• الساعة الآن 11:07 PM
  • 21℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

خطة عمل جديدة بين روسيا والخليج

news-details

 

استضافت العاصمة الروسية، موسكو، الاثنين، الاجتماع الوزاري المشترك السادس للحوار الإستراتيجي بين مجلس التعاون الخليج وروسيا، في ضوء متغيرات إقليمية، آخرها أحداث "التمرد" الأخيرة في روسيا.

وعلى الرغم من أن الحوار الاستراتيجي بين الجانبين مستمر منذ نحو 13 عاما، فإن الحرب على أوكرانيا وارتفاع أسعار النفط سلطت الضوء على العلاقة بين الجانبين خلال الشهور الماضية.

وفي أعقاب الاجتماع الأخير، نقلت وكالة "تاس" الروسية للأنباء عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله، الاثنين، إن روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي تبنت بيانا مشتركا وخطة عمل مشتركة للفترة من 2023 إلى 2028.

وقال لافروف: "بشكل عام، نعتبر الحوار الاستراتيجي وسيلة جيدة لإعطاء دفعة إضافية لتعاوننا التجاري، وتعزيز التنسيق السياسي الثنائي، وبالطبع علاقاتنا المتعددة الأطراف من أجل تحقيق الاستقرار وحسن الجوار في تلك المنطقة".

وكان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم البديوي، قال في بيان إن الاجتماع يهدف إلى "تعزيز العلاقات بين الجانبين بما يخدم المصالح المشتركة" معتبرا أنه يوفر "فرصة مواتية لتبادل وجهات النظر بشأن عدد من الملفات الإقليمية والدولية".

وأكد البديوي أن العلاقات الخليجية الروسية "متميزة"، وقال إن "توقيع الجانبين على مذكرة التفاهم للحوار الإستراتيجي في شهر نوفمبر عام 2011 واستمرارها إلى اليوم إنما هو دلالة على سعي الجانبين نحو المضي قدما لبناء علاقات قوية ووثيقة تهدف إلى خدمة المصالح المشتركة للجانبين على كافة الأصعدة والمجالات".

وذكر أن دول مجلس التعاون الخليجي "تعمل دائما للتعاون وبناء العلاقات مع جميع الدول والتجمعات الإقليمية"، مشيرا إلى السعي لـ"زيادة وتكثيف التواجد الخليجي الإقليمي والدولي، عن طريق الضلوع في شراكات استراتيجية مع أطراف المجتمع الدولي المتعددة".

ووفق موقع مجلس التعاون الخليجي، فقد عُقد الاجتماع الوزاري المشترك الأول للحوار الاستراتيجي بمدينة أبوظبي في نوفمبر 2011، حيث تم فيه التوقيع على مذكرة تفاهم تنظم آليات الحوار الاستراتيجي بينهما، التي شملت  الحوار الاستراتيجي والتنسيق السياسي، والتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، والطاقة، والتعليم والبحث العلمي والبيئة والصحة.

وكلّف الوزراء في ذلك الوقت كبار المسؤولين من الجانبين بوضع خطة عمل مشتركة للأعوام 2013 -2015 تتضمن التعاون والتشاور في المجالات السياسية والأوضاع الإقليمية والدولية ذات الإهتمام المشترك.

وعقد الاجتماع الخامس للحوار الاستراتيجي بالعاصمة السعودية، الرياض، في يونيو 2022 بحضور لافروف، وذلك بعد نحو 4 أشهر فقط من انطلاق الغزو الروسي لأوكرانيا.

والتزمت دول الخليج عامة، خاصة السعودية والإمارات، الحياد في الصراع الروسي الأوكراني على الرغم من دعوات الغرب لها للمساعدة في عزل موسكو، ودعت هذه الدول إلى إنهاء الصراع، لكنها تجنبت توجيه انتقادات مباشرة إلى موسكو في ظل تقارب اقتصادي ونفطي كبيرين معها.

وقال لافروف خلال اجتماع الحوار في الرياض العام الماضي: "شركاؤنا في الخليج يتفهمون موقفنا من الأزمة الأوكرانية".

وقدم الوزير الروسي إلى الرياض في ذلك الوقت بعد زيارة إلى البحرين، حيث قال في المنامة إن الدول الغربية "تسببت بالكثير من المشاكل المصطنعة عبر إغلاق موانئها أمام السفن الروسية وتعطيل السلاسل اللوجستية والمالية"، على حد تعبيره.

ورغم ضغوط واشنطن لزيادة إنتاج النفط بهدف خفض الأسعار التي ارتفعت إلى أكثر من 100 دولار للبرميل على وقع الحرب في أوكرانيا، اتفقت مجموعة "أوبك بلس" التي تضم الإمارات والسعودية وروسيا، على خفض كبير في حصص إنتاجها.

واتفقت روسيا والسعودية على عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية. حيث أكد لافروف من الرياض تمسك موسكو بـ"ضرورة عودة الجمهورية العربية السورية إلى الجامعة العربية"، معربا في الوقت ذاته عن "تفهم هذه الضرورة لدى شركائنا في منطقة الخليج".

وجاءت أحداث التمرد الأخيرة في روسيا، لتثير تساؤلات بشأن مدى استقرار النظام الروسي وعلاقاته الخارجية مع الدول التي أيدته في وجه العقوبات الغربية التي فرضت عليه في أعقاب الحرب الأوكرانية.

وسيطرت قوات "فاغنر" على مقار عسكرية في جنوب البلاد قبل التوجه نحو موسكو، إلا أن التمرد الذي يعد من أخطر الأزمات التي واجهتها روسيا خلال حكم بوتين توقف بعد صفقة تضمنت مغادرة قائد "فاغنر"، يغيني بريغوجين، إلى بيلاروس المجاورة.

لكن التمرد كشف وجود انقسامات عميقة سببتها حرب بوتين في أوكرانيا، وجعل الغموض الذي اكتنف تطورات الأحداث كلا من الحكومات الصديقة والمعادية لموسكو، على حد سواء، تبحث عن إجابات لما يمكن أن يحدث بعد ذلك في دولة لديها أكبر ترسانة نووية في العالم، وفق رويترز.

وجاء في تحليل نشرته مجلة فورين أفيرز أن "الدرس الأكثر أهمية" للتمرد يكمن في فشل جهاز الأمن الفيدرالي الروسي" بعدم الاستعداد للأزمة التي حصلت، وعدم منعها من الحصول بشكل "مسبق".

وقالت صحيفة واشنطن بوست إن بريغوجين كان ينظر إليه قبل التمرد باعتباره منافسا محتملا للرئيس الروسي في المستقبل بسبب ارتفاع شعبيته، وهو أمر غير معتاد للغاية في روسيا، باعتباره شخصية غير سياسية ولم يتقلد أي منصب حكومي من قبل.

وانخفضت نسبة التأييد له بشكل حاد بعد التمرد، لكن الأرقام ظلت عند 29 في المئة، وهي نسبة عالية جدا بالنسبة لنظام لا يتسامح مع أي معارضة، وفق الصحيفة.

ومع مساعي الكرملين للسيطرة على مقاتلي المجموعة بعد انتهاء التمرد، أثيرت مخاوف أمنية في مناطق من الشرق الأوسط وأفريقيا، بعد مغادرة عدد من مقاتلي المجموعة منطقة غنية بالماس في جمهورية أفريقيا الوسطى، وهو ما يخشى السكان المحليون أن يؤدي إلى سيطرة المتمردين على المناطق التي هجروها.

وفي الوقت نفسه، أثارت السيطرة الروسية الفوضوية على قوات المرتزقة في سوريا قلقا بين المسؤولين السوريين الذين يخشون أن تكون حقول النفط والغاز الرئيسية عرضة لهجمات أعدائهم.

يثير سعي الكرملين للسيطرة على جماعة المرتزقة فاغنر مخاوف أمنية في أجزاء من الشرق الأوسط وأفريقيا، على الرغم من تأكيدات المجموعة بأن دور روسيا في هذه المناطق المضطربة لن يتأثر بمحاولة الانقلاب، وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال.

ويعتبر المحلل السياسي الروسي المقيم في موسكو، فيتشيسلاف موتازوف، في تصريحات لموقع الحرة أن ما حدث ليس "تمردا" وإنما خلافات بين قائد "فاغنر" ووزير الدفاع الروسي، وبالتالي لا يوجد تأثير على العلاقة بين موسكو ودول المجلس.

وقال إن اللقاء الوزاري بين الجانبين الروسي والخليجي لا يحمل تغييرات في مسألة العلاقات التي تطورت بالفعل على مر السنين، مشيرا إلى أن الجانبين يتفقان على مواقف أساسية.

ويوضح في هذا الصدد أن موسكو أعلنت ترحيبها بالمصالحة التي تمت بين إيران والسعودية ومحاولات تسوية النزاعات بينهما.

من جانبه، يرى المحلل السياسي الإماراتي، عبد الخالق عبدالله، أن روسيا من الدول "المهمة جدا" لدول الخليج على أكثر من مستوى بصرف النظر عن الأحداث الإقليمية وتمرد "فاغنر" وحتى الحرب الأوكرانية، معتبرا أن الشركة الاستراتيجية ستظل قوية وحتمية وهناك رغبة مشتركة من الجانبين لتقوية العلاقات.

وفي أكتوبر الماضي، زار الرئيس الإماراتي، الشيخ محمد بن زايد، روسيا في محاولة من الإمارات لاستثمار علاقة الصداقة من أجل إقناع الرئيس الروسي، فلادمير بوتين "بوقف هذا الانزلاق نحو مواجهة نووية مروعة"، وفق تصريحات سابقة للمحلل الإماراتي، عبد الخالق عبد الله، لموقع الحرة.

وقالت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية إن الزيارة تأتي "في إطار سعي دولة الإمارات المستمر للإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة والعالم، وتعزيز التعاون المثمر والبناء مع القوى الإقليمية والدولية، والتواصل مع كافة الأطراف المعنية في الأزمة بأوكرانيا للمساعدة في التوصل إلى حلول سياسية فاعلة".

ولا يعتقد المحلل الروسي أن اللقاءات والمواقف الروسية الخليجية تؤثر بشكل مباشر على مجريات الحرب الروسية، مؤكدا أن هذا الصراع أميركي روسي، وليس له علاقة بأي دول تريد إيجاد حل سياسي.

 

ويشير عبدالله في تصريحات لموقع الحرة، الاثنين، إلى أن هناك العديد من المواقف المشتركة بين الجانبين الروسي والخليجي وكذلك هناك بعض التحفظات الخليجية على حرب أوكرانيا، مشيرا إلى أن دول الخليج وقعت على البيان الذي أكد على استقلالية وسيادة أوكرانيا.

وعدا ذلك، يقول عبدالله، فإن روسيا "شريك هام جدا لدول الخليج، خاصة على الصعيد الاستثماري والنفطي".

ويشير إلى أن هناك احتياجات تنموية في روسيا، يمكن لدول الخليج المساهمة في تلبيتها، من خلال الاستثمارات التي ستخلق فرصا واعدة في روسيا، تماما كما ترى فرصا واعدة في أوكرانيا.

ووصل حجم التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون وروسيا إلى 7.6 مليار دولار في آخر إحصائية لعام 2021، وفق موقع مجلس التعاون الخليجي.

شارك الخبر: