ذاك هو التغيير الجذري على أصوله. فالرهوي كان عضوًا في المجلس السياسي الأعلى التابع لجماعة الأنصار، فعينته الجماعة رئيسًا للحكومة التي كان يرأسها بن حبتور، والذي بدوره تعين عضوًا في المجلس السياسي. بمعنى آخر: بن حبتور بدّل الرهوي والرهوي بدّل بن حبتور. وبحسب المثل “ديمة وخلفنا بابها”.
المشكلة أن “الديمة” أساسًا بلا باب، فالأبواب كلها صارت ملك أحمد حامد ورئيسه المرؤوس، وقد قاما بسدها جميعًا. وبطاقة الهوية الوطنية التي تعممت على ناشطي الجماعة كما لو كانت صك عبور، لن تمنح الرهوي ذلك الباب، وبالتالي سيأتي أعمى ويذهب أعمى كما ذهب بن حبتور.
يعلق النائب في برلمان صنعاء أحمد سيف حاشد على قرار تشكيل حكومة التغيير والبناء المشاطية الحمدية، قائلًا: “لا تغيير ولا بناء، ولا رواتب، ولا حيلة. كله وهم على وهم، والأيام بيننا”.
وبحسب السياسي والكاتب المقالح: “لو سألت نفسك ما الفرق إذا بدلت أحدهما مكان الآخر لما وجدته. وطالما أن أحدهما لم يحدث فرقًا في موقعه السابق فلن يحدث فرقًا في موقعه اللاحق، نقطة من أول السطر”.
يضيف المقالح: “المشكلة ليست في تبديل مواقع البيادق بل في الخط العام للسلطة، وعليها أن تمتلك إرادة التغيير أولًا، وأن تعطي من تكلفه السلطة الكافية لتنفيذها”.
أما القيادي في الحراك الجنوبي آزال الجاوي فقد كتب تحت عنوان “أين الجذري؟!”: “به تغيير لكن مابوش جذري”، وعليه “سيستمر الوضع المزري”.
وأضاف الجاوي: “لماذا نقول هذا؟! لأنه وباختصار شديد جاءت تسمية رئيس الحكومة الجديدة من نفس المنظومة وبنفس العرف المتبع منذ سنوات وبنفس منطق المحاصصة القاضي بأن يكون رئيس الحكومة مؤتمريًا ومن الجنوب، أي أن الأمور تسير بنفس النمطية ونفس العقلية وبنفس التكرار، ثم يريدوننا أن نتوقع نتائج مختلفة عن السابق!”.
وتابع: “أيّها السادة، يا شعبنا العظيم: الرهوي لم يكن فعالًا وهو في المجلس السياسي الأعلى، فكيف سيكون فعالًا وهو رئيس الحكومة؟! والأمر ذاته ينطبق على ابن حبتور، لكن بشكل معكوس. وعليه، فإن الأمر برمته لا يتجاوز كونه (جرعة تخديرية) على طريقة (ديمة وخلفوا بابها)…”.
الصحفي عبد السلام المساجدي علق بالقول: “مشكلتنا الحقيقية ليست مع الأسماء أو الصفات، بل في الصلاحيات! الشعب لا يهتم بأن يكون رئيس الحكومة شيخًا أو طبيبًا وكذلك الموظف لا يهمه إن كان اسم الحكومة “إنقاذ” أو “بناء”. ما يهمنا جميعًا هو كيف تُستخدم تلك الصلاحيات وما هي الفائدة التي ستعود على الشعب من خلالها”.
الناشط مجدي عقبة علق بالقول: “والله لو جابوا مهاتير محمد ما يقدر يعمل شيئًا طالما وأحمد حامد وشلته وهيئته الإعلامية موجودين”.
وحدهم ناشطو الجماعة وإعلاميوها هم الذين باركوا الأمر محتفين بالبطاقة التعريفية للرهوي والتي عممها لهم مكتب أحمد حامد، فشاركوها على صفحاتهم بضمير وحس عاليين، تجسيدًا منهم للمصلحة والمصالحة الوطنية شمالًا وجنوبًا. وربما وجدوا في تلك النبذة العاطفية ما قد يستفيد منه موقع ويكيبيديا لاحقًا للتعريف بالرجل، حيث جاءت على النحو التالي: “أحمد غالب ناصر مجمل الرهوي اليافعي ينتمي إلى قبيلة الرهوي من مديرية خنفر محافظة أبين يافع السفلى. هو نجل الشخصية السياسية والواجهة الاجتماعية والقبلية غالب ناصر الرهوي الذي تم تصفيته في سبعينيات القرن الماضي وابن عم الشيخ الكبير المرحوم بالليل شيخ الرهوي”. شغل أحمد الرهوي مناصب رفيعة المستوى منها… هكذا كما ورد.
أما الفعل “شقل”، فقد تم إيراده للدلالة على لهجة أبين الرهوية التي تستبدل الغين بالقاف والقاف بالغين. تمامًا كما تم استبدال الرهوي بابن حبتور واستبدال ابن حبتور بالرهوي.
وأيًّا يكن الأمر، فإن فترة السنة الكاملة إلا شهرًا، منذ أعلن زعيم الجماعة عن إقالة حكومة بن حبتور وتشكيل حكومة كفاءات، تبدو أنها كانت فترة حمل مرهق بالنسبة لسلطة صنعاء، بحيث تعدّت التسعة أشهر إلى 11 شهرًا، فكان المولود مفاجئًا جدًا بحيث لم يكن ثمة داعٍ لأي مخاض يأتي به.