في أحدث التطورات العسكرية، وصلت ضربات الطائرات المسيرة إلى مدينة الدامر عاصمة ولاية نهر النيل بشمال السودان، في حين لا يزال الجدل مستمرا بشأن الجهة التي تطلق تلك المسيرات.
وبينما يتهم الجش السوداني قوات الدعم السريع بإطلاق تلك الطائرات المسيرة، تصر الأخيرة على عدم وجود أي علاقة لها بالهجمات.
ووفق وسائل إعلام محلية، بينها موقع "سودان تربيون" الإخباري، استهدفت طائرتان هجوميتان، مساء الاثنين، مقرات حكومية بمدينة الدامر بشمال السودان، بينما استهدفت طائرة مسيرة ثالثة مقرا للجيش في ربك بولاية النيل الأبيض بجنوب السودان.
وأكد بيان صدر عن لجنة الأمن بولاية نهر النيل، الثلاثاء، أن الهجوم طال مبنى إدارة الحكم المحلي، دون حدوث إصابات أو خسائر بشرية، مشيرا إلى أن الهجوم أدى لحريق محدود في المبنى، تمت السيطرة عليه.
واتهم البيان قوات الدعم السريع بإطلاق المسيرات، قائلا إن "الهجوم يثبت استمرارها في نهج العدوان والإرهاب، الذي لن تجني من ورائه سوى الهزيمة الساحقة، بعزيمة القوات النظامية والمقاومة الشعبية ووحدة الشعب السوداني وصلابته".
ويرى الخبير الاستراتيحي، اللواء متقاعد، أمين مجذوب، أن "الطائرات المسيرة مصدرها قوات الدعم السريع"، مشيرا إلى أن اتجاهها لإطلاق المسيرات على مدن بشمال السودان، "يوضح أنها قد لا تستطيع الوصول إليها بقوات برية".
وقال مجذوب لموقع الحرة، إن "الطائرات المسيرة المستخدمة في الهجمات على بعض المدن السودانية يمكنها الانطلاق من مسافة قد تصل إلى أكثر من 10 كيلومتر".
ولفت إلى أن هذا الهجوم يعد الخامس على مدن بولاية نهر النيل بشمال السودان، "مما يعني أن قوات الدعم السريع لا تركز حاليا على الهجوم على تلك المناطق، وأن تركيزها ينصب على الهجوم على مدن وسط السودان".
وأشار الخبير الاستراتيجي إلى أن قوات الدعم السريع تهدف من تلك الهجمات إثبات وجودها، تحت شعار "أنا اقصف إذا أنا موجود".
وأضاف "تسعى قوات الدعم السريع من خلال هجمات الطائرات المسيرة لإحداث نوع من التشويش والزخم الإعلامي الذي يصورها على أنها قادرة على التأثير في مناطق بعيدة عن دائرة القتال".
وكانت طائرات مسيرة استهدفت في 23 أبريل الماضي، مقرا الجيش السوداني في مدينة شندي بولاية نهر النيل بشمال السودان.
وقبلها بأيام، تحديدا في 9 أبريل، قصفت طائرات مسيرة، مقر جهاز الأمن والمخابرات بمدينة القضارف بشرق السودان، كما تعرض مقر الفرقة الثانية للجيش بمنطقة الفاو للقصف في ذات التوقيت.
وفي الثاني من أبريل، قُتل 12 شخصا وأصيب 30 آخرون بجروح في هجوم بطائرة مسيرة بمدينة عطبرة، بشمال السودان، حين استهدف الهجوم إفطارا رمضانيا أقامته "كتيبة البراء بن مالك" التي تقاتل إلى جانب الجيش.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الطائرات المسيرة التي استهدفت تلك المدن.
وفي المقابل، يرى المحلل السياسي، عمار صديق إسماعيل، أن هجمات الطائرات المسيرة، خاصة في مدن شمال السودان، تندرج ضمن أدوات الصراع والخلافات بين قادة الجيش وعناصر نظام الرئيس السابق، عمر البشير".
وقال إسماعيل لموقع الحرة، "كلما برز خلاف بين قادة الجيش من جهة، وبين كتيبة البراء بن مالك وقادة الحركة الإسلامية والنظام السابق من جهة أخرى، كلما ظهرت هجمات الطائرات المسيرة على بعض المدن الآمنة".
وأشار إلى أن "ظهور تلك الهجمات يرتبط أيضا مع التحركات الساعية أو الهادفة إلى استئناف التفاوض بين الجيش وقوات الدعم السريع"، مضيفا أن "المستفيد الأول من هجمات الطائرات المسيرة عناصر النظام السابق الذين يخططون لعرقلة التفاوض".
ولفت المحلل السياسي إلى أن "الهجمات في المناطق الآمنة تهدف لخلق رأي عام شعبي يرفض التفاوض مع قوات الدعم السريع، بزعم أنها من تطلق الطائرات المسيرة".
وكان مستشار قائد قوات الدعم السريع، الباشا طبيق، قال لموقع الحرة، في وقت سابق، إن "عمليات القصف بالطائرات المسيرة يقف خلفها قادة بالجيش يخططون للتخلص من كتائب النظام السابق التي تقاتل إلى جانبهم".
وبدوره، يؤكد مجذوب أن هجمات الطائرات المسيرة مصدرها قوات الدعم السريع، قائلا إن "هذا الأمر لا يحتاج إلى تحقيق أو تقصي".
وأضاف "قوات الدعم السريع تُنكر علاقتها بهجمات الطائرات المسيرة لأن تلك عادتها، إذ تعوّدنا منها ارتكاب الانتهاكات الواسعة ثم إنكارها".
ونفى الخبير الاستراتيجي أي علاقة للجيش السوداني بهجمات الطائرات المسيرة على المدن السودانية، التي تقع خارج نطاق المعارك.
وأضاف "من خلال معرفتي اللصيقة، يمكنني نفي مزاعم قوات الدعم السريع، بتورط الجيش في تلك الهجمات، لأنه لا مصلحة للجيش في إحداث أي توترات في مناطق آمنة تقع تحت سيطرته".
من جانبه، يختلف إسماعيل مع مجذوب، منوها إلى أن مُطلق الطائرات المسيرة يحتاج لأن يكون على مسافة 5 كيلومترات من الهدف، قائلا إن "اتهام الدعم السريع بإطلاق تلك المسيرات، يفنده عدم وجود تلك القوات بالقرب من المدن المستهدفة".
وأضاف "مدن شمال السودان تبعد نسبيا عن مكان وجود قوات الدعم السريع، مما يعني أنها بريئة من إطلاق تلك المسيرات"، لافتا إلى أن كثيرين يعتبرون أن هجمات الطائرات المسيرة إحدى الأدوات المستخدمة في الخلافات بين الجيش وكتائب النظام السابق".ودعت الولايات المتحدة، الثلاثاء الماضي، الجيش وقوات الدعم السريع إلى محادثات سلام في 14 أغسطس المقبل في سويسرا بهدف إنهاء النزاع في السودان.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان إن المحادثات، التي ترعاها أيضا السعودية، ستضم الاتحاد الأفريقي ومصر والإمارات والأمم المتحدة بصفة مراقب.
وأجبرت الحرب أكثر من 11 مليون شخص على النزوح داخل السودان وعبر الحدود، وفقا للأمم المتحدة، كما دمرت البنية التحتية، ودفعت البلاد إلى حافة المجاعة.
وذكر تقرير رعته الأمم المتحدة، نشر في نهاية يونيو، أن نحو 26 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكان السودان، يواجهون "انعداما حادا للأمن الغذائي".