كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش عن حصيلة مرعبة لضحايا وباء الكوليرا في اليمن، متهمة سلطات الأمر الواقع في اليمن بإعاقة أعمال الإغاثة والوصول إلى المعلومات ومفاقمة تفشي الكوليرا القاتل في مختلف أنحاء البلاد.
وقالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير لها اليوم رصدته "النقار" إن "السلطات اليمنية تعرقل أعمال الإغاثة وتُفاقم تفشي الكوليرا القاتل في أنحاء البلاد"، حيث "عرقلت أطراف النزاع، بما فيها الحوثيون والحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، المساعدات والوصول إلى المعلومات، ولم تتخذ تدابير وقائية كافية للتخفيف من انتشار الكوليرا. كما احتجز الحوثيون موظفي المجتمع المدني وهددوهم، بمن فيهم عمال الإغاثة الإنسانية، ضمن حملة اعتقالات أخيرة".
وأوضحت أن هناك ما يقرب من 100 ألف حالة إصابة وأكثر من 258 حالة وفاة بسبب مرض يمكن الوقاية منه، مشيرة إلى أن تفشي الكوليرا سيستمر في حصد الأرواح طالما تلك السلطات تعرقل المساعدات وتتقاعس هي والمجتمع الدولي عن الاستثمار بشكل كاف في تدابير الوقاية من الكوليرا والتخفيف من آثارها.
وأفادت بأن البيانات التي جمعتها وكالات الإغاثة تشير إلى أنه من 1 يناير/كانون الثاني إلى 19 يوليو/تموز، كان هناك حوالي 95 ألف حالة مشتبه بإصابتها بالكوليرا، ما أدى إلى وفاة 258 شخصا على الأقل، وفقا لشخص يعمل مع "مجموعة الصحة في اليمن"، وهي مجموعة من منظمات الإغاثة والسلطات والجهات المانحة، بقيادة "منظمة الصحة العالمية".
وأضافت: "على جميع أطراف النزاع إنهاء انتهاكاتهم وتجاوزاتهم لحق اليمنيين في الصحة، وعلى الحوثيين إنهاء اعتقالاتهم التعسفية للعاملين في المجتمع المدني والعاملين في مجال المساعدات الإنسانية".
ونقلت عن نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش، قولها إن "العوائق التي تواجه أعمال الإغاثة من قبل السلطات اليمنية، وخاصة الحوثيين، تساهم في انتشار الكوليرا. مات حتى الآن أكثر من 200 شخص بسبب هذا المرض الذي يمكن الوقاية منه، وإقدام الحوثيين على احتجاز عمال الإغاثة يشكل تهديدا خطيرا يفاقم القيود على المساعدات المنقذة للحياة".
كما نقلت عن "طبيب يعمل مع منظمة إغاثية في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون" قوله: "رغم أن أعراض الكوليرا بدأت تظهر على المرضى منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023، رفضت سلطات الحوثيين الاعتراف بالأزمة للوكالات الإنسانية حتى 18 مارس/آذار 2024، عندما كان هناك بالفعل آلاف الحالات. في مارس/آذار، بدأ الحوثيون أخيرا بتقديم معلومات حول حالات الكوليرا في الأراضي التي يسيطرون عليها، لكنهم لم يعلنوا عن تفشي المرض".
وبحسب المنظمة فإن مصادر في وكالات الإغاثة قالت إن "الحكومة اليمنية ألقت في البداية باللوم على المهاجرين من القرن الأفريقي في تفشي المرض، ما وضع المهاجرين في وضع أكثر خطورة في اليمن. لا يملك معظم المهاجرين في اليمن وثائق قانونية، في ظل فرص عمل محدودة وصعوبات شديدة في الوصول إلى الخدمات العامة الأساسية"، مشيرة إلى أنه "ليس من الواضح مصدر تفشي المرض، إلا أن الكوليرا متوطنة في اليمن. وفقا للمنظمة الدولية للهجرة، خلال تفشي الكوليرا الأخير في اليمن من 2016 إلى 2022، كان لدى اليمن 2.5 مليون حالة مشتبه بها (وهو أكبر تفشي للكوليرا تم الإبلاغ عنه على الإطلاق في التاريخ الحديث)، مع أكثر من 4 آلاف وفاة".
وأكدت "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها أنه "رغم هذه الخسائر الفادحة في الأرواح، لم تتخذ السلطات التدابير اللازمة لمنع تفشي المرض في المستقبل. تنتشر الكوليرا إلى حد كبير عن طريق المياه والمنتجات الزراعية...".