس العربية المتاحة للطبقة الوسطى، والدولية الباهظة.

 

وتعد مدارس الجمعيات التعاونية التعليمية نموذجًا للتعليم الأهلي في مصر، وهي مدارس غير ربحية.

أما مدارس التعليم الخاص في مصر، فهي المملوكة لمؤسسات أو أفراد، ورسومها مرتفعة تفوق قدرة الطبقة المتوسطة في المجتمع، وهي ثلاثة أنواع: عربية، ولغات متعددة، وإنترناشيونال.

وبالمقارنة يتضح أن التعليم الأهلي في اليمن بمعناه المتعارف عليه غائب، وما هو قائم هو تعليم نفقة خاصة، غير مشعب أو مصنف إلى درجات.

وبحسب المعلومات التي حصلنا عليها من مصادر عدة، لبعض المحافظات توصلنا إلى هذه المقاربة عن عدد مدارس التعليم الخاص.

في صنعاء (الأمانة والمحافظة) وصل عدد مدارس النفقة الخاصة في 2020 إلى 700 مدرسة بحسب عبد الله النعمي، وكيل وزارة التربية والتعليم بصنعاء، نقلًا عن موقع 26 سبتمبر نت، 2 نوفمبر 2020.

وبحسب المعلومات التي حصلنا عليها بلغ عدد التراخيص الممنوحة لمدارس النفقة الخاصة من مكتبي التربية في الأمانة والمحافظة حتى نهاية يونيو 2024 (725) ترخيصًا.

ووفق الإحصائيات الرسمية، بلغ عدد مدارس النفقة الخاصة في العام 2013-2014 بصنعاء 430 مدرسة، من إجمالي 713 مدرسة في الجمهورية (تقرير إدارة التعليم الأهلي، بوزارة التربية والتعليم)، أي أن أغلب المدارس حينها كانت تتركز في صنعاء، حيث وصلت نسبتها إلى 60.3٪ من إجمالي المدارس بالجمهورية.

وبالمقارنة بين إحصائية 2014 والمعلومات التي حصلنا عليها في 2024 سنجد أن الزيادة بلغت 295 مدرسة، بنسبة زيادة 68.8٪، أي أن مدارس النفقة الخاصة زادت خلال 10 سنوات بأكثر من ثلثي عددها في 2014.

وبلغ عدد مدارس النفقة الخاصة في عدن، خلال العام 2023-2024 (280) مدرسة (إحصائية نشرها موقع عدن الغد، 4 أكتوبر 2023).

وبحسب الإحصائيات الرسمية كان عدد مدارس النفقة الخاصة في عدن خلال العام 2013-2014، (69) مدرسة (تقرير التعليم الأهلي بوزارة التربية والتعليم).

وبالمقارنة نجد أن عدد مدارس النفقة الخاصة بعدن زاد خلال 10 سنوات بمقدار 211 مدرسة، بنسبة زيادة 307.1٪، أي أن عدد مدارس النفقة الخاصة تضاعف أكثر من ثلاث مرات.

وفي تعز الواقعة تحت إدارة الحكومة المعترف بها دوليًا، بلغ عدد المدارس على النفقة الخاصة (189) مدرسة (عبد الجليل هزاع، مدير التعليم الأهلي بمكتب التربية والتعليم محافظة تعز، موقع المشاهد نت، 29 أغسطس 2023).

وتفيد الإحصائيات الرسمية أن عدد المدارس على النفقة الخاصة في العام 2013-2014 بلغت (58) مدرسة (تقرير إدارة التعليم الأهلي بوزارة التربية والتعليم 2014).

وبالمقارنة نجد أن عدد المدارس زاد خلال 10 سنوات بمقدار 131 مدرسة، بنسبة زيادة 225.8٪، أي أن المدارس على النفقة الخاصة تضاعفت أكثر من مرتين، مع العلم أن إحصائيات العام 2023 لا تشمل حي الحوبان شرق مدينة تعز، والمديريات الواقعة تحت سيطرة أنصار الله "الحوثيين".

وبلغ عدد مدارس النفقة الخاصة في ساحل حضرموت 136 مدرسة في العام 2021-2022 (مكتب التربية والتعليم ساحل حضرموت، موقع المنتصف، 3 مارس، 2022).

وتفيد المعلومات التي حصلنا عليها أن عدد مدارس النفقة الخاصة في ساحل حضرموت بلغت في العام 2023-2024 (141) مدرسة.

وبحسب الإحصاءات الرسمية بلغ عدد مدارس النفقة الخاصة في العام الدراسي 2013-2014 (46) مدرسة (تقرير التعليم الأهلي بوزارة التربية والتعليم).

وبالمقارنة نجد أن الزيادة خلال 10 سنوات بلغت 95 مدرسة، بنسبة زيادة 206.5٪، أي أن عدد المدارس تضاعف بأكثر من مرتين.

وبلغ عدد مدارس النفقة الخاصة في مدينة مأرب في العام 2021-2022 (42) مدرسة (تقرير للمكتب التنفيذي لمحافظة مأرب، موقع قناة سهيل، 5 ديسمبر 2022).

ولم نتمكن من الحصول على بيانات العام 2023-2024.

وتفيد الإحصائيات الرسمية للعام الدراسي 2013-2014 أن عدد مدارس النفقة الخاصة في مأرب بلغت (6) مدارس (تقرير التعليم الأهلي بوزارة التربية والتعليم).

 

وبالمقارنة نجد أن الزيادة في عدد المدارس بلغت 36 مدرسة، بنسبة زيادة 600٪، أي أن عدد المدارس تضاعف ست مرات خلال 8 أعوام.

وتفيد المعلومات التي حصلنا عليها أن عدد مدارس النفقة الخاصة في إب بلغت في العام 2023-2024 (141) مدرسة.

وبحسب الإحصائيات الرسمية بلغ عدد المدارس على النفقة الخاصة للعام 2013-2014 (78) مدرسة (تقرير التعليم الأهلي بوزارة التربية والتعليم).

وبالمقارنة نجد أن الزيادة في عدد المدارس بلغت 63 مدرسة، بنسبة زيادة بلغت 80.7٪، أي أن عدد المدارس تضاعف بأكثر من ثلاثة أرباع.

والعوامل التي أدت لتوسع مدارس النفقة الخاصة تتمثل في عدم إنشاء مدارس حكومية جديدة منذ 2011، وتضرر المدارس الحكومية بشكل كلي أو جزئي بسبب الحرب.

وكذلك رداءة التعليم الحكومي، بسبب قلة المعلمين، وعدم توفر الكتاب المدرسي، وازدحام الفصول الدراسية بسبب النزوح والزيادة الطبيعية للسكان.

ويُعد المبنى المدرسي لمدارس النفقة الخاصة غير مناسب، فأغلب المدارس مبانيها بالإيجار، وأغلبها مصممة للسكن.

أما الرسوم المدرسية فإنها تتباين من مدرسة إلى أخرى، وفي إطار المدرسة الواحدة ترتفع الرسوم الدراسية بين العام السابق، والعام الذي يليه.

وتبرر الإدارات المدرسية ذلك بانهيار قيمة العملة الوطنية، والجبايات والرسوم التي تُفرض، كما هو الحال في عدن، أما في صنعاء فترجع ذلك إلى الجبايات التي تزداد كل عام، فالضرائب والزكاة تُربط في العام الجديد بمبلغ أكبر من العام السابق، إضافة إلى الزيادات في رسوم تجديد التراخيص والكتب. وكل ذلك يتم في ظل غياب الرقابة الرسمية والرقابة التربوية.

وبشكل عام يمكن القول إن المستوى التعليمي الذي يقدمه التعليم على النفقة الخاصة يفوق ما يقدمه التعليم الحكومي.

ومع ذلك فإن المستوى التعليمي في بعض المدارس الخاصة لا يرقى إلى المستوى المطلوب، نظرًا لعدم كفاءة بعض المعلمين، حيث تركز كثير منها على من يقبل بالأجر الأقل.

وكفاءة المعلمين في المدارس الخاصة الثانوية أفضل من كفاءة المعلمين في المدارس الأساسية، لأنها قليلة، ما يتيح لها الفرصة للمفاضلة بين الكوادر الموجودة.

وما تزال كثير من المدارس الخاصة لا تعتمد الوسائل التربوية الحديثة في التربية، فضلًا عن الوسائل التعليمية الحديثة في التعليم.

وهناك الكثير من المدارس تستخدم الرسوم كعقاب نفسي للطالب، فعند تأخر ولي الأمر عن دفع الأقساط تقوم بتوبيخ الطالب أمام زملائه، والواقع أن التوزيع الجغرافي لمدارس النفقة الخاصة غير مناسب، فنجد أن ثلاث إلى أربع مدارس تتكدس في أماكن متقاربة، في حين أن عدة أحياء متجاورة لا يوجد فيها مدرسة واحدة.

شارك الخبر: